الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

من كتاب المسيح ابن مريم عليه السلام : الحقيقة الكاملة

(موقف النجاشي من سماعه آيات سورة مريم)

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

جمادى الأولى 1442 ه/ ديسمبر 2020

 

وهذا ما حصل من النجاشي ملك الحبشة لما سمع هذه الآيات من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، روى الإمام أحمد عن أم سلمة رضي الله عنها قصة الهجرة إلى الحبشة، ومما جاء في القصَّة ".... لما انتهى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من بيانه قال له النجاشي: هل معك شيء مما أنزل على نبيّكم؟

قال جعفر: نعم. قال النجاشي: اقرأ. فقرأ جعفر مطلع سورة مريم. فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وبلَّلها بدموعه، وبكى البطاركة والأساقفة حتى بلَّلوا مصاحفهم بدموعهم، متأثرين بما سمعوا من آيات القرآن.

بعد ذلك قال النجاشي: هذا القرآن الذي سمعناه والذي جاء به موسى يخرجان من مشكاة واحدة، ثم خاطب النجاشي عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة قائلاً: انطلقا من هنا، فوالله لا أسلمهم إليكما أبداً.

ولما خرج الموفدان القرشيان من مجلس النجاشي قال عمرو بن العاص لابن أبي ربيعة: والله لآتين النجاشي غداً، أعيب المسلمين عنده وأهيّجه عليهم، وأستأصلهم من عنده. فقال له ابن أبي ربيعة - وكان أهدأ الرجلين -: لا تفعل ذلك، فإن للمسلمين أرحام فينا، وإن كانوا خالفونا في ديننا. فقال ابن العاص: لا بدَّ أن أفعل، وسأقول للنجاشي: يزعم المسلمون أن عيسى ابن مريم عبد.

وفي اليوم التالي غدا عمرو بن العاص على النجاشي فقال له: أيُّها الملك: هؤلاء المسلمون يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً، فأرسل أيُّها الملك إليهم واسألهم عمَّا يقولون فيه.

أرسل النجاشي إلى المسلمين ودعاهم إلى الاجتماع به مرة ثانية، ليسمع منهم ما يقولون في عيسى ابن مريم عليه السلام. ولما علم المسلمون بذلك خافوا، ونزل بهم من الغمِّ ما الله به عليم، وقال بعضهم لبعض: ما تقولون للنجاشي بشأن عيسى ابن مريم؟

فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: والله لا نقول فيه إلا ما جاءنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو عبد الله ورسوله، وروحه وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول. وفي الغد قابل المسلمون النجاشي، فقال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟

فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: والله لا نقول فيه إلا ما جاءنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

ولما سمع النجاشي كلام جعفر، تناول بيده عوداً من الأرض، ثم قال لمن حوله: والله ما تجاوز عيسى ابن مريم شيئاً مما يقوله المسلمون إلا بمقدار هذا العود. فنَخر البطاركة وغضبوا من كلام النجاشي، ولكنهم لم يجرؤوا على معارضته. فقال لهم: انخَروا ما شئتم فهذا هو الحق.

وأنزل الله في النجاشي وأمثاله قوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ (المائدة: 82- 85).

إن موقف النجاشي الرائع من سماعه آيات سورة مريم، وما نزل فيه من الآيات، هو دليل على أن النصارى الصادقين يتأثرون عندما يسمعون الآيات ويؤمنون بها ويعتبرونها دليلاً على إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. ولهذا أمر الله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يذكر هذه الآيات للآخرين (واذكر في الكتاب مريم).

يمكنكم تحميل كتاب المسيح ابن مريم عليه السلام : الحقيقة الكاملة من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي:

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/626
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

https://alsalabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022