أكد سياسيون وعلماء مهتمون بتطورات الوضع في ليبيا بأن استمرار الخلاف السياسي والصراع المسلح على الأرض بين الفرقاء الليبيين من شأنه فتح الباب أمام التدخلات الخارجية وتهديد أمن ووحدة البلاد.
فقد أثار الاجتماع الدولي حول ليبيا، الذي استضافه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في لندن مطلع الأسبوع الجاري جدلا وسط الليبيين بشأن مخرجات الحوار وما أطلق عليه اسم صندوق المجلس الإعلى للانفاق في ليبيا".
وقد حضر اللقاء إضافة إلى وزير الخارجية البريطاني نظيره الأمريكي جون كيري وشركاء دوليين من بينهم فرنسا وإيطاليا والإمارات و السعودية، ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير، والممثل الخاص للأمم المتحدة مارتن كوبلر.
وقد نفى نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني احمد معيتيق، اليوم الخميس، ما نشرته بعض وسائل الإعلام بشأن اقتراح تشكيل مجلس أعلى للإنفاق في ليبيا، أو تقديم طلب الاقتراض من صندوق النقد الدولي، أو أي مؤسسة دولية أخري.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن معيتيق، تأكيده اليوم الخميس، أنه تم الاتفاق خلال اجتماع لندن على مقترح لحلحلة الأزمة الاقتصادية في ليبيا، ومعالجة المسائل العاجلة التي تمس المواطن.
وأشار نائب رئيس المجلس الرئاسي، عزم المجلس تقديم مقترح قانون لمجلس النواب، بشأن قضية تتعلق بغسيل أموال، دون مزيد من التفاصيل.
كما تداولت مصادر إعلامية في الآونة الأخيرة أنباء غير مؤكدة عن إصابة قائد الأركان اللواء خليفة حفتر بجلطة دماغية، قيل بأنه نُقل على إثرها للعلاج خارج ليبيا.
وتأتي هذه التطورات بعد فشل محاولة لجمع الفرقاء الليبيين في اجتماع في ليبيا لبحث امكانية المصالحة بسبب رفض خليفة حفتر الحضور إلى تونس.
وعلى الأرض لا تزال قوات "البنيان المرصوص"، المدعومة من حكومة الوفاق الوطني، تخوض معاركها لطرد عناصر تنظيم الدولة في مدينة سرت.
في ظل هذه الأجواء وغياب أي خطوة سياسية فعلية يمكنها توحيد الليبيين، أعرب علماء دين في ليبيا عن خشيتهم من أن "وحدة الليبيين العقائدية" معرضة للتهديد بسبب ما قالوا إنه "مسعى إيراني لنشر التشيع في البلاد يستفيد من الفراغ السياسي المحلي".
وقال المفتي الليبي، الصادق الغرياني، "إن الإيرانيين بدأوا دخول ليبيا وهم خطر على عقيدتنا فلنحذرهم"، دون الكشف مظاهر لذلك التدخل أو وسائل له.
ودعا الغرياني خلال برنامج "الإسلام والحياة" بقناة "التناصح" التلفزيونية الليبية، أُذيع مساء أمس الأربعاء، "الثوار أن يعتبروا أنفسهم في بداية الثورة فينظموا صفوفهم ويشكلوا غرفة أمنية لحماية العاصمة طرابلس".
وأضاف الغرياني، في مداخلته، التي نقلتها أيضا صحيفة "بوابة الوسط" الليبية اليوم الخميس: "لا نطالب بمواجهة العدو بالسلاح مع عدم القدرة، لكن نقول خذوا حذركم؛ فالشيعة لهم مكر وخداع ويتسللون بخبث".
وأشار الغرياني إلى أن "الوطن في المدة الأخيرة أصبح مستباحًا استباحة كاملة، وكل دولة تريد أن تتدخل فيها بمخابراتها وقواعدها"، على حد تعبيره.
من جهته اعتبر عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الكاتب والباحث الليبي في شؤون الفكر الإسلامي الدكتور علي محمد الصلابي في حديث خاص مع "قدس برس"، أن "التشيع الإيراني خطر على وحدة ليبيا وعلى منطقة الشمال الإفريقي والعرب بشكل عام".
وجدد الصلابي "الدعوة إلى مصالحة وطنية لا تستثني أحدا والوصول إلى سلطة تشريعية وتنفيذية منتخبة من الليبيين مباشرة وليس عن طريق الفرض لا من كوبلر ولا من غيره من القوى الإقليمية أو الدولية".
وانتقد الصلابي ما وصفه بـ "تغليب غالبية قادة القوى السياسية الليبية لمصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة على مصالح الوطن، من حيث رفضهم السماح لليبيين بالاحتكام إلى صندوق الاقتراع، وانتخاب قيادة قوية لا تتصدى للمد الشيعي الإيراني فحسب، وإنما تؤسس لدولة بمؤسسات ديمقراطية حديثة"، على حد تعبيره.
يشار إلى أن معظم الدول الغربية والأمم المتحدة أجلت موظفيها العام الماضي من ليبيا خلال القتال بين الكتائب المتناحرة بعد أربع سنوات من الإطاحة بـمعمر القذافي.