السؤال:
أرجو توضيح موضوع رفع اليد في الصلاة
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فرفع اليدين في الصلاة مسنون في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند التكبير للركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام للركعة الثالثة، وصفة الرفع كما ورد في الأحاديث مختلفة، من ذلك ما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا» وأخرجه الترمذي أيضا بهذا اللفظ وبلفظ «كان إذا كبر للصلاة نشر أصابعه» وعن وائل بن حجر رضي الله عنه «أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه مع التكبيرة» رواه أحمد وأبو داود، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا بحذو منكبيه ثم يكبر فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد» متفق عليه، وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال « رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه» رواه أبو داود والدارقطني
فالحاصل من مجموع هذه الروايات أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه أو حذو أذنيه، وجمع بعض العلماء بين الروايتين بما ثبت عند أبي داود من رواية وائل بن حجر رضي الله عنه قال «حتى كانتا حيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه» وأخرج الحاكم في المستدرك والدارقطني من طريق عاصم الأحول عن أنس رضي الله عنه قال «رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كبر فحاذى بإبهاميه أذنيه» وأخرج أبو داود أيضا عن البراء رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه» وفي حديث وائل عند أبي داود أنه رأى الصحابة يرفعون أيديهم إلى صدورهم.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى: والأحاديث الصحيحة وردت بأنه صلى الله عليه وآله وسلم رفع يديه إلى حذو منكبيه وغيرها لا يخلو عن مقال إلا حديث مالك بن الحويرث؛ ففي الصحيحين عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا رفع رأسه من الركوع فقال سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك» رواه أحمد ومسلم وفي لفظ لهما «حتى يحاذي بهما فروع أذنيه»
وقد اختلف في الحكمة في رفع اليدين؛ فقال الشافعي: هو إعظام لله تعالى وإتباع لرسوله. وقيل: استكانة واستسلام وانقياد وكان الأسير إذا غلب مد يديه علامة لاستسلامه. وقيل: هو إشارة إلى استعظام ما دخل فيه. وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على صلاته ومناجاته ربه كما تضمن ذلك قوله الله أكبر فيطابق فعله قوله. وقيل: إشارة إلى تمام القيام. وقيل: إلى رفع الحجاب بينه وبين المعبود. وقيل: ليستقبل بجميع بدنه. وقيل: ليراه الأصم ويسمعه الأعمى. وقيل: إشارة إلى دخوله في الصلاة وهذا يختص بالرفع لتكبيرة الإحرام. وقيل: لأن الرفع نفي صفة الكبرياء عن غير الله والتكبير إثبات ذلك له عز وجل والنفي سابق على الإثبات كما في كلمة الشهادة. وقيل غير ذلك. قال النووي: وفي أكثرها نظر.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى: واعلم أن هذه السنة تشترك فيها الرجال والنساء ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما فيها وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في مقدار الرفع . وروي عن الحنفية أن الرجل يرفع إلى الأذنين والمرأة إلى المنكبين لأنه أستر لها ولا دليل على ذلك كما عرفت.
أجاب عن السؤال فضيلة الدكتور عبد الحي يوسف
أستاذ الشريعة في الجامعة الإفريقية العالمية في السودان