تعريف القرآن الكريم
الحلقة: الأولى
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رمضان 1441 ه/ مايو 2020
أولاً ـ القرآن لغة:
اتفق أهلُ العلمِ رحمهم الله على أنَّ لفظَ «قرآن» اسمٌ وليس بفعلٍ ولا حرفٍ، لكنّهم اختلفوا فيه من جهة الاشتقاق أو عدمه، ومن جهة كونه مهموزاً أو غير مهموزٍ، ومِنْ جهة كونه مصدراً أو وصفاً على أقوال عدة تجمل فيما يأتي:
القول الأول: إنه اسم علم غير منقول، وضع من أوّل الأمر علماً على الكلام المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو اسمٌ جامدٌ غيرُ مهموز، مثل التوراة والإنجيل، وهذا القولُ مرويٌّ عن جماعةٍ من العلماء منهم: الشافعي، وابن كثير، وغيرهما رحمهم الله جميعاً، وقد نقل ابن منظور أنَّ الشافعي رحمه الله كان يقول: القرآن اسمٌ، وليس بمهموزٍ، ولم يؤخذ من قرأتُ، ولكنّه اسمٌ لكتابِ اللهِ مثل التوراة والإنجيل.
القول الثاني والثالث: هما قولان للقائلين بأن لفظ القرآن مهموز:
الأول: أنّ القرآن مصدر «قرأ» بمعنى «تلا» كالرجحان والغفران، ثم نُقِلَ من المصدر، وجُعِلَ اسماً للكلام المنزَّل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويشهد له قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قرأناهُ فَاتَّبِعْ قرآنهُ ﴾ [القيامة: 18] أي: قراءته.
وقول حسان بن ثابت يرثي عثمان رضي الله عنه:
ضَحَّوا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبِيْحاً وقرآنا
أي: قراءةً.
الثاني: أنّ القرآن وصفٌ على وزن فعلان، مشتقٌّ من «القَرْءِ» بمعنى الجمع، ومنه: قرأ الماءَ في الحوض؛ إذا جمعه، وقرأتُ الشيءَ قرآناً: جمعته وضممت بعضَه إلى بعض. وسمي القرآن قرآناً، لأنّه جمعَ القِصَصَ، والأمرَ والنهيَ، والوعدَ والوعيدَ، والآيات والسور بعضها إلى بعضٍ، وهو مصدرٌ كالغفران والكفران.
القولان الرابع والخامس: هما قولان للقائلين بأنّ لفظ القرآن غيرُ مهموزٍ، لكنّهم اختلفوا في أصل اشتقاقه على قولين أيضاً:
الأول: أنّه مشتقٌّ من القرآن، تقول: «قَرنْتُ الشيء بالشيء» إذا ضَممتُ أحدُهما إلى الآخر.
قالوا: فسُميّ القرآن به: لِقران السُّور والآيات والحروفِ فيه، ومنه سُمّيَ الجمعُ بين الحجِّ والعمرة في إحرامٍ واحدٍ قراناً.
الثاني: أنّه مشتقٌّ من «القرائن» جمعُ قرينة، لأنّ آياته يُصدِّقُ بعضُها بعضاً، ويُشبه بعضُها بعضاً.
ويظهر ـ والله أعلم ـ أنّ أرجحَ هذه الأقوالِ هو القولُ الثاني، لِقُربِ اشتقاقه من كلمة القرآن لفظاً ومعنى. وأصبح لفظ القرآن ـ بعد ذلك ـ: علماً على الكتابِ المنزل.
ثانياً ـ القرآن اصطلاحاً:
وقد ذكر العلماء رحمهم الله للقرآن الكريم تعريفاً اصطلاحياً يُقرِّبُ معناه، ويميزه عن غيره، فعرّفوه بأنه: كلامُ اللهِ المنزلُ على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المُعْجِزُ بلفظه، المتعبَّدُ بتلاوته، المكتوبُ في المصاحفِ، المنقولُ بالتواتر.
يمكنكم تحميل سلسلة كتب الإيمان كتاب:
الإيمان بالقرآن الكريم
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book172.pdf