الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

تأملات في الآية الكربمة {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}:

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 285

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1444ه/ مايو 2023م

.
لا يمكن الوصول إلى الله سبحانه وتعالى بغير نفس زكية نقية، و{مَنْ تَزَكَّى}: أي تطهر بالإيمان وصالح الأعمال بعد التخلي عن الشرك والمعاصي.(1)
ولهذا كان من دعاء النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم: اللهم آتِ نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها أنت وليّها ومولاها.(2)
وقد تكون بمعنى الصدقة سواء كانت المفروضة منها أم التطوع وفيها: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}، فإن أفضل الأعمال قاطبة هي ذكر الله سبحانه وتعالى، والذكر يكون على كل حال ماشياً وجالساً، وفي حال الأكل والشرب، ولبس الثياب، وقبل النوم، وعند هبوب الريح، وعند ركوب الدابة، وعند النظر للقمر، وفي كل تفاصيل الحياة.(3)
ويقول الفخر الرازي في تفسيره الكبير عن مفاتيح الغيب: مراتب أعمال المكلف ثلاث:
- أولها: إزالة العقائد الفاسدة عن القلب.
- وثانيها: استحضار معرفة الله تعالى بذاته وصفاته وأسمائه.
- وثالثها: الاشتغال بخدمته.
فالمرتبة الأولى: هي المراد بالتزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} ]الأعلى:14[.
وثانيها: وهي المراد بقوله: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ}، فإن الذكر بالقلب ليس إلا المعرفة، وثالثها: الخدمة وهي المراد بقوله: {فَصَلَّى} فإن الصلاة عبارة عن التواضع والخشوع، فمن استنار قلبه بمعرفة جلال الله تعالى وكبريائه لا بُدَّ، وأن يظهر في جوارحه وأعضائه أثر الخضوع والخشوع.(4)
وكان خليل الله إبراهيم - عليه السّلام - قد التقى برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السماء الدنيا أثناء رحلة الإسراء والمعراج، وكان إبراهيم عليه السلام قد نادى على محمد بأنه ولده وهو كذلك بالفعل، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلّى الله عليه وسلّم، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء، ففتح فلمّا خلصت فإذ فيها آدم، فقال: هذا أبوك آدم، فسلّم عليه فسلمت عليه فردّ السلام ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، فما كان من الخليل إبراهيم عليه السلام إلا أن يوصي ولده محمداً صلّى الله عليه وسلّم أن يبلغ سلامه لأمته ثم أوصاه بالذكر الذي هو غراس الجنة وعلّمه أذكار بعينها، وهي: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة صلبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وأن غرسها سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر.(5)
.
.
مراجع الحلقة الخامسة الثمانون بعد المائتين:
(1) أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، أبو بكر الجزائري، (5/558).
(2) سنن النسائي، رقم (5458).
(3) أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، أبو بكر الجزائري، (5/559).
(4) التفسير الكبير مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، (31/134).
(5) صحيح البخاري، رقم (3887).
.
,
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/27


 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022