الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

وهو أبٌ لهم (1)

الحلقة السادسة والتسعون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

رجب 1443 هــ / فبراير 2022

- أولى بالمؤمنين من أنفسهم:

يقول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40].

في هذه الآية ينفي الله تعالى أن يكون الرسول أبًا حقيقيًّا لأحد من الناس، أو أن يعلن ذلك بالتبني، فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين، أما الأبوة التي تطلق عادة على سبيل المجاز بمعنى أنه في مقام الأب ومنزلته ومكانته ومحبته، فهو صلى الله عليه وسلم كان يقول لكثير من المسلمين: «يَا بُنَيَّ». كما قالها لابن عباس ولأنس بن مالك رضي الله عنهما، وقد يعبرون هم بلفظ الأبوة كما في قوله تعالى ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6].

قال كثير: هو أب لهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين جميعًا، لكن هذه الأبوة ليست أبوة النسب ولا أبوة التبني، وإنما هو في مقام الأب في حفظه لهم صلى الله عليه وسلم ومحبته وحرصه على مصالحهم ودعائه لهم، كما هو معروف من هديه وسنته صلى الله عليه وسلم وخلقه العظيم، ويكفي في ذلك وصف الله عز وجل له في آخر سورة التوبة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ﴾ [التوبة: 128].

أي: إن الأمر الذي يعنتكم ويحرجكم يعز على النبي صلى الله عليه وسلم ويعنته أيضًا: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].

إذًا: نفى اللهُ تعالى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أبًا لأحد من الرجال، ولهذا لم يعش أحدٌ من أبناء النبي صلى الله عليه وسلم، بل كانوا يموتون دون أن يصلوا إلى سن الرجولة، كما هو معروف من موت ولده إبراهيم، وموت القاسم، والطيب.

- إبطال التَّبَنِّي:

أبطل الله تعالى التَّبَنِّي الذي كان شائعًا في الجاهلية، وهو أن الإنسان إذا ادعى ولدًا أو تبناه أصبح ابنًا له يرثه، فأبطل الله عز وجل ذلك بقوله: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: 5]. فصار زيد يدعى باسم زيد بن حارثة بعد أن كان يدعى زيد بن محمد، وكان شديد الصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وزوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم أم أيمن حاضنته، وقد ولدت له أسامة بن زيد، وكان أسامة هو حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حِبِّه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلسه على فخذه اليسرى، ويجلس الحسن والحسين على فخذه اليمنى، ويضمهم إليه صلى الله عليه وسلم، ويعلن محبته له، حتى إن قريشًا لما أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، قالوا: مَن يكلِّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا: ومَن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022