الإثنين

1445-11-12

|

2024-5-20

من القصص القرآنية

قصة كليم الله موسى (عليه السلام) وفرعون

 

١. نبوة موسى (عليه السّلام) وإرساله إلى بني إسرائيل

أرسل الله (عزّ وجلّ) نبيّه موسى (عليه السّلام) إلى بني إسرائيل ومن كان في عصرهم من الأمم، يدعوهم إلى الإيمان بالله وحده، وبيّن له منهاج الدّعوة وأسلوبها، فقال تعالى: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى*وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى). [النازعات: 17-19]

وقد أظهر الله على يد موسى (عليه السّلام) تسع آيات بيّنات إلى فرعون وقومه، فقال تعالى: (وَلَقَد آتَينا موسى تِسعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَاسأَل بَني إِسرائيلَ إِذ جاءَهُم فَقالَ لَهُ فِرعَونُ إِنّي لَأَظُنُّكَ يا موسى مَسحورًا). [الإسراء: 101] ونذكر هذه الآيات فيما يأتي:

▪ العصا، فقال تعالى: (فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ). [الشعراء:45]

▪ ضع يده في جيبه وإخراجها فإذا هي بيضاء من غير سوء، قال تعالى: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ). [النمل:12]

▪ نقص الأموال والأنفس والثمرات، والجدب الذي أصاب الله به قوم فرعون، قال تعالى: (وَلَقَد أَخَذنا آلَ فِرعَونَ بِالسِّنينَ وَنَقصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ). [الأعراف:130]

▪ ما ذكره الله بقوله تعالى: (فَأَرسَلنا عَلَيهِمُ الطّوفانَ وَالجَرادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ). [الأعراف:133]

٢. دعوة موسى (عليه السلام) لفرعون

أرسل الله موسى وأخيه هارون (عليهما السّلام) إلى فرعون، فخافا أن يظلمهما ويتجبّر بهما ويعاقبهما، فطمأنهما الله أنّه معهما يُعينهما وينصرهما، وأمرهما أن يأتيا فرعون ويقولا إنّا رسولا ربّك، فأرسل معنا بني إسرائيل، وعرض عليه موسى معجزته، فأدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي بيضاء، لكنّ فرعون أخذ يجادلهما ويُنكر رسالتهما ودعوتهما، وسألهما عن ربّهما، وعن الأقوام السّابقة، فلمّا علما منه عدم الاستجابة أخبراه بالعذاب الدنيويّ والأخرويّ الذي سيحل على من كذّب وتولّى.

٣. ماذا حصل بين موسى والسَّحرة؟

جمع فرعون سحرته وأخبرهم بالتحدّي، فقال لهم موسى (عليه السّلام): (وَيلَكُم لا تَفتَروا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسحِتَكُم بِعَذابٍ وَقَد خابَ مَنِ افتَرى)، لكنّهم اجتمعوا على موسى وأرادوا أن يتحدّوه، فطلب منهم موسى أن يُلقوا ما بأيديهم، فلمّا ألقوا حبالهم وعصيهم خُيل للناس من سحرهم وحيلهم أنّها تسعى، فوقع الخوف في صدر موسى، فأوحى له الله تعالى ألّا يخاف، وأن يُلقي عصاه، فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى بل وابتلعت حبالهم، فما كان من السّحرة إلّا أنّ آمنوا مع موسى (عليه السّلام).

٤. ماذا فعل فرعون بالسحرة؟

كان إيمان السّحرة بدعوة فرعون إيماناً قويّاً راسخاً، لن يُغيّره تهديد فرعون وتخويفه لهم، والذي اتّهمهم بالاتّفاق مع موسى (عليه السّلام)، فلمّا رأى منهم التّمسك والإصرار توعّدهم بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، والقتل والصلب في جذوع النّخل، فلم يهتموا بما توعّدهم، قال تعالى: (قالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبلَ أَن آذَنَ لَكُم إِنَّ هـذا لَمَكرٌ مَكَرتُموهُ فِي المَدينَةِ لِتُخرِجوا مِنها أَهلَها فَسَوفَ تَعلَمونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيدِيَكُم وَأَرجُلَكُم مِن خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُم أَجمَعينَ). [الأعراف: 123]

٥. خروج موسى ببني إسرائيل:

توعّد فرعون وحاشيته لموسى (عليه السّلام) وقومه بالعذاب، فكان التّهديد بقتل بني إسرائيل واستحياء نسائهم، فلمّا سمعوا بذلك خافوا، فطمئنهم موسى وأمرهم بالاستعانة بالله والصّبر على ما أصابهم، وأذن الله تعالى لموسى بالخروج بهم من أرض مصر ليلاً، فخرج بقومه متوجّهاً ناحية البحر، فلمّا وصل البحر أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فانفلق حتى صار يبساً فسار بداخله هو ومن معه.

٦. غرق فرعون:

علم فرعون بخروج موسى (عليه السّلام) مع القوم، فجمع جيشه ولحق بهم، حتى إذا صار وقومه في نصف البحر أطبق البحر عليهم فأغرقهم جميعاً، فقال وهو في الماء ما جاء الآية الكريمة: (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المُسلِمينَ)، [يونس:90] لكنّ الله أغرقه وجنوده أمام موسى ومن آمن معه.

٧. العبرة من قصة موسى وفرعون:

شاءت إرادة الله واقتضت سنّته في خلقه أن ينصر عباده الذين آمنوا به، ويُهلك أعداءه الذي كفروا وتجّبرواً وطغوا في الأرض، وهذا هو ميزان الله العادل الذي يُعامل به خلقه منذ أن خلق آدم (عليه السّلام) إلى يوم القيامة، لا يختلف هذا الميزان ما بين جيل وجيل على مرّ الأزمان، وعندما طغى فرعون وبطش وتجبّر ونشر الفساد في الأرض، كان مصيره الهلاك، ونصر الله عباده المستضعفين في الأرض وأنعم عليهم بالنّعم الكثيرة.

 

المراجع:

1. موسى كليم الله، علي محمد الصلابي، (دار الأصالة)، الطبعة الأولى، ص297 - 808.

2. الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام، شمس الدين القرطبي، القاهرة: دار التراث العربي، صفحة 462.

3. المعجزة الكبرى القرآن، محمد أبو زهرة، القاهرة: دار الفكر العربي، ص289.

3. التفسير الواضح، محمد حجازي، بيروت: دار الجيل الجديد، (الطبعة 10)، ص490-491.

4. التفسير القرآني للقرآن، عبد الكريم الخطيب، القاهرة: دار الفكر العربي، ص 803-805.

5. التفسير الوسيط، وهبة الزحيلي، دمشق: دار الفكر، (الطبعة 1)، صفحة 706، جزء 1.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022