الإثنين

1445-11-12

|

2024-5-20

(تولية العهد لعبد الملك ووفاة مروان بن الحكم)

الحلقة: 61

بقلم: د. علي محمد الصلابي

جمادى الآخرة 1443 ه/ يناير 2022م

ختم مروان بن الحكم أعماله بعقد البيعة لولديه عبد الملك بن مروان وعبد العزيز بن مروان مجسداً لمبدأ التوريث، وكان ذلك قبل وفاته بأقل من شهرين، وبعد نجاحه بإعادة مصر إلى الحكم الأموي بدأ مروان بالتخطيط لاستبعاد خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد الأشدق من ولاية العهد الذي قرر في مؤتمر الجابية، فتزوج أم خالد بن يزيد، وعمل للحصول على موافقة حسان ابن مالك بن بحدل الكلبي بتولية العهد لولديه، وإبعاد خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد الأشدق، فوافقه حسان على ذلك سنة (65هـ)، وجمع حسان الناس، وخطبهم، فبايع الجميع لعبد الملك ثم لعبد العزيز، ولم يتخلف أحد.

ويعتبر بعض المؤرخين أن من أهم أعمال مروان بن الحكم تولية ولديه ولاية العهد؛ وذلك لحفظ الخلافة في البيت المرواني من جهة، ولوضع حد التنافس على الخلافة بين بني أمية من جهة ثانية، ولتفادي المشاكل التي ربما تحدث بشأن الخلافة، كما حدثت بعد موت معاوية الثاني.

والملاحظ: أن مروان بن الحكم نقض بعض مقررات مؤتمر الجابية المتعلقة بولاية العهد، ولم يلتزم بعهوده، وكان راغباً في حصر الخلافة في أبنائه، فاثر إسقاط وعوده ونقضها على المحافظة على طموحاته ورغباته، وأوجد معادلة فيها مطامع ومصالح مشتركة مع المعارضين له ؛ مما جعلهم يستجيبون لدعوته إلى تولية أبنائه ولاية العهد من بعده، فقد عمل على إهانة خالد بن يزيد أمام الاخرين بغية تحجيمه، وأعطاه صورة للناس بعدم صلاحياته للخلافة، ثم خطا خطوة تالية، فأخذ البيعة لولديه عبد الملك وعبد العزيز في بداية سنة (65هـ).

لقد استطاع مروان بدهائه، ومكره، وجهوده المتوالية الخروج بأزمة الحكم الأموي من حالة الضياع إلى مركز الصدارة والقيادة، وهذا لم يكن حدثاً عادياً محدود التأثير، وإنما هو عودة جديدة للحكم بعد تثبيته في الشام ومصر من جهة، وتجريد السفيانيين من الخلافة وتحويلها إلى المروانيين من جهة ثانية، ولم يكن ثمة ما يحول دون استمرار التقدم عند ابنه عبد الملك لنزع الخلافة من الخليفة الشرعي عبد الله بن الزبير، ثم يتفرغ للقيام بالعديد من الإصلاحات التي جعلته المؤسس والمجدد الحقيقي لمؤسسات الدولة الأموية، وتعميق الحكم العضوض بها، مع وجود بعض الحسنات التي لا تنكر للملك الأموي الجديد.

توفي مروان بن الحكم بدمشق لثلاث خلون من شهر رمضان سنة (65هـ) وهو ابن ثلاث وستين سنة، وصلى عليه ابنه عبد الملك، وكانت مدة حكمه تسعة أشهر وثمانية عشر يوماً، ودفن بين الجابية وباب الصغير، وكان اخر ما تكلم به مروان: وجبت الجنة لمن خاف النار، وكان نقش خاتمه: العزة لله، وفي رواية: آمنت بالله العزيز الرحيم.

يمكنكم تحميل كتاب التداول على السلطة التنفيذية من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://alsallabi.com/uploads/file/doc/16.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022