الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

الإسلام وحقوق الإنسان (3)

الحلقة الخامسة والتسعون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

رجب 1443 هــ / فبراير 2022

- مواثيق الحقوق الدولية:

نعم، نحن ندرك أن فيما يسمى بحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة فقرات تحتاج إلى تصحيح، وقد يكون فيها ما يعارض الدين ونتحفظ عليها، لكن لا يعني ذلك الإطاحة بالمبدأ كله، وإنما يعني تكريس هذه الحقوق والحفاظ عليها، بل أكثر من ذلك أن يعرف الإنسان بحقوقه.

- حقوق شرعية للمواطن:

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرسل إلى الأمصار، يقول: «إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمَن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إليَّ، فوالذي نفسي بيده إذن لأقصنه منه».

فأكد رضي الله عنه على هذا المعنى، وهو معنى تعريف الإنسان بالحق الذي له، وأنه ينبغي أن يتعلمه ويطالب به.

- الحقوق والواجبات:

والمطالبة بالحق لا تتحول إلى صراع داخل المجتمعات الإسلامية؛ لأن الإنسان يطالب بحقه بعد أن يؤدي الواجب الذي عليه، فإن هناك انسجامًا بين أداء الحق الذي عليك والمطالبة بالحق الذي لك، وعلى الإنسان أن يكون عادلًا، فيطالب بحقوقه، ولا يبخس الناس حقوقهم.

قد يكون عند البعض شركة فيها ألف موظف، كل واحد من هؤلاء الموظفين يعاني أشد المعاناة من سوء المعاملة من الإدارة أو تأخر الرواتب أو التقصير في العلاج إلى غير ذلك، وهذا الإنسان الذي عنده ألف مظلوم يشتكي هو أيضًا من ظلم الإدارة الحكومية التي يرتبط بها، فإذا كان المجتمع الإسلامي عبارة عن مجموعة من تسلسل المظالم من أعلى المستويات إلى أدناها- وهذا مع الأسف ما نعانيه- فمعنى ذلك أننا أمة ليست جديرة بالمجد والبقاء، لكن عندما يبدأ الناس باستشعار مسؤولياتهم، ومحاولة إقامة العدل وحفظ الحقوق في داخل الأسرة: بين الزوجين، مع الأولاد، داخل الفصل الدراسي، داخل المنشأة أو الإدارة أو الشركة أو المؤسسة، ويمتد هذا الأمر لحفظ الحقوق داخل المجتمع وداخل الدولة؛ فعند ذلك تكون هذه الأمة جديرة بالتمكين والبقاء.

- الحقوق في العالم المتقدم:

إن العالم الغربي يتحدث بملء فيه عن الحقوق، ويطبق جزءًا كبيرًا منها، ويجب ألا يمنعنا ما بيننا وبينه من الفواصل العقدية والدينية، من العدل والإنصاف، فالعدل من قيم الإسلام في هذا الجانب، فهم على الأقل عندهم حفظ لحقوق شعوبهم ورعاياهم.

نعم، هم خارج هذه الدول قد يمارسون نوعًا من العنصرية والعدوان، كما ترى في حالات الاستعمار في أوروبا وغيرها.

لكن نحن نريد قيم الإسلام، نريد تطبيق الحقوق داخل العالم الإسلامي، ونريد أبعد من ذلك: أن نكون كما أمرنا ربنا سبحانه حيث يقول: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8]. ويقول في الآية الأخرى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ [المائدة: 2]. فأمر سبحانه وأكد علينا بالعدل حتى مع أعدائنا.

والسؤال: متى نجد العالم الإسلامي وقد عادت إليه هذه الروح الربانية الإسلامية من العدل وحفظ الحقوق؟! ومتى يتحالف المسلمون أفرادًا وجماعات ومؤسسات على إقامة المؤسسات المدنية التي تحفظ للناس حقوقهم وتعين الفرد المسحوق أو المظلوم على استرداد حقه، وتأخذ على يد الظالم؟! إذا تحقق هذا حفظ الله البلاد والعباد.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022