إضاءات قرآنية؛ سورة الأعراف ..
(تسميتها، ونزولها، وفضلها)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
سورة الأعراف سورةٌ مكيّة ، وهي من السور الطوال، ويبلغ عدد آياتها مئتين وستة آيات، رقمها السابعة في ترتيب المصحف، وقد نزلت بعد سورة ص، وترتيبها في المصحف السابعة، ونزلت سورة الأعراف في السنة العاشرة من البعثة في الفترة الزمنية الواقعة بين الهجرة إلى الحبشة وحادثة الإسراء والمعراج. وقد سمّاها الله تعالى بسورة الأعراف، وعُرفت بين الصحابة (رضي الله عنهم) بهذا الاسم. (الفيروز آبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، ج 1 ص 203)
تسمية سورة الأعراف:
سميت سورة الأعراف بهذا الاسم لاحتوائها على لفظ الاعراف، وذلك في قوله تعالى: {وَبَينَهُما حِجابٌ وَعَلَى الأَعرافِ رِجالٌ يَعرِفونَ كُلًّا بِسيماهُم}. ولحديثها أيضاً عن حال أهل الأعراف في الآخرة بذكر لفظ الأعراف (ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 8 ص5). وفي بيان الأعراف قال ابن جرير الطبري: "هم قومٌ استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة وتخلّفت بهم حسناتهم عن دخول النار فوقفوا هنالك على السور حتى يقضي الله بينهم". (تفسير الطبري، ج3 ص441)
أسباب نزول آيات الأعراف:
ورد في كتب التفسير العديد من أسباب النزول لسورة الأعراف، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:
- الآية الواحدة والثلاثون: قول الله تعالى: {يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ}، ذكر ابن عباس (رضي الله عنهما) أن سبب نزول الآية الكريمة يرجع إلى أنّ أُناساً من الأعراب في الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت الحرام وهم عُراة، وكانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة وتضع على فرجها خرقة، وتقول: "اليوم يبدو بعضه أو كلّهُ * وما بدا منه فلا أُحلُّهُ"، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة ليأمرهم بلبس الثياب، ورُوي أن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون الدّسم، ولا يأكلون من الطعام إلا القوت في أيام حجّهم، ويفعلون ذلك تعظيماً لحجّهم، فقال المسلمون: "يا رسول الله نحن أحق بذلك منهم"، فنزل قول الله تعالى: (وَكُلوا وَاشرَبوا) أي كلوا الدّسم واللحم. (خالد المزيني، المحرر في أسباب نزول القرآن صفحة 541، جزء 1)
- الآية مئة وخمسة وسبعون: قول الله تعالى: {وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ الَّذي آتَيناهُ آياتِنا فَانسَلَخَ مِنها فَأَتبَعَهُ الشَّيطانُ فَكانَ مِنَ الغاوينَ}، ذهب ابن عباس وابن مسعود (رضي الله عنهما) إلى أن الآية الكريمة نزلت في رجلٍ من بني إسرائيل يقال له "بلعم بن باعورا"، وقيل إنه كان يعرف اسم الله الأعظم، ولما بُعث فيهم موسى (عليه السلام)، أتاه قومه وطلبوا منه أن يدعُ الله بأن يردّ عنهم موسى (عليه السلام)، لأنهم يخشون أن يظهر عليهم ويهلكهم بما معه من الجنود، فقال لهم: "إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي"، ولكنهم ألحّوا عليه إلى أن دعا الله كما أرادوا، فسلخه الله تعالى مما كان عليه. (الواحدي، التفسير البسيط، سورة الأعراف ج9)
فضل سورة الأعراف:
تُعد سورة الأعراف من السور السبع الطوال في القرآن الكريم، فهي ثالث أطول سورةٍ بعد سورتيّ البقرة والنساء، وقد ورد في فضل سورة الأعراف عددٌ من الأحاديث، حيث رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال: (أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ) [رواه الألباني]، ورُوي عن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) عن رسول الله ﷺ أنه قال: (مَن أخَذَ السَّبعَ فهو حَبرٌ) [رواه شعيب الأرناؤوط]، يعني: بذلك السَّبعَ الطُّوَالَ منَ القُرْآنِ. (ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 8 ص5).
مواضيع سورة الأعراف:
هناك عِدَّة مواضيع تناولتها سورة الأعراف منها ما يأتي:
- تثبيت رسول الله ومؤازرته والتسلية عنه؛ لما واجهه من تكذيب الكافرين له.
- الحديث عن توحيد الله تعالى والبعث وعرض الأدلّة التي تُثبت ذلك. (محمد دروزة، التفسير الحديث، ج2 ص361)
- الحديث عن خلق الانسان، وذكر قِصة آدم (عليه السلام) ونزوله إلى الأرض.
- الحديث عن الميثاق الذي أخذه الله على عباده في قوله تعالى: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ). (صالح المغامسي، تأملات قرآنية، ص1)
المراجع:
- التحرير والتنوير، ابن عاشور تونس: الدار التونسية، صفحة 5، جزء 8.
- المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة، خالد المزيني، الدمام: دار ابن الجوزي، (الطبعة 1)، صفحة 541، جزء 1.
- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الفيروز آبادي، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، صفحة 203، جزء 1.
- تفسير الطبري، كتاب جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: عصام فارس الحرستاني، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى 1415 – 1994، ج3 ص441.
- تأملات قرآنية، صالح المغامسي، ص1.
- التفسير البسيط، سورة الأعراف، علي بن أحمد الواحدي، تحقيق: د. محمد بن منصورة الفايز، الرياض 1430ه، الناشر: جامعة محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى 1430ه، ج9.