الأحد

1446-10-29

|

2025-4-27

إضاءات حول نسب ابراهيم عليه السلام (1)

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 02

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1443ه/ يونيو 2022م

هو إبراهيم بن آزر، ولم يذكر القرآن الكريم أبعد من هذا النسب غيَّرَ أن المؤرخين المسلمين وغيرهم اعتمدوا على التوراة لمعرفة نسب خليل الله عليه السّلام، وقد وقع اختلاف في أسماء أجداده - عليه السّلام - ربما كان مردّه إلى الاختلاف في الترجمة عن اللغات القديمة، وإلى الصحف الذي كانت تحفل به الطبعات القديمة للتوراة وسواها من كتب التاريخ.(1)

لقد ورد في القرآن الكريم اسم والد إبراهيم - عليه السّلام - وفي السنة المطهرة أن إبراهيم الخليل - عليه السّلام - هو ابن آزر، وروى بعض المؤرخين المسلمين أنه ابن تارح أو تارخ، كما ورد في التوراة، ولجأ من قال من العلماء بأن والد الخليل إبراهيم- عليه السّلام - هو تارح إلى تأويل الآية القرآنية تأويلات شتى، مما دعا بعض أعداء الإسلام إلى إثارة الشبهة حول اسم والد إبراهيم - عليه السّلام - واتهام إبراهيم بالخطأ، وإلى هذا أشار الرازي بقوله: "ومن الملحدة من جعل هذا طعناً في القرآن الكريم، وقال هذا النسب خطأ، وليس بصواب" .(2)

وجاءت دائرة المعارف الإسلامية في العصر الحديث لتحيي هذه الشبهة بقولها: "آزر" اسم أبي إبراهيم في القرآن الكريم، ويظهر أن في هذا الخلط؛ لأن اسم "آزر" لم يرد مطلقاً على أنه أبو إبراهيم في غير هذا الموضع، كما أن تارح أو تارخ قد ورد في روايات بعض المؤرخين والمفسرين من المسلمين على أنه أبو إبراهيم أيضاً، ولذلك لجأوا إلى التحايل للتوفيق بين هاتين الروايتين، ولكن هذا التحايل لا قيمة له .(3)

وقبل سرد أقوال العلماء المسلمين في اسم أبي إبراهيم - عليه السّلام - وترجيح ما أراه صواباً، أبادر فألاحظ على كاتب هذه المادة في دائرة المعارف الإسلامية أنه هو الذي لجأ إلى التحايل لغرض في نفسه وأبرز من الحقيقة الجزء الذي يوافق هواه، وهوى جُلّ المستشرقين فيما يتصل بالإسلام مكشوف ومشهور عنهم، فكاتب المادة يبدأ فيطعن في القرآن الكريم، ويقول: إنَّ فيه بعض الخلط، ثم يصف علماء المسلمين بأنهم لجأوا إلى التحايل مع أن كثيراً منهم ردّ رواية التوراة، وأخذ بظاهر ما ورد في القرآن على أنه الحق، وكان على جانب هؤلاء علماء آخرون حاولوا التوفيق بين الروايتين على أسس علمية، لا رجماً بالغيب أو متابعة لهوى، وإخفاء للحقيقة على هذا النحو، واستعمال الألفاظ الدنيئة في غير موضعها، وهذا ليس من صفات العلماء المنصفين الراسخين قولاً وعملاً.

اختلف علماء الإسلام في اسم أبي إبراهيم - عليه السّلام - تبعاً لاختلافهم في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ} ]الأنعام:74[، وذكر ابن الجوزي في آزر أربعة أقوال: أحدها: أنه اسم أبيه، والثاني: أنه اسم صنم. والثالث: أنه ليس باسم، إنما هو سبّ بغيب، وفي معناه قولان: أحدهما: أنه المعوجّ، كأنه عابه بزيغه وتعويجه عن الحقّ، والثاني: أنه المخطئ، فكأنه قال: يا مخطئ، أتتخذ أصناماً .(4)

والرابع: أنه لقب لأبيه وليس باسمه، وقد يغلب على اسم الرجل لقبه حتى يكون به أشهر منه باسمه .(5)

وقال السيد محمد مرتضى الزبيدي: وقيل: هو اسم عمّ إبراهيم عليه وعلى محمد أفضل الصلاة والسلام: وإنما سُمي العمّ أباً، وجرى عليه القرآن العظيم على عادة العرب في ذلك؛ لأنهم كثيراً ما يطلقون الأب على العم، وأما أبوه تارخ بالخاء المعجمة، وقيل بالمهملة على وزن هاجر.(6)

وبالنظر في هذه الأقوال، يتبين أنَّ القول الذي نسب إلى مجاهد من أن آزر اسم صنم غير ثابت من حيث الإسناد، وليس صحيحاً من جهة العربية .(7)

مراجع الحلقة الثانية:

(1)إبراهيم عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري ص 29.

(2) التفسير الكبير مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، فخر الدين الرازي، (13/37).

(3) إبراهيم عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص86.

(4) تاج العروس في جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي، (3/13).

(5) إبراهيم عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص187.

(6) قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، الحسين بن محمد الدمغاني، ص13.

(7) إبراهيم عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص187.

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

http://alsallabi.com/uploads/books/16228097650.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022