تعزية للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية باستشهاد وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني الأسبق وخطيب المسجد الأقصى الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة في غزّة (رحمه الله)
قال تعالى:
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) "آل عمران: 185"
بلغنا خبر ارتقاء وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق، الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة (رحمه الله)، اليوم الأحد 31 ديسمبر 2023، في قصف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي على منزله في مخيم المغازي وسط قطاع غــزّة، ما أدى إلى استشهاده، وإصابة عدد من أفراد عائلته. وذلك في اليوم السادس والثمانين للعدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني، والذي أدى لتدمير المستشفيات والبنى التحتية والأبراج والمساجد والجامعات والمدارس والمخيمات، ومراكز الإيواء، ومنازل المدنيين فوق رؤوس ساكنيها، وأدى لمقتل 21 ألفا و672 شهيدا، وإصابة 56 ألفا و 165 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، تقبلهم الله جميعاً.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا،
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
من هو وزير الأوقاف الأسبق الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة (رحمه الله)؟
الشيخ الدكتور يوسف جمعة عبد الهادي سلامة، مواليد عام 1954م، ويقطن في مخيم المغازي، وبلدته الأصلية "بيت طيما" الواقعة في قضاء قطاع غزة، وهجّر والداه منها في النكبة الفلسطينية عام 1948. وشغل الشيخ جمعة، خطيب المسجد الأقصى، والنائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، وأستاذ الحديث وعلومه بقسم الدراسات العليا بجامعة الأزهر في غزة.
وكان وزيراً للأوقاف والشؤون الدينية من العام 1998 حتى عام 2006م، وكان قبلها وكيلاً للوزارة التي تشكلت مع إنشاء السلطة الفلسطينية.
وعن عملية طــوفان الأقـــ.صى قال الشيخ يوسف سلامة (رحمه الله):
«عملية طــوفان الأقـــ.صى نتيجة حتمية للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني في كل مكان»، كانت هذه الكلمات آخر ما قاله الشيخ الشهيد الدكتور يوسف جمعة عبد الهادي سلامة، رحمه الله، بعد إطلاق الفصائل الفلسطينية لعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
ولم يكن موقف الشيخ سلامة من عملية طوفان الأقصى هو الأول من نوعه، إنما شهدت له جميع الأحداث وخاصة الاعتداءات الإسرائيلية منها على الفلسطينيين مواقف شجاعة غاية في القوة، ومنها:
- موقفه من انسحاب الاحتلال الصــهيوني من قطاع غزة 2005
قال الشيخ يوسف سلامة حول استعداد الفلسطينيين المرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، ووضح كيفية تجنب الصراعات على الأراضي الفلسطينية الحقيقة: «إننا لن نواجه هذا الموقف بعد الانسحاب الإسرائيلي، لأننا قسمنا الأراضي المقامة عليها المستوطنات إلى قسمين، الأول ملكية خاصة، والثاني أملاك دولة أما الملكية الخاصة».
وأضاف حينها: «وفي حالة إثبات الملاك لهذه الملكية سوف نقوم بتسليمهم الأرض المملوكة لهم، أما في حالة أملاك الدولة فإننا سوف تقيم عليها مشاريع عامة مثل مدينة الشيخ خليفة أو مستشفيات أو ملاعب ومدارس، وحالياً نقوم بعمل مسح لهذه الأراضي والأملاك». وأكد أن الشعب الفلسطيني في سفينة واحدة وان الجنة المتابعة للقوى الوطنية والتي تضم كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني في حالة انعقاد دائم، منوها بدورها في المحافظة على وحدة الشعب الفلسطيني، وفقاً لما ذكره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الفلسطيني.
- استغاثته بالأمة الإسلامية عقب مليونية فلسطين عام 2013:
وجه الدكتور الراحل يوسف جمعة سلامة، إمام المسجد الأقصى المبارك والنائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس المحتلة، صرخة استغاثة للأمة الإسلامية في جميع أنحاء العالم لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك عقب إعلان بلدية الاحتلال الإسرائيلي عزمها تنظيم مسيرة مليونية في شوارع المدينة المقدسة، احتفالاً بما يسمى عيد «العرش اليهودي» الذى يوافق 24 سبتمبر 2013.
- منعه الاحتلال الصهــيوني من حضور مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس عام 2018:
منعت سلطات الاحــتلال خطيب المسجد الأقصــى الشيخ يوسف سلامة من مغادرة الأراضي المحتلة، للمشاركة في «مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس». ودان -حينها- شيخ الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب بشدة منع الاحتلال الخطيب «سلامة»، من السفر إلى مصر للمشاركة في المؤتمر، الذي تشارك فيه وفود من 86 دولة لنصرة القدس يسعى إلى كشف الغطاء عن انتهاكات الاحتلال الصهيوني، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والوقوف في وجه قرارات الإدارة الأميركية الأخيرة المنحازة لكيان الاحتلال الصهيوني.
- موقفة من وثيقة الأخوة الإنسانية عام 2020:
قال الشيخ يوسف سلامة (رحمه الله) عبر حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة به، «إِنَّ شعبنا الفلسطيني أحوج ما يكون إلى الوحدة والمحبة، والتكاتف والتعاضد، ورصّ الصفوف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها شعبنا الفلسطيني، حيث يُواجه شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة تحديات جسام».
وأضاف «إنّ شعبنا الفلسطيني يتطلع إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وفتح صفحة جديدة من الأخوة والمحبة»، فقد آن لنا أن نتساءل:
ألم يكفنا ما يفعله بنا المحتلون صباح مساء من قتل، واعتقال، وتدمير، وغير ذلك؟!
ألم يكفنا ما تتعرض له مقدساتنا وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات متكررة ؟!
ماذا نقول لشهدائنا الأبطال الذين رَوَوْا بدمائهم ثرى هذا الوطن الغالي ؟!
ماذا نقول لأسرانا البواسل الذين ضَحَّوا بحريتهم وما زالوا ينتظرون ساعة الفرج؟
لذا فإنّ الواجب علينا أن نُوحِّد كلمتنا، ونرصَّ صفوفنا؛ لنستعيد وحدتنا التي فيها سِرُّ قوتنا وعزتنا وكرامتنا.
وغيرها من الواقف المؤثرة في الفلسطينيين والعرب والمسلمين (رحمه الله).
خالص عزائنا للشعب الفلسطيني وعائلة الشهيد (رحمه الله)، وللأمة الإسلامية في شهيد الأقصى،
نسأل الله العلي العظيم أن يُحرر أقصانا من دنس المحتلين، وأن يرده إلينا ردًّا جميلا عاجلًا غير آجل».
وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
كتبها
د. علي محمد محمد الصلابي
17 جمادى الآخرة 1445ه/ 31 ديسمبر 2023م