الجمعة

1446-11-04

|

2025-5-2

من أبرز سمات وملامح العدل (البينية)

مختارات من كتاب العدالة من المنظور الإسلامي ...

بقلم: د. علي محمد الصلابي ...

الحلقة (11)

 

من ملامح العدل وأبرز سماته: البينية، روى الإمام البخاري في صحيحه: أن أبا بكر رضي الله عنه خطب يوم السقيفة، وكان مما قال يخاطب الآنصار: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً.

والوسطية المرادة هنا يظهر فيها معنى الخيرية جلياً لا لبس فيه، فأين البينية؟

فالبينية تتضح إذا علمنا ما امتازت به قريش من صفات أهلتها لأن تكون خير العرب، وهذه الصفات من الشجاعة والكرم والعدل وسائر الصفات الحميدة، هي في حقيقتها صفات اتصفوا بأفضلها دون إفراط أو تفريط، أو غلو أو جفاء. ولذلك فقد نالوا هذه المنزلة الرفيعة من كون العرب لا تدين إلاّ لهم، وما ذلك إلا لثقتهم في عدلهم من قبائل وأطراف متنافرة في أخلاقها، متباينة في طباعها، وذلك لخصيصة الوسطية فيهم، ويصدق فيهم قول زهير:

هم وسط يرضى الآنام بحكمهم​​إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم

والعدل هو سبب قبول حكمهم، والعدل فيه صفة البينية بين نوعي الظلم؛ ولذلك كان وسطياً.

وتأمل معنى ما قاله الشيخ محمد رشيد رضا: قالوا إن الوسط هو العدل والخيار، وذلك أن الزيادة على المطلوب في الأمر إفراط، والنقص عنه تفريط وتقصير، فالخيار هو الوسط بين طرفي الأمر، أي: المتوسط بينهما.

وقال الأستاذ محمد قطب: إن الوسطية هي التوازن، والتوازن هو العدل، حيث قال في قوله تعالى: َ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[ البقرة 143]. وسطاً في كل شيء متوازنين في كل ما تقومون به من نشاط.

وقال الدكتور عمر الأشقر: من المعضلات التي لم ينجح المشرعون من البشر في حلها التطرف في التشريع، فبعض القوانين تجنح إلى أقصى اليسار وبعض آخر يجنح إلى أقصى اليمين، وقلما يوفق وَاضِعو القوانين إلى التوسط والاعتدال.

وقال في موضع آخر: إذا نظرت إلى الشريعة وجدتها وسطاً في كل أحكامها، فأحكامها بين الغالي والجافي.

مراجع الحلقة:

- العدالة من منظور إسلامي، علي محمد الصلابي، دار المعرفة، بيروت، ص 30-32.

- تفسير الطبري (2/6).

- تفسير المنار (2/4).

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022