أعمال الملائكة المتعلقة بالكون:
الحلقة: الثالثة عشر
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
شوال 1441 ه/ يونيو 2020
إنّ أعمال الملائكة ووظائفهم لا تقتصر على تلك الأعمال المتعلقة بالإنسان بل إنّهم يقومون بأعمال كثيرة تتصل بالكون وما فيه من أشياء وأحداث.
فمنهم من يحمل عرش الرحمن ومنهم الموكل بسوق السحاب إلى حيث يشاء الله ومنهم الموكل بالجبال إلى غير ذلك من الأعمال التي يقومون بها تنفيذاً لأقدار الله تعالى في الخلق.
يقول ابن القيم فكلُّ حركةٍ في السماوات والأرض من حركات الأفلاك والنجوم والشمس والقمر والرياح والسحاب والنبات والحيوان فهي ناشئةٌ عن الملائكة الموكلين بالسماوات والأرض كما قال تعالى {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا *} وقال تعالى {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا *} وهي الملائكةُ عند أهل الإيمان وأتباع الرسل عليهم السلام وأمّا المكذّبون بالرسل المنكرون للصانع فيقولون هي النجوم.
ولا يعني هذا أنَّ للملائكة فعلاً مستقلاً عن الله تعالى بل إنَّ الفعل فعل الله، والخلق خلقه وليس الملائكة شركاء لله في فعله وما يقومون به إنّما هو بعلم الله تعالى وإرادته عز وجل وقدرته فالقرانُ يخبرنا بأنَّ الملائكةَ يتوفون الناس ولكنَّ الله عز وجل منه الإحياء والإماتة والفعل كله.
ووفقاً لهذا ينبغي أن نعلمَ ونؤمنَ أنَّ الملائكةَ لا تملكُ للإنسانِ نفعاً ولا ضراً ومن ثَمَّ لا يجوزُ للإنسان أن يطلبَ منها ذلك أو يدعوها لجلب نفعٍ أو دفع ضر بل الدعاءُ والتوجّه والطلب لا يكون إلا لله وحده وقد أخبرنا القران الكريم بأنَّ الملائكةَ لا شفاعة لها إلا بإذن الله ورضاه إذ إنّ الخلقَ كله والفعل كله والأمر كله لله وحده قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى *} النجم: 26.
وقد يثار السؤال لماذا عَهِدَ الله إلى الملائكة بهذه المهمّات الجسيمة المتعددة مع أنَّ الله لا يعجز شيءٌ في الأرض ولا في السماء؟
وللإجابة على ذلك نقول إن ذلك ليس إلا مظهراً لسلطانِ اللهِ وعظيمِ ملكه وإظهاراً لقدرته المعنوية في مظهر حسي يتلائم مع تصور الإنسان والمألوف في حياته.
ومعلوم أنّ الله عز وجل الذي خلق هؤلاء الملائكة وأولاهم هذه الطاقة غيرُ محتاج إلى وساطتهم وسببيتهم في شيء ولكنْ شاء الله عزّ وجلّ أن يُظْهِرَ سلطانه وقوته لعباده بالشكل الذي ألفوه في حياتهم وتعودته أخيلتهم وأفكارهم كما يظهر هذا الخلُق من خلال الأسباب التي ربط الله بينها وبين المسببات.
وقد يقال أيضاً أليسَ في الإيمانِ بهذا الدور الذي تقومُ به الملائكةُ منافاةً لما يقوله العلم الحديث من وجود قوانين ونواميسَ كونيةٍ تضبِطُ هذا الوجود؟
وللإجابة على ذلك نقول إنّ هذه القوانين والأسباب هي من مخلوقاتِ الله تعالى والملائكةُ موكلةٌ بها أيضاً وموكلةٌ برعايتها كما ترى المخلوقات الأخرى.
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب :
الإيمان بالملائكة
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC170.pdf