بسم الله الرحمن الرحيم.
على ضفاف أنوار التجديد
قراءة في موسوعة تاريخ صدر الإسلام لمؤرخ العصر علي الصلابي
بقلم:
أ.د. فضل بن عبد الله مراد
رئيس منصة الإفتاء اليمنية الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
مؤسس مشروع فقه العصر التجديدي.
الحمد لله رب العالمين بما يليق به من المحامد التي يرضاها ويحبها سبحانه بكل حمد حمده به النبيون والمرسلون والملائكة والصالحون وكل حمد يرضى به عنا وكتب لنا به الفوز في الدارين عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشة ومداد كلماته
وأصلي وأسلم على الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما تدومان بلا حد ولا عد.
دعوني اليوم أسافر في أسفار مؤرخ العصر الصلابي
مع التاريخ ومشكاة التجديد ومعالم أهم حقبة تاريخية للأمة وخيرها بالنص نعم إنها أسفار في أسفار التجديد
أبدأ ذلك بقوله سبحانه وتعالى: (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني )
هكذا تولى ربنا حماية عبده الضعيف بألطف جنده
إنه الحب .. ألطف شيء وأرقه تحول بأمر الله إلى ترسانة حماية ربانية
لأن الله أراد ذلك
وهو سبحانه يصنع ما يريد كيفما يريد في الوقت الذي يريد
ولتعرف مدى قوة هذه الحماية الربانية فعليك أن تتصور طفلا رضيعا ألقته أمه في اليم ذعرا من فرعون وجنوده الذي يبغون ذبحه.
لقد ساقه الله إلى قصر من يطارده متحديا وعطل كافة قرارات الطاغوت الصادرة ضده وصارت لا شيء.
لقد جاءه إلى داره متوشحا درعا ربانيا ألقاه ربه عليه من السماء فألبسه إياه.
(وألقيت عليك محبة مني ). ...
إنها صورة بلاغية كاشفة لرحمة ربانية ملقاة على عبده الضعيف الرضيع ليتحدى أعتى طواغيت الأرض في التاريخ، بل ويعيش معه حياته في أمان ودعة
لقد أرد الله ذلك فكان
ولقد أراد الله أن يصنعه على عينه فسخر له ألد أعدائه
وهذه اللفظة كافية في توفير إمكانات صناعة قائد عظيم من قواد البشرية.
ولو كان في قصر مفسد تاريخي.
لكن عين الله إذا صنعتك فلن تؤثر فيك مؤثرات البيئة ولا أفرادها مهما كانوا فسقا وفسادا.
إن الحب يشكل الحياة ويعيد صياغتها حين يشاء ربك إنه الحادي في مسالك الطريق ودروبه
إنه بوصلة الرؤية وسياج الحماية من الخلل والفتور والتراخي والتكاسل لطول الطريق وشواغل الحياة وعوارض الصعوبات.
لذلك يتجاوز الذين آمنوا كل العقبات التي تبدأ من الداخل من أعماق النفس ومن المحيط الشخصي والأسري والاجتماعي والسياسي العام.
يتجاوزون ذلك لأنهم كما وصفهم ربهم
(والذين آمنوا أشد حبا لله) ...
إن حب الله هو القوة الدافعة للذين ( تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون)
إنه الطاقة الربانية في كيان المجاهد ليجود بنفسه لله
وهو مشعل الهداية ومصباح الرؤية في قلب العالم الذي لا يكل ولا يمل
نعم إن حياة العالم مع التأليف والكتب والإفادة وحمل مشاعل النور إلى العالمين حتى الموت
وهذا ما عبر عنه أحمد بقوله مع المحبرة إلى المقبر’
والشافعي في قوله:
يسير معي العلم حيث استقلت ركائبه
وينزل إذ ينزل ويدفن في قبري
إن النص القرآني السابق يهمس لكل واحد منا : إن ربك إذا حماك وتولاك فلا تقلق ولا تخف، عش بأمان معه سبحانه.
وإذا قذف في قلبك حبه وحب أوليائه وحب العمل الصالح كنت على أوثق عرى الإيمان.
أقول:
لقد تذكرت هذه الآيات وأنا أبحر في هذه الموسوعة المباركة
التي بدأت قبل أكثر من ربع قرن من الآن
فقلت: إن الله سبحانه إذا أراد شيئا وفق العبد له وأرسل له من جنده ما لا يعلمه إلا هو
والتعلق والحب والشغف من هذه الجنود الربانية.
حينما يتسمر العالِم في مكتبته لا يشعر بالعالَم ولا يحس بالتعب ليخرج للعالمين نورا يضيء إلى يوم القيامة يهدي الحيارى ويمير الظمأى
ويكون معلما للضاعنين حلا وترحالا ...
إنه حب يقذفه الله في قلب من يشاء وهو جندي من جنوده سبحانه يعين به من يشاء من خلقه
وهو توفيق من الله للعبد ليعيش في طاعته.
لقد رأيت ذلك الجندي عيانا في صديقي علي الصلابي إنه الحب العلمي في أبهى صوره
إن شغف العلم والتأليف والإفادة إذا قذفه في القلب فهو نور منه يوقد من الشجرة المباركة
التي هي من الله
كل نور وكل هدى وكل تبصير وكل فتح رباني بكلمة .. تصنيف تغريدة .. مشاركة على وسائل العصر الإعلامية
إنما هي فيوض من ذلك النور الرباني ينعم بها على عبده
(الله نور السموات والأرض )
وإذا قرأت سير مجددي الإسلام وأعلامه
ترى ذلك جليا.
إنها هدايات وأنوار يقذفها الله في قلوبهم لصناعة التاريخ وتشكيل الوعي وتجديد المسيرة على الصراط المستقيم.
لقد صحبت صديقي الشيخ علي داخل الاتحاد وخارجه فكان نعم الصاحب والأخ والناصح واستفدت من هديه وسمته وحكمته كما استفدت من كتبه.
وها هو المعلم التجديدي من النوع الفاخر جدا الذي صاغه بروحه وفكره ونصحه للأمة قبل قلمه
يطل على العالم الإسلامي بعد اكتمال النعمة وتمامها بمجلداته كلها.
وقبل أكثر من عقدين أشعل الشيخ أول مصباح في مسيرة الأنوار التجديدية
ولا أرى هذا الإيقاد إلا من أثر ما أوقد الله سبحانه وتعالى في قلب عبده من النور الذي به قامت السموات والأرض.
فأشعلت مشروع تجديد تاريخي عملاق ..
تهادت أنوار أول معلم فيه معلنة بدايات صباح يوم جديد يشرق بتحليل وعمق وتصحيح لتاريخ ملأته الشبهات واختلطت فيه الحقائق بغيرها.
إنه هذه الموسوعة عصارة تاريخ وتأمل وتحقيق وفقه وأنوار هداية لأهم مرحلة تاريخية تشرق بأنوارها على الأمة إلى يوم الدين.
موسوعة صدر الإسلام لماذا.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) ...
وقد تأملت في هذه الخيرية طويلا حتى وجدت ضالتي ثم طالعت هذه الموسوعة التي أكدت ذلك
إن هذه القرون الثلاثة المؤسسة للنهضة أعلامها وأعمالها وعلومها
تحتاج لدارسة استقرائية في الخيرية المنصوصة وأثرها في نهضة الأمة إلى عصرنا
من عهد الرسالة من (إقرأ) إلى (اليوم أكملت)
طبقات الصحابة حياتهم وآثارهم على نهوض الأمة السياسة والحكم، القرآن وعلومه وتفسيره، الفقه أصوله، الحديث وعلومه، اللغة وعلومها وعلماؤها العلوم الإنسانية والتاريخية، النهضة الاقتصادية والمالية، الأمن الغذائي العالمي، النهضة التعليمية والعلمية العمران والمجتمع، السلوك والأخلاق، الجيش والقوات المسلحة العلاقات الدولية.
لقد قام الشيخ علي في هذه الموسوعة بتغطية الجوانب من عهد الرسالة وما بعده إلى الدولة الأموية التي هي خاتمة دول خير القرون مع التثبت في الصحة والنقل
وعهد الرسالة هو عهد الكمال والتمام والنعمة الدينية التي قال فيها سبحانه...
من أول كلمة أنزلت وهي اقرأ إلى إعلان الكمال والتمام بقوله تعالى( اليوم أكملت لكم دينكم)
وإني هنا أنتقد من صنف في تاريخ التشريع وقسموه إلى أقسام جعلوا قسم الرسالة هو قسم الطفولة إلى عصر الشباب والقوة وهو عصر الأئمة إلى عصر الكهولة وهو عصر التقليد
وهذا تقسيم خاطئ بل عصر الكمال والتمام والقوة هو عصر الرسالة
وغيره من العصور تبع له استضاءت ونهلت من نوره فقط.
لقد تناول السيرة النبوية بجوانب غاية في الأهمية تغطي الحياة كلها هداية وأحكاما وتصورا وسلوكا وسياسية ودولة.
ولا أقدر في رحلة قلمي هذا أن أزيد على هذه الكلمات فلا تسع حياة خير البشر كتاب فهي خير حياة وسيرة لخير البشر وما جاء بعدها من الخلفاء والهدى والنهضة والعلم إلا جزء من أنوار السراج المنير صلى الله عليه وسلم.
لكنها إضاءات أسلطها على معالم هذه الموسوعة.
لقد غطى الشيخ عهد الخلفاء ليس بسرد تاريخي فحسب بل كتب قلمه الفياض الرشيق ما أسميه وثيقة تاريخية علمية تاريخية سياسية إيمانية أخلاقية إصلاحية فقهية عسكرية أمنية
أتريد أن تعرف ذلك كله في أهم حقب التاريخ بل في ما ثبت فيه المدح الشرعي بالنص أنه خير القرون
إذا أيها السياسي هنا تجد ذلك
أيها الاقتصادي وفقيه المال هنا بغيتك
إلى العالم والفقيه إلى التربوي
إلى رجال الدول والقيادة
لكل عسكري وقائد وأمني ومجاهد ومقاتل
إلى كل مسلم هنا بوابة خير القرون التي تدلف منها إلى معالم هذه الخيرية التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم
لقد تفنن الشيخ المؤلف في هذه الموسوعة تفننا علميا وصناعيا.
فأعطى الجانب الشخصي والعائلي نسبا وخلقا وسلوكا حقه في كل شخصية في هذا السفر
ثم كر على الجوانب الأخرى.
هذا الصديق الأكبر والرجل الثاني في تاريخ الأمة والإسلام قاطبة إنه أبوبكر رضي الله عنه (ثاني اثنين )الذي جاء بالصدق وصدق به إنه (الاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى)
عليك أن تتضلع من سيرته وهديه كما يتضلع المسلم من ماء زمزم وإن سيرة الصديق أروى وأغنى وأقنى من ماء زمزم.
لقد رحل بنا الشيخ في حياته الشخصية وجوانبها وفي حياته مع رسول الإنسانية الحياة الثنائية التي سجلها الله في كتاب نتلوه في صلاتنا ثاني اثنين
انظر إلى مواقفه في الجهاد والبذل والعطاء في إدارته للدولة في حمايته للدين ووطن الدين جزيرة العرب من الردة .
لقد وقف وحيدا في هذا القرار الصعب والتاريخي والأهم في حياة وتاريخ الامة والإسلام إلى يوم القيامة
لقد حاول بعض المستشارين أن يثنيه عنه في مناظرة شوروية فقهية استدلالية
لكن كشف الصديق عن فقه عميق واستدلال دقيق وموازنات هادية لكل نظار ومجتهد
لقد جمع بين النظر التنزيلي السياسي والشرعي وأجاب عن ظواهر النصوص التي تعارض ذلك وأصاب أيما إصابة
وأجمع على رأيه الصحابة وساروا تحت قيادته إلى إعادة الدين والإسلام والدولة
لتتشكل بذلك دولة الخلافة بعد ذلك مشرقا ومغربا..
ثم عهد بعده إلى فاروق الإسلام ...
وهنا أسجل مدركا فقهيا مهما أن شكل الدولة وآليات التعيين والاستخلاف لم تحددها الشريعة بشكل معين أو محدد حتى لا تحاصر العقل الفقهي والسياسي الإسلامي
لأن هذه الدولة كتب لها الأبدية إلى يوم الدين إذن فهذه الأبواب المصالحية مفتوحة ومشرعة
وقد بينت في كتابي المقدمة في فقه العصر زهاء أربعين أصلا سياسيا تقوم عليه الدولة الحكم في الإسلام
رصدتها بالتتبع والاستقراء، ويتبين من خلال ذلك عوار عدوى غربية صارت دعوى من قليل النظر والفقه والسياسة محصلها شغور الأمة من الدستور
وهذا من أكذب الكذب والخطأ الفادح على التاريخ ...
إن الدستور في الشرع عقد ملفوظ أو معروف أو مكتوب أو مقنن كان باسم دستور أو وثيقة أو مرجعية استشارية كل هذا من أشكال الوثيقة التعاقدية السياسية التي سميت اليوم الدستور
إن سبب هذه المجازفة الجاهلة عدوى مرضية فكرية ساقتها غاشية التغريب والانبهار
إن من يحاكم أي عصر متقدم إلى عصره الآن أو العكس هذا لا عقل ولا نظر له هنا.
فلكل أمة دولة ورجال ...
لقد انتقلت الدولة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى خليفته بشكل وإلى عمر بولاية العهد وهو شكل جديد وإلى عثمان بمجلس شورى وهذا نوع آخر وإلى علي بشكل وإلى الحسن ومعاوية بشكل مختلف.
ثم في الدولة الأموية ودول الإسلام بعده بشكل يلائم الواقع وزمانه وجرى العمل به
وعلماء الإسلام ومدارسه حاضرة، والشريعة لم تنص على شكل بل جعلت الأمر إلى التراضي العام من أهله بما يحقق المصالح ويحمي الدين والدولة والسيادة ويدفع كل فساد وإفساد.
هذه إفادة فقهية مهمة جرى بها الفكر هنا في سيرة أبي بكر لأضع هذا الملحظ ومدركه الفقهي التأصيل وفقهه التنزيلي هنا، وقد تعرض له الشيخ علي هنا بتحليل وتحليل صادق راسخ.
تجد هنا عمر مع الله عمر رجل المواقف
عمر رجل الحرب والسياسة عمر رجل الموافقات القرآنية
عمر في المجتمع المدني والقبيلة... فتوحه إدارته لأعظم امبراطورية في التاريخ كيف؟ ...
ياله من سؤال استراتيجي مهم لكل حاكم اليوم... انظر إلى هذا السفر لترى الإجابة بنفسك
تعن واعتن به لتتطلع على حلول ومعالجات وسياسات عمريه ...
إن قادة اليوم وحكام الدول الإسلامية تقاسموا فرحين هذه الخارطة التي شكلها الاستعمار
وبدلا من دولة واحدة على مساحة 32 مليون كم مربع صارت 57 دولة
في منظمة المؤتمر الإسلامي التي لا تسمن ولا تغني من جوع في قراراتها الاستراتيجية والمصيرية.
إن كل قائد وحاكم اليوم وسياسي وعالم بحاجة إلى هذه الموسوعة.
ليرى بأم قلبه رأي اليقين هذه الدولة التي هي أكبر دولة في التاريخ
كيف يقودها شخص بالمدينة بدون توفر وسائل التواصل المعاصرة ولا إمكانات العصر
ولا ثروات العصر النفطية ولا الغازية ولا الشبكية ولا الصناعية.
لكن عمود النهضة والقيادة هو الإنسان المؤمن العاض على دينه بالنواجذ
المتمسك بأخلاق الإسلام وقيمه المتهجد في محراب الليل حيث يسكن الأنام لينفرد برب الأنام الذي لا ينام سبحانه.
هؤلاء هم الذي أداروا هذه الخلافة العملاقة الضاربة في أطناب الأرض سعة ورسوخا وثباتا وفي أعماق الثريا والافلاك عزة ومكانة ورفعة
أعزهم الله لما تمسكوا بالدين وأعلوا شأنه وكان الواحد منهم متسربلا به قد غطاه كله .
وبين يدي الخليفة الراشد الثالث بإجماع الأمة والصحابة من زمن النبي عليه الصلاة والسلام
هذا الراشد المهدي الذي وسع الدولة وتعددت وكثرت حساناته، في كل أموره فهو أفضل
الصحابة بعد الشيخين بإجماع الصحابة بل بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم
فعنِ ابنِ عمرَ قالَ كنَّا نفضِّلُ علَى عَهدِ رسولِ اللَّهِ أبا بكر ثم عمرَ ثم عثمانَ ثمَّ لا نفضل أحدًا علَى أحدٍ وفي لفظ أنه كان يبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينكر.
وهو في البخاري (3494) كما : أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) (1194) واللفظ له
وقد ترك عثمان القتال في حصاره وأمر بعدمه وقد بين الشيخ علي أسباب ذلك فراجعه
ومن ذلك أن تركه كان نصا من النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضى الله عنها: لَمَّا كان يومُ الدَّارِ قيلَ لِعُثمانَ: ألا تُقاتِلُ؟ قال: قد عاهَدتُ رَسولَ اللهِ على عَهدٍ، سأَصبِرُ عليهِ، قالَتْ عائشَةُ: فكُنَّا نَرى أنَّ رَسولَ اللهِ عَهِد إليهِ فيما يَكونُ مِن أَمرِه.
: أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) وهو صحيح .
وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تكون مع عثمان وأصحاب عثمان وشهد لهم أنهم على الهدى في نصوص صحيحة:
فمن ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم تَلْقَون بعدي فتنةً واختلافًا – أو قال : اختلافًا وفتنةً -، فقال له قائلٌ من الناس : فمن لنا يا رسولَ اللهِ ؟ ! قال : عليكم بالأمينِ وأصحابِه، وهو يشير إلى عثمانَ بذلك
: أخرجه أحمد (8541) وهو ثابت صحيح.
لقد سلط الشيخ علي أضواء قلمه على سيرة هذا الخليفة الراشد ورصد حياته وسياسته وقواده وحروبه وسلمه وإدارته للمال والدولة وعلاقاتها الداخلية والخارجية وأمنها وقبائلها ومجتمعها
إلى أن حصلت أعظم فتنة تاريخية للأمة انتهت باغتياله
من لفيف من المنافقين والمارقين فقد أخرج ابن ماجة (111) واللفظ له و أحمد (18118) في المسند الحديث الصحيح التالي:
عن كعب بن عجرة قال: ذكرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فتنةً فقرَّبَها فمرَّ رجلٌ مقنَّعٌ رأسُهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذا يومئذٍ علَى الهُدَى فَوثَبتُ فأخذتُ بضَبعَي عثمانَ ثمَّ استقبلتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ هذا قالَ هذا
و صح عن مرة بن كعب عند الترمذي (3704) وغيره : أنَّ خُطباءَ قامت بالشَّامِ وفيهم رجالٌ من أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقامَ آخرُهُم رجلٌ يقالُ لَهُ : مُرَّةُ بنُ كعبٍ ، فقالَ : لولا حديثٌ سَمِعْتُهُ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ما قمتُ وذَكَرَ الفتنَ فقرَّبَها ، فمرَّ رجلٌ مُقنَّعٌ في ثوبٍ فقالَ : هذا يَومئذٍ على الهُدى ، فقمتُ إليهِ فإذا هوَ عثمانُ بنُ عفَّانَ . فأقبَلتُ علَيهِ بوجهِهِ ، فقلتُ : هَذا ؟ قالَ : نعَم
وعن عبد الله بن عمر عند الترمذي (3708) بسند حسن : ذَكرَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فتنةً فقالَ: يقتلُ فيها هذا مظلومًا. لعثمانَ
ثم مضى الشيخ علي إلى الإمام علي رضي الله عنه صهر النبي صلى الله عليه وسلم وزوج الزهراء
ففصل وأطنب ورفع الشبهات وبتر بقلمه البتار عفن ما علق بتاريخه وسيرته من كذب ووضع واختراع.
وسيفه العلمي الحاد فعل ذلك كذلك في سيرة كل الخلفاء في عموم هذه الموسوعة.
وهكذا إلى ابنه الحسن رضي الله عنه الذي شهد له جده الرسول الكريم أنه سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وقد كان إذ بايع الإمام ملك الإسلام وفاتح المشرق والمغرب معاوية رضي الله عنه..
وأنهى كلامي هنا بخاتمة عقد هذه الموسوعة وهي الدولة الأموية التي برع في يراع الشيخ علي وبلغت مصادره فيها زهاء سبعمئة مرجع.
وهذا والله هو التحقيق
وهذا ما يليق بهذه الدولة التي هي أفضل دول الإسلام بعد الخلافة الراشدة والدليل عليه أنها واسطة عقد خير القرون بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أكبر وأعظم وأوسع دول الإسلام
1_ استقرت الدولة أيام معاوية وتوحد المسلمون واتسعت الدولة مشرقا ومغربا
2_ انتقلت بعده إلى يزيد
3_ خرج الحسين بعد دعوة الشيعة له من العراق وغدروا به وباعوه بثمن بخس وشاركوا في قتله.
4_ بعد وفاة يزيد انشق عبد الله بن الزبير وادعى الخلافة وبويع وسيطر على الجزيرة العربية والعراق حاشا الشام.
5_ قامت الثورات الشيعية اللعينة التي هي سرطان هذه الأمة المزمن والخوارج في العراق على الدولة الأموية
6_ انتصر عبد الملك بن مروان على مصعب بن الزبير في العراق وأدب الخوارج ثم قضى على حكم ابن الزبير بمكة.
7_ أسست الدولة الأموية الكبرى التي وصلت إلى الصين وفرنسا وافريقيا والمغرب والاندلس والسند وما وراء النهر وبلغت الدَّولة الأُمويَّة ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك.
8_ لقد دهشت وأنا أقرأ عن سير عظماء هذه الدولة وملوكها وأعلامها في هذا السفر وعن منجزاتها وما قدمته للأمة والإنسانية والإسلام
فرحمهم الله وجزى الله صديقي المؤرخ الإسلامي الفذ خير الجزاء ..
على هذه الثروة العلمية السابقة الباسقة في ذرى التاريخ والتجديد والوعي .
قاله بفمه وكتبه بقلمه:
أ.د. فضل بن عبد الله مراد
رئيس منصة الإفتاء اليمنية والأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤسس مشروع فقه العصر التجديدي.
تاريخ 5 صفر 1447 الموافق 30 – 7 – 2025 م.ئ