الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(رفع اليدين من سنن الصلاة)

اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)

الحلقة: الثامنة والستون

شعبان 1444ه/ فبراير 2023م

 

يسن رفع اليدين في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأوسط للركعة الثالثة.

أمّا الرفع عند تكبيرة الإحرام، فقد قال ابن المنذر: «أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وأن من السُّنَّة أن يرفع المرء يديه إذا افتتح الصلاة».

قال الشوكاني: «وجمع العراقي عددَ من روى رفع اليدين في ابتداء الصلاة، فبلغوا خمسين صحابيًّا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة».

وأمّا الرفع عند الركوع والرفع منه، فقد روى اثنان وعشرون صحابيًّا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قوله: وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، رفعهما كذلك أيضًا، وقال: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد".

قال الحسن وحميد بن هلال: إن الصحابة كانوا يفعلون ذلك. يعني رفع اليدين في المواطن الثلاثة. ولم يستثن الحسن أحدًا.

وحكى محمد بن نصر المروزي إجماع علماء الأمصار على مشروعية ذلك، إلا أهل الكوفة. وإلى الرفع في المواطن الثلاثة ذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم، وبه قال مالك في رواية.

أمَّا الرفع عند القيام إلى الركعة الثالثة فقد استحبه مالك والشافعي.

قال النووي: «وهذا القول هو الصواب، فقد صح في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله، رواه البخاري. وصح أيضًا من حديث أبي حُمَيد الساعدي، رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة».

وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحبُّ في غير تكبيرة الإحرام.

قال النووي: وهو أشهر الروايات عن مالك، واحتجُّوا على ذلك بحديث البراء بن عازب عند أبي داود والدارقطني بلفظ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه، ثم لم يعُد.

ضعَّفه البخاري وأحمد وقال: هذا حديث واهٍ.

واحتجُّوا أيضًا بما رُوي عن عبد الله بن مسعود من طريق عاصم بن كُلَيب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عند أحمد وأبي داود والترمذي أنه قال: لأصلينَّ لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّى، فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة.

وقال ابن أبي حاتم: هذا حديث خطأ، وضعَّفه أحمد وشيخه يحيى بن آدم، وصرّح أبو داود بأنه ليس بصحيح.

قال الإمام الشوكاني: ولا يخفى على المنصف أن هذه الحُجج التي أوردوها منها ما هو متفق على ضعفه، ومنها ما هو مختلف فيه، وهذا الاختلاف موجِبٌ لسقوط الاستدلال بها.

وقال بعض الفقهاء: لا يستحب رفع اليدين مطلقًا، لا في تكبيرة الإحرام ولا في تكبيرات الانتقال.

وأدلة الجمهور صريحة وثابتة في مشروعية الرفع وسُنيته.

صفة الرفع:

ورد في صفة رفع اليدين روايات متعددة، والمختار أنه يرفع يديه حذو منكبيه، بحيث تحاذي أطرافُ أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وراحتاه منكبيه.

قال النووي: «وبهذا جمع الشافعي بين روايات الأحاديث، فاستحسن الناس ذلك منه».

ويستحبُّ أن يمد أصابعه وقت الرفع، فعن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدًّا.

وينبغي أن يكون رفع اليدين مقارِنًا لتكبيرة الإحرام أو متقدِّمًا عليها، فعن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا دخل في الصلاة كبَّر ورفع يديه، ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين يكبر حتى يكونا حذو منكبيه أو قريبًا من ذلك.

وأما تقدم رفع اليدين على تكبيرة الإحرام، فقد جاء عن ابن عمر أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا بحذو منكبيه ثم يكبر.

وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: كبَّر ثم رفع يديه. وهذا فيه تقدُّم التكبيرة على رفع اليدين، ولكن الحافظ قال: لم أرَ من قال بتقديم التكبير على الرفع.

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص160-158


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022