الإثنين

1446-03-13

|

2024-9-16

الحلقة الثانية والتسعون (92)

غزوة بني المُصْطَلِق

أوَّلاً: مَنْ هم بنو المصطلق؟ ومتى وقعت الغزوة؟ وما أسبابها؟

1 - بنو المصطلق:

هم بطنٌ من خزاعـة، والمصطلق جدُّهم، وهو جذيمـة بـن سعـد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر ماء السَّماء.

واختلفوا في خُزاعة، فمنهم من قال: إنَّها قبيلةٌ عدنانيَّـةٌ، ومنهم من ذهب إلى أنَّها قبيلةٌ قحطانيَّة يمنيَّـةٌ، والرَّاجح ما ذهب إليه أكثر العلماء من أنَّها قبيلةٌ قحطانيَّـةٌ يمنيَّـةٌ.

2 - تاريخ الغزوة:

اختلف العلماء في ذلك، وانحصرت أقوالهم فيهـا في ثلاثـة أقوالٍ، فَمِنْ قائلٍ: إنَّها سنة ستٍّ، قال بذلك ابن إسحاق إمام المغازي، وتبعه على ذلك خليفةُ بن خيَّاط، وابن جرير الطَّبريُّ، وابن حزمٍ، وابن عبد الـبَرِّ، وابن العربيِّ، وابن الأثير، وابن خلدون، فقد صرَّح كلٌّ منهم بأنَّ غزوة بني المصطلق كانت فيشعبان من السَّنة السَّادسة للهجرة.

وهناكَ مَنْ قال بأنَّها في شعبان من العام الرَّابع للهجرة، وذهب إلى هذا القول المسعوديُّ، وابن العربيِّ المالكيُّ، وغيرهم.

وذهبت طائفةٌ إلى أنَّها كانت في شعبان من السنة الخامسة، ومن هؤلاء العلماء كلٌّ من: موسى بن عقبة وابن سعد، وابن قتيبة، والبلاذري، والذَّهبيُّ، وابن القيِّم، وابن حجر العسقلانيُّ، وابن كثيرٍ رحمهم الله! ومن المُحْدَثِينَ: الخضري بك، والغزاليُّ، والبوطيُّ، وأبو شهبة، والشَّيخ السَّاعاتيُّ، ومحمَّد أبو زهرة، وسيِّد قطب، وحسن مشَّاط، ومحمَّد علي الصَّابوني، ومحمَّد بكر ال عابد، ومهدي رزق الله أحمد، ويبدو لي أنَّ هذا الرأي أقربُ للصَّواب، لأسبابٍ؛ منها:

أ - أنَّ هذا القول هو ما ذهب إليه جمهور أصحاب السِّير والمغازي، كما أنَّ عدداً كبيراً ممَّن كتب في السِّيرة من المعاصرين سار عليه.

ب - أنَّ في شعبان سنة أربعٍ من الهجرة كانت غزوة بدرٍ الموعد فيتعيَّن أن غزوة بني المصطلق كانت في غيرها.

ج - أنَّ هذا القول يؤيِّده وجود سعد بن معاذ رضي الله عنه في الغزوة، فقد جاء ذكره في حديث الإفك الَّذي كان في أعقاب غزوة بني المصطلق، والَّذي أخرجه الإمام البخاريُّ: «فقام سعد بن معاذ الأنصاريُّ، فقال: يا رسول الله! أنا أعذرك منه؛ إن كان من الأوس؛ ضربْتُ عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا، ففعلنا أمرك.... الحديث» [البخاري (4750)، ومسلم (2770)].

وقد كانت وفاة سعد بن معاذ في أعقاب غزوة بني قريظة، وغزوة بني قريظة كانت في ذي القعدة من السَّنة الخامسة على القول الرَّاجح، فيتعيَّن أن تكون غزوة بني المصطلق قبلها.

3 - أسباب هذه الغزوة:

من أهمِّ الأسباب لهذه الغزوة:

أ - تأييد هذه القبيلة لقريشٍ، واشتراكها معها في معركة أُحُدٍ ضدَّ المسلمين، ضمن كتلة الأحابيش الَّتي اشتركت في المعركة تأييداً لقريش.

ب - سيطرة هذه القبيلة على الخطِّ الرَّئيسيِّ المؤدِّي إلى مكَّة، فكانت حاجزاً منيعاً من نفوذ المسلمين إلى مكَّة.

ج - أنَّ الرَّسول (ﷺ) بلغه أنَّ بني المصطلق يجمعون له، وكان قائدُهم الحارث بن أبي ضرار ينظِّم جموعهم فلـمَّا سمع بهم خرج إليهم، حتَّى لقيهم على ماء من مياههم يقال له: المريسيع من ناحية قُدَيْد إلى السَّاحل فهزمهم شرَّ هزيمة.

4 - أحداث غزوة بني المصطلق:

عندما شعر رسول الله (ﷺ) بحركة بني المصطلق المريبة؛ أرسل بريدة بن الحصيب الأسلميَّ، للتأكُّد من نيَّتهم، وأظهر لهم بريدة: أنَّه جاء لعونهم، فتأكَّد من قصدهم، فأخبر الرَّسول (ﷺ) بذلك.

وفي يوم الإثنين لليلتين خلتا من شهر شعبان من السَّنة الخامسة للهجرة خرج الرَّسول (ﷺ) من المدينة في سبعمئة مقاتلٍ، وثلاثين فارساً متوجِّهاً إلى بني المصطلق، ولـمَّا كان بنو المصطلق ممَّن بلغتهم دعوة الإسلام، واشتركوا مع الكفَّار في غزوة أُحُدٍ، وكانوا يجمعون الجموع لحرب المسلمين، فقد روى البخاريُّ [(2541)]، ومسلمٌ [(1730)]: أنَّ رسول الله (ﷺ) أغار عليهم، وهم غارُّون - أي: غافلون - وأنعامهم تُسْقَى على الماء، فقتل مقاتلهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذٍ جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار.

ثانياً: زواج رسول الله (ﷺ) من جويرية بنت الحارث رضي الله عنها:

قسَّم رسول الله (ﷺ) سبايا بني المصطلق، وكان من بين الأسرى جويرية بنت الحارث، وكانت بركةً على قومها، ولنعرف قصَّتها من السَّيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: لما قسم رسول الله (ﷺ) سبايا بني المصطلق؛ وقعت جويرية بنت الحارث في سهمٍ لثابت بن قيس بن شمَّاس، أو لابن عمٍّ له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حُلوةً مُلاَّحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله (ﷺ) لتستعينه في كتابتها، قالت: فوالله! ما هو أن رأيتها على باب حجرتي، فكرهتها، وعرفت أنَّه سيرى منها ما رأيت، فدخَلَتْ عليه، فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيِّد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخفَ عليك، فوقعت في السَّهم لثابت بن قيس بن شمَّاس، أو لابن عمٍّ له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي.

قال: «فهل لك في خيرٍ من ذلك؟» قالت: وما هو يا رسول الله؟!

قال: «أقضي عنك كتابك، وأتزوَّجُك». قالت: نعم يا رسول الله! قد فعلت.

قالت: وخـرج الخبر إلى النَّاس: أنَّ رسول الله (ﷺ) قد تـزوَّج جويريـة بنت الحارث.

فقال النَّاس: أصهار رسول الله (ﷺ) فأرسلوا ما بأيديهم.

قالت: فلقد أُعْتِقَ بزواجه إيَّاها مئةُ أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأةً أعظم بركةً على قومها نها. [أحمد (6/277)، وأبو داود (3931)، وابن حبان (4054 و4055)، وابن هشام (3/307 - 308)].

وجاء الحارث بن أبي ضرار - بعد الوقعة - بفداء ابنته إلى المدينة، فدعاه النَّبيُّ (ﷺ) إلى الإسلام فأسلم.

تُعَدُّ غزوة بني المصطلق من الغزوات الفريدة المباركة؛ الَّتي أسلمت عقبها قبيلةٌ بأسرها، وكان الحدث الَّذي أسلمت القبيلة من أجله هو أنَّ الصحابة حرَّروا، وردُّوا الأسرى الَّذين أصابوهم إلى ذويهم بعد أن تملَّكوهم باليمين في قسم الغنائم، واستكثروا على أنفسهم أن يتملَّكوا أصهار نبيِّهم (ﷺ) ، وحيال هذا العتق الجماعيِّ، وإزاء هذه الأريحيَّة الفذَّة؛ دخلت القبيلة كلُّها في دين الله.

إنَّ مردَّ هذا الحدث التَّاريخيِّ، وسببه البعيد هو حبُّ الصَّحابة للنَّبيِّ (ﷺ) ، وتكريمُهم إيَّاه، وإكبارُهم شخصه العظيم، وكذلك يؤتي الحبُّ النَّبويُّ هذه الثِّمار الطَّيبة، ويصنع هذه الماثر الفريدة في التَّاريخ.

لقد كان زواج رسول الله (ﷺ) من جويرية بنت الحارث له أبعاده، وتحقَّقت تلك الأبعاد بإسلام قومها، فقد كان الزَّواج منها من أهدافه الطَّمع في إسلام قومها، وبذلك يكثر سواد المسلمين، ويعزُّ الإسلام، وهذه مصلحةٌ إسلاميَّةٌ بعيدة، يسَّر الله هذا الزَّواج، وباركه، وحقَّق الأمل البعيد المنشود من ورائه، فأسلمت القبيلة كلُّها بإسلام جويرية، وإسلام أبيها الحارث، فقد عاد هذا الزَّواج على المسلمين بالبركة والقوَّة، والدَّعم المادِّيِّ والأدبيِّ معاً للإسلام، والمسلمين.

أصبحت جويرية بنت الحارث زوجةً لسيِّد المرسلين، وأمّاً للمؤمنين، فكانت رضي الله عنها عالمةً بما تسمع، وعاملةً بما تعلم، فقيهةً، عابدةً، تقيَّةً، ورعةً، نقيَّة الفؤاد، مضيئة العقل، مشرقة الرُّوح، تحبُّ الله ورسولَه، وتحبُّ الخير للمسلمين.

وكانت رضي الله عنها تروي من حديث رسول الله (ﷺ)، ناقلة لحقائق الدِّين من خزائنها عند من تنزَّلت عليه (ﷺ) ، يرويه عنها سدنة العلم من علماء الصَّحابة رضي الله عنهم؛ لينشروه في المجتمع المسلم علماً، وعملاً، وفي المجتمع الإسلاميِّ عامَّةً دعوةً وهدايةً، فقد حدَّث عنها: ابنُ عبَّاس، وعبيدُ بن السبَّاق، وكريبُ مولى ابن عباسٍ، ومجاهدٌ، وأبو أيوب يحيى بن مالكٍ الأزديُّ، وبلغ مسندها في كتاب بقي بن مخلد سبعة أحاديث، منها أربعةٌ في الكتب السِّتَّة، عند البخاريِّ حديثٌ، وعند مسلمٍ حديثان، وقد تضمَّنت مرويَّاتها أحاديث في الصَّوم؛ في عدم تخصيص يوم الجمعة بالصَّوم، وحديث في الدَّعوات في ثواب التَّسبيح، وفي الزَّكاة في إباحة الهديَّة للنَّبيِّ (ﷺ) وإن كان المُهدي ملكها بطريق الصَّدقة، كما روت في العتق، وبسبعة أحاديث شريفةٍ خلَّدت أمُّ المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها اسمها في عالم الرِّواية؛ لتضيف إلى شرف صحبتها للنَّبيِّ (ﷺ) ، وأمومتها للمسلمين؛ تبليغَها الأمَّة سننَ المصطفى (ﷺ) ما تيسَّر لها ذلك.

وكانت أمُّ المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها من الذَّاكرين الله كثيراً، والذَّاكرات، القانتات، الصَّابرات في مجال مناجاة الله تعالى، وتحميده، وتقديسه، وتسبيحه، فهذه أمُّ المؤمنين جويرية تحدِّثنا عن ذلك، فتقول: إنَّ النَّبيَّ (ﷺ) خرج من عندها بُكْرَةً حين صلَّى الصُّبح، وهي في مسجدها ثمَّ رجع بعد أن أضحى؛ وهي جالسةٌ. فقال: ما زلت على الحال الَّتي فارقتُك عليها؟ قالت: نعم. قال النَّبيُّ (ﷺ) : «لقد قلت بعدك أربع كلماتٍ، ثـلاث مراتٍ لو وُزِنت بما قلت منذ اليوم؛ لوزنتهنَّ، سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وَزِنَـةَ عرشه، ومداد كلماته» [أحمد (1/258)، ومسلم (2726)، وأبو داود (1503)، والنسائي في السنن الكبرى (9912 و1277)]. وقد تُوفِّيت رضي الله عنها سنة خمسين، وقيل: ستٍّ وخمسين.

ثالثاً: محاولة المنافقين في هذه الغزوة آثارة الفتنة بين المهاجرين والأنصار:

خرج في غزوة بني المصطلق عددٌ كبير من المنافقين مع المسلمين، وكان يغلب عليهم التَّخلُّف في الغزوات السَّابقة، لكنَّهم لـمَّا رأوا اطراد النَّصر للمسلمين؛ خرجوا طمعاً في الغنيمة.

وعند ماء الْمُرَيْسِيع كشف المنافقون عن الحِقْدِ الَّذي يضمرونه للإسلام والمسلمين، فكلَّما كسب الإسلام نصراً جديداً؛ ازدادوا غيظاً على غيظهم، وقلوبُهم تتطلَّع إلى اليوم الَّذي يُهزم فيه المسلمون، لتشفى من الغلِّ، فلـمَّا انتصر المسلمون في المريسيع سعى المنافقون إلى آثارة العصبيَّة بين المهاجرين، والأنصار، فلـمَّا أخفقت المحاولة سعوا إلى إيذاء الرَّسول (ﷺ) في نفسه، وأهل بيته، فشنوا حرباً نفسيَّة مريرةً من خلال حادثة الإفك الَّتي اختلقوها، ولنترك الصَّحابيَّ زيد بنَ أرقم، وهو شاهد عيان، ومشاركٌ في الحادث الأوَّل يحكي خبر ذلك، قال: كنت في غزاةٍ فسمعتُ عبد الله بن أُبَيٍّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضُّوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، فذكرت ذلك لعمِّي، فذكره للنَّبيِّ (ﷺ) فدعاني فحدثته، فأرسل رسولُ الله (ﷺ) إلى عبد الله بن أبيٍّ، وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني رسول الله (ﷺ) ، وصدَّقه، فأصابني هَمٌّ لم يصبني مثلُه قطُّ، فجلست في البيت، فقال لي عمِّي: ما أردت إلى أن كذَّبك رسولُ الله (ﷺ) ومقَتَك؟ فأنزل الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقين: 1].

فبعث إليَّ رسول الله (ﷺ) فقرأ، فقال: «إنَّ الله قد صدَّقك يا زيد!» [البخاري (4900)، ومسلم (2772)].

ويحكي شاهد عيان آخر هو جابر بن عبد الله الأنصاريُّ ما حدث عند ماء المريسيع، وأدَّى إلى كلام المنافقين لآثارة العصبية، وتمزيق وحدة المسلمين، قال: «كنَّا في غزاةٍ فكسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاريُّ: يا للأنصار! وقال المهاجريُّ: يا للمهاجرين؟ فسمع ذلك رسول الله (ﷺ) ، فقال: ما بال دعوى الجاهلية؟ قالوا: يا رسول الله! كسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: «دعوها فإنها منتنة»، فسمع بذلك عبد الله بن أبيٍّ، فقال: فعلوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، فبلغ النَّبيَّ (ﷺ) ، فقام عمر فقال: يا رسول الله! دعني أضربْ عنق هذا المنافق، فقال النَّبيُّ : «دعه، لا يتحدَّث الناسُ: أنَّ محمداً يقتل أصحابه». [البخاري (3518)، ومسلم (2584/63)].

وفي روايةٍ قال عمر بن الخطَّاب: مُرْ به عبَّاد بن بشر؛ فليقتله، فقال له رسول الله (ﷺ) : «فكيف يا عمر! إذا تحدَّث النَّاس: أنَّ محمداً يقتل أصحابه؟! لا. ولكن أذِّن بالرَّحيل»، وذلك في ساعةٍ لم يكن رسول الله (ﷺ) يرتحل فيها، فارتحل النَّاس. [الطبري في تفسيره (28/115 - 116)، وابن هشام (3/303)].

وقد مشى عبد الله بن أبيِّ ابن سلول إلى رسول الله (ﷺ) حين بلغه: أنَّ زيد بن أرقم قد بَلَّغه ما سمعه منه، فحلف بالله ما قلت ما قال: ولا تكلَّمت به! فقال من حضر رسول الله (ﷺ) من الأنصار من أصحابه: يا رسول الله! عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه.

فلـمَّا سار رسول الله (ﷺ) ، لقيه أُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ، فحيَّاه بتحيَّة النُّبوَّة، وسلَّم عليه، ثم قال: يا نبي الله! لقد رحتَ في ساعةٍ منكرةٍ، ما كنت تروح في مثلها، فقال له رسول الله (ﷺ): «أوبلغك ما قال صاحبُكم؟».

قال: وأيُّ صاحبٍ يا رسول الله؟

قال: «عبد الله بن أبيٍّ».

قال: وما قال؟

قال: «زعم إن رجع إلى المدينة؛ ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ».

قال: فأنت يا رسول الله! تخرجـه منها ؛ إن شئت، هو الذَّليـل، وأنت العزيز.

ثم قال: يا رسول الله ! ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإنَّ قومه لينظمون له الخرز؛ ليتوِّجوه، فإنَّه يرى: أنك استلبت مُلْكَهُ.

ثمَّ مشى رسولُ الله (ﷺ) بالنَّاس يومهم ذلك حتَّى أمسى، وليلتهم حتَّى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتَّى اذتهم الشَّمس، ثمَّ نزل بالنَّاس، فلم يلبثوا أن وجدوا مسَّ الأرض، فوقعوا نياماً.

وإنَّما فعل ذلـك رسول الله (ﷺ) ليشغل النَّاس عن الحديث الَّذي كان بالأمس، من حديث عبد الله بن أبيٍّ، ونزلت السُّورة الَّتي ذُكِرَ فيها المنافقون في ابن أبيٍّ، ومن كان على مثل أمره، فلـمَّا نزلت؛ أخذ رسول الله (ﷺ) بأذن زيد بن أرقم، ثمَّ قال: «هذا الَّذي أوفى لله بأذُنه». [الطبري في تفسيره (28/116)، وابن هشام (3/305)].

إنَّ هذه الحادثة من السِّيرة النَّبويَّة العطرة مليئةٌ بالدُّروس، والعبر.

فَمِنْ أهمِّ تلك الدُّروس:

1 - الحفاظ على السُّمعة السِّياسيَّة ووحدة الصَّفِّ الدَّاخلية:

وهذا الدَّرس يظهر في قوله (ﷺ) : «فكيف يا عمر! إذا تحدث النَّاس: أنَّ محمداً يقتل أصحابه؟!» [سبق تخريجه].

إنَّها المحافظة التَّامَّة على السُّمعة السِّياسيَّة، والفرق كبير جدّاً بين أن يتحدَّث النَّاس عن حبِّ أصحاب محمَّدٍ محمَّداً، ويؤكِّدون على ذلك بلسان قائدهم الأكبر أبي سفيان: ما رأيت أحداً يحبُّ أحداً كحبِّ أصحاب محمَّد محمَّداً، وبين أن يتحدَّث النَّاس أنَّ محمَّداً يقتل أصحابه، ولاشكَّ: أنَّ وراء ذلك محاولاتٍ ضخمةً ستتمُّ في محاولة الدُّخول إلى الصَّفِّ الدَّاخليِّ في المدينة من العدوِّ، بينما هم يائسون الآن مِنْ قدرتهم على شيءٍ أمام ذلك الحبِّ، وتلك التَّضحيات.

ولم يقف النَّبيُّ (ﷺ) موقفاً سلبيّاً حيال تلك المؤامرة، الَّتي تزعَّمها ابنُ سلولٍ لتصديع الصَّفِّ المسلم، وإحياء نعرات الجاهليَّة في وسطه؛ بل اتَّخذ إزاءها الخطواتِ الإيجابيَّة التَّالية:

أ - سار رسول الله (ﷺ) بالنَّاس يومهم ذلك حتَّى أمسى، وليلتهم حتَّى أصبح، وصدْرَ يومهم الثَّاني حتَّى اذتهم الشَّمس، ثمَّ نزل بالنَّاس فلم يلبثوا أن وجدوا مسَّ الأرض، فوقعوا نياماً. وبهذا التَّصرُّف البالغ الغاية في السِّياسة الرَّشيدة قضى على الفتنة قضاءً مبرماً، ولم يدع مجالاً للحديث فيما قال ابنُ أُبيٍّ.

ب - لم يواجه النَّبيُّ (ﷺ) ابن سلولٍ، ومؤامراتـه المدبَّـرة بالقـوَّة، واستعمال السِّلاح، حرصاً على وحدة الصَّفِّ المسلم؛ وذلك لأنَّ لابن أُبَيٍّ أتباعاً، وشيعةً مسلمين مغرورين، ولو فتك به؛ لأرعدت له أنوفٌ، وغضب له رجالٌ متحمِّسون له، وقد يدفعهم تحمُّسهم له إلى تقطيع الوحدة المسلمة، وليس في ذلك أيُّ مصلحةٍ للمسلمين، ولا للإسلام، وإنَّها لسياسةٌ شرعيَّةٌ حكيمةٌ رشيدةٌ في معالجة المواقف العصيبة في حزمٍ، وقوَّة أعصابٍ، وبُعْد نظرٍ، وهذه البراعة في الحكمة، والسِّياسة، وتدبير الأمور متفرعةٌ عن كونه (ﷺ) نبيّاً ورسولاً إلى النَّاس؛ لكي تقتدي به الأمَّة في تصرُّفاته العظيمة.

وقد كان لتسامح الرَّسول (ﷺ) مع رأس المنافقين أبعدُ الآثار فيما بعد، فقد كان ابن أُبيِّ بن سلول كلَّما أحدث حدثاً كان قومه هم الَّذين يُعاتبونه، ويأخذونه، ويعنِّفونه، ويعرضون قتله على النَّبيِّ (ﷺ) ، والرَّسول (ﷺ) يأبى، ويصفح، فأراد رسول الله (ﷺ) أن يكشف لسيف الحقِّ عن آثار سياسته الحكيمة، فقال: «كيف ترى يا عمر؟! أما والله لو قتلته يوم قلتَ لي؛ لأرعدت له أنوفٌ، لو أمرتها اليوم؛ لقتلته!!» فقال عمر: قد - والله - علمتُ لأَمْرُ رَسُولِ الله (ﷺ) أعظمُ بركةً مِنْ أمري. [الطبري في تفسيره (28/116 - 117)، وابن هشام (3/305)].

2 - (بل نترفَّق به، ونُحسن صحبته ما بقي معنا):

كان لابن أبيٍّ بن سلول ولدٌ مؤمنٌ مخلصٌ، يسمَّى عبد الله بن عبد الله بن أبيِّ بن سلول، فلـمَّا علم بالأحداث، ونزول السُّورة، أتى رسول الله فقال له: يا رسول الله ! بلغني: أنَّك تريد قتل أبي بن سلول فيما بلغك عنه، فإن كنتَ فاعلاً؛ فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمتِ الخزرج، ما كان بها من رجلٍ أبرُّ بوالده منِّي، وإنِّي لأخشى أن تأمر به غيري، فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي بين النَّاس، فأقتلُه، فأقتل رجلاً مؤمناً بكافرٍ، فأدخلُ النَّار، فقال رسولُ الله (ﷺ) : «بل نترفَّق به، ونحسن صحبتَه ما بقي معنا». [الطبري في تفسيره (28/116)، وابن هشام (3/305)، والبزار (2708)، والطبراني في الأوسط (231)، ومجمع الزوائد (9/318)].

ولـمَّا وصل المسلمون مشارف المدينة، تصدَّى عبد الله لأبيه عبد الله بن أبيٍّ، وقال له: قف، فوالله لا تدخلها حتَّى يأذن رسول الله (ﷺ) في ذلك، فلـمَّا جاء رسولُ الله (ﷺ) ؛ استأذنه في ذلك، فأذن له.

3 - مثلٌ أعلى في الإيمان:

جسَّده عبد الله بن عبد الله بن أبيِّ ابن سلول في موقفه من والده، وتقديمه وإخلاصه لله، ولرسوله، وتقديم محبَّتهما، ومراضيهما على محبَّة، ومراضي الأبوَّة، لقد ضرب الابن أروع مثلٍ في الإيمان، والتَّضحية بعاطفة الأبوَّة، فقابله (ﷺ) صاحب القلب الكبير، والخلق العظيم بمثلٍ رفيعٍ في العفو والرَّحمة، وحسن الصُّحبة «بل نترفَّق بـه، ونحسن صحبتـه ما بقي معنا» يا لروعـة العفو! ويا لجلال العظمة النَّبويَّة! فقد تلطَّف النَّبيُّ (ﷺ) بهذا الصَّحابيِّ الجليل وهدَّأ من رَوْعِه، وأذهب هواجِسَه.

4 - محاربة العصبيَّة الجاهليَّة:

إنَّ العصبيَّة الممقوتة والَّتي نَصِفُها بالجاهليَّة غير مقصورةٍ على العصبيَّة القبليَّة؛ أي: الاشتراك في النَّسب الواحد، نسب القبيلة الَّتي ينتمون إليها، وإنَّما الاشتراك في معنىً، أو وصفٍ معيَّنٍ يجعل المشركين فيه يتعاونون، ويتناصرون فيما بينهم بالحقِّ، وبالباطل، ويكون ولاؤهم فيما بينهم على أساس هذا المعنى، أو الوصف المشترك، فعندما كسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، قال الأنصاريُّ: يا للأنصار! وقال المهاجريُّ: يا للمهاجرين! فسمع ذلك النَّبيُّ (ﷺ) فقال: «ما بال دعوى الجاهلية؟» قالوا: رجلٌ من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار. فقال النَّبيُّ (ﷺ) : «دعوها؛ فإنَّها منتنة» [سبق تخريجه].

ووجه الدَّلالة بهذا الخبر: أنَّ النَّبيَّ (ﷺ) أنكر هذه المناداة؛ لما تشعره من معنى العصبية، مع أنَّ المنادي استعمل اسماً استعمله القرآن، وهو (المهاجرين) و(الأنصار)؛ فالمهاجريُّ استنصر بالمهاجرين مع أنَّه هو الَّذي كسع، فكأنَّه بندائه هذا يريد عونهم، لاشتراكه وإيَّاهم في معنىً واحدٍ، وهو (المهاجرة)، وكذلك الأنصاريُّ استنصر بالأنصار؛ لأنَّه منهم، ويشترك وإيَّاهم في وصفٍ واحدٍ ومعنىً واحدٍ وهو مدلول كلمة (الأنصار)؛ وكان حقَّ الاثنين - إذا كان لابدَّ من الاستنصار بالغير - أن يكون الاستنصار بالمسلمين جميعاً، وعلى هذا فالمطلوب من الدُّعاة التَّأكيد على نبذ العصبيَّة بجميع أنواعها، سواءٌ كانت عصبيةً تقوم على أساس الاشتراك بالقبيلة الواحدة، أو على أيِّ أساسٍ آخر، من بلدٍ، أو مذهبٍ، أو حزبٍ، أو عِرْقٍ، أو لونٍ، أو دمٍ، أو جنسٍ، وأن يكون الولاء، والتَّناصر على أساس الاشتراك بالأخوَّة الإسلاميَّة الَّتي أقامها، وأثبتها الله تعالى بين المسلمين بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وأن يكون التَّناصر فيما بينهم تناصراً على الحقِّ لا على الباطل، بمعنى أن ينصروا المحقَّ، وأن يكونوا معه لا مع المعتدي.

لقد أوضح الرَّسول (ﷺ) : أنَّ العصبيات هي من دعاوى الجاهليَّة وقال: «انصر أخاك ظالماً، أو مظلوماً» فقال رجلٌ لرسول الله (ﷺ) : أنصره إذا كان مظلوماً أفرأيت إن كان ظالماً؟ كيف أنصره؟ قال: «تحجزه - أو تمنعه - من الظُّلم، فإنَّ ذلك نصره»، [البخاري (6952)، والترمذي (2255)، وأحمد(3/201)

فجعل التناصر في طلب الحقِّ، والإنصاف، وأبطل المفهوم الجاهليَّ: «انصر أخاك ظالماً، أو مظلوماً».

إنَّ مهمَّة الدُّعـاة، وطـلابِ العلم، والعلماء، والفقهاء هي التَّخلُّـص من العصبيَّة، ودعوة المسلمين إلى نبذها، كما أمر بذلك رسول الله (ﷺ) ، وهي مهمَّةٌ صعبةٌ، ولكنَّها ليست مستحيلةً، ولأهمِّيتها الكبيرة علينا أن نبذل ما في وسعنا؛ لقلعها من النُّفوس.

رابعاً: توجيه القرآن الكريم للمجتمع الإسلاميِّ في أعقاب غزوة بني المصطلق:

نزلت سورة (المنافقون) في أعقاب غزوة بني المصطلق، حيث كان المسلمون راجعين إلى المدينة، وذلك بدليل رواية الإمام التِّرمذيِّ: «فلـمَّا أصبحنا؛ قرأ رسول الله (ﷺ) سورة المنافقون» [الترمذي (3313)].

فقد تحدَّثت السُّورة بإسهابٍ عن المنافقين، وأشارت إلى بعض الحوادث، والأقوال، الَّتي وقعت منهم، ورُويت عنهم، وفضحت أكاذيبهم، إلا أنَّها في الختام حذَّرت المؤمنين من الانشغال بزينة الدُّنيا، ومتاعها، وحثَّت على الإنفاق، ويمكن لدارس هذه السُّورة أن يلاحظ عدَّة محاور مهمَّةٍ، منها:

1 - تحدثت السُّورة الكريمة في البدء عن أخلاق المنافقين، وفضحت كذبهم في أقوالهم، ووصفت حالهم، فابتدأت هذه السُّورة بإيراد صفات المنافقين الَّتي من أهمِّها الكذبُ في ادِّعاء الإيمان، وحلفُ الأيمان الكاذبة، وجبنُهم، وضعفُهم، وتامرُهم، على النَّبيِّ (ﷺ) وعلى المؤمنين، وصدُّهم النَّاس عن دين الله.

قال الله - عز وجل -: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ * وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون: 1 - 4].

2 - ثمَّ بينت الآيات عنادهم، وتصميمهم على الباطل، وعصيانهم لمن يدعوهم إلى الحقِّ، وبيَّنت مقالاتِهم الشَّنيعة بالتَّفصيل، خاصَّةً ما قالوه في غزوة بني المصطلق من أنَّهم سيطردون الرَّسول (ﷺ) والمؤمنين من المدينة،وأنَّ العزَّة لهم إلى غير ذلك من الأقوال الفظيعة.

قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ * هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 5 - 8].

3 - ثمَّ خُتمت السُّورة بتحذير الَّذين امنوا من الانشغال بزينـة الدُّنيا، وعـدم التَّشبُّه بالمنافقين، وحثَّتهم على الصَّدقة - الَّتي هي برهانٌ على الإيمان باليوم الآخر - قبل فوات الأوان، فقد كانت الآيات تحثُّ المجتمع المسلم على الاشتغال بطاعة الله تعالى، وقراءة القرآن، وإدامة الذِّكر، وأداء الصَّلوات، والقيام بجميع الفرائض، وحذَّرتهم من أن ينشغلوا بالأموال، والاهتمام بشؤون الأولاد عن أداء حقوق الله، كما فعل المنافقون ؛ إذ قالوا بسبب الشُّحِّ بأموالهم: لا تنفقوا على من عند رسول الله (ﷺ) ، ومن يشتغل بالمال، والولـد عن طاعـة ربِّـه فأولئـك هم الخاسرون.

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9 - 11].كانت خاتمة السُّورة الكريمة تحذيراً للمؤمنين من الانشغال بزينة الدُّنيا التي هي من أخلاق المنافقين.

وهكذا كان المجتمع المدنيُّ يتربَّى بالأحداث، والقرآن الكريم يقوم بتوجيهه، وتعليمه، ورسول الله (ﷺ) يقوم بالإشراف على ذلك.

 

يمكن النظر في كتاب السِّيرة النَّبويّة عرض وقائع وتحليل أحداث

                        على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ

http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC-169.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022