(آدم وحواء هما أبوا البشرية جمعاء)
اقتباسات من كتاب "علمني أبي..مع آدم من الطين إلى الطين" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة: السادسة
صفر 1444ه/ سبتمبر 2022م
صلتي بأبنائي الأيتام مجهولي الأبوين مجهولي النسب قديمة جدًّا، وأعتز أن بعض النابغين والمتفوقين منهم كانوا كثيري المرور على بيتي والاحتكاك بأسرتي، وكان هذا سبب بركة وفضل من الله علينا..
الشعور الأكبر عندهم هو هاجس: مَنْ أنا؟ كيف جئتُ؟ أين وجدت؟ ليتني أرى أمي.. ليتني أعرف أبي.
كنتُ أداوي هذا الشعور المُلِحّ بتذكيرهم أن الله رب الجميع، وكافلهم، وحبيبهم، ورازقهم، وسامع نجواهم، وقابل شكواهم..
وجدتُه دواء جميلًا، ولكنه بعيد المنال لكثيرين غارقين في تفصيلات يومهم وماديات حياتهم، بعيدين عن مصادر التوجيه المثالية الدائمة.
في معظم بلاد العالم توجد مقررات ومناهج خاصة مصنوعة بعناية لتلك الشريحة المتزايدة من أبناء المجتمع وبناته.
حين درجتُ في القراءة عن آدم كان أول استثمار هو الحديث إليهم عن والدهم الأكبر وأمهم السيدة الأولى، وما يضر أَلَّا تعرف أباك ما دمت تعرف جدّك.. وما من أحد من البشر إلا ويجهل بعض مراحل نسبه، أيتام العالم في كفالة آدم وأبوّته، وهم سلسلته الممتدة، وأسرته الواسعة، وذريته القائمة إلى قيام الساعة.
وجدتُ العزو إلى آدم أكثر واقعية، وأقرب تناولًا، وأسهل تداولًا، وهو لا يغني عن ربط العبد بربه الحي الذي لا يموت.
ومَن سرد نسبه إلى آدم فقد أخطأ، فما من أحد إِلَّا وفي سلسلة نسبه مناطق غائمة وأخرى مجهولة، ولا بد.
وقل نسب إِلَّا ويعتريه حالة غموض، وفي مقطع: (رحلة الدي إن إيه The DNA Journey) تجربة رائعة موثَّقة في اليوتيوب تمثِّل درسًا لمَن يسكر بخمرة الغرور بالانتساب لشعب أو قبيلة أو أب، حيث أحضروا مجموعة من المعتزِّين بانتمائهم لشعب أو عِرْق، وأجروا لهم تحليلًا، وبعد أسبوعين صدموهم بالنتيجة، فقد تبيَّن أنهم جميعًا ينتسبون إلى عِرْق آخر غير الذي كانوا ينتسبون إليه!
وقد كره مالك وجماعة من أهل العلم الاسترسال في سرد النسب إلى الآباء الأقدمين؛ لأنه من باب الظن والتخرُّص، وكان بعض العلماء يقول:كذب النَّسَّابون ولو صدقوا.. لأن ما لا يعلمه إلا الله من السنوات يفصلنا عن آدم، وفيها أزمنة مجهولة مظلمة لا يعرفها الناس ولا يحكيها التاريخ بوضوح.. وما قبل نوح عليه السلام تاريخ غامض لا يكاد يعلم الناس عنه إلا القليل..
يختلف الناس في حكاية أصولهم وأنسابهم، وبعضهم يفتخر بنسبه، وبعضهم يمرِّره بإغماض وبوده أَلَّا يسأله أحد عنه، ولكنهم مجمعون على أنهم من سلالة (الطين) وأبناء (الماء المهين)!
﴿كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾.
آدم وحواء كانا بلا أب ولا أم، وهما أبوا البشرية جمعاء، كان أبوهما الطين والتراب والأرض، لو صنع آدم شجرته التاريخية لكانت:
الماء /التُّرَاب
الطِّين
الطِّين اللَّازِب
الحَمَإ المَسْنُون
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب علمني أبي للشيخ سلمان العودة، صص 35-37
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: