علمنا الشعب الجزائري ان الحرية تنتزع انتراعا وتروى شجرتها بسيول الدماء الزكية، فقد قدم قوافل الشهداء وضحى بالغالي والنفيس، وحملت الاجيال راية الكفاح والجهاد والنضال، قبل ان يولد الرئيس عبدالناصر.
إن الشعب الجزائري رفض الدنيئة في دينه وعرضه وكرامته وحقوقه وانسانيته، فقاوم الاحتلال الفرنسي جيلاً بعد جيل، وتصدى لكل الوان الظلم بكافة اشكاله وانواعه وصوره البشعة. لقد قدم قوافل الشهداء ودفع الثمن غاليا،ً وابتلي بالجوع والخوف، فما وهن لما اصابه في سبيل الله، وما ضعف وما استكان للوصول الى حريته وكرامته وحقوقه واستقلاله.
لقد سطر ملحمة الجهاد الغالية والكفاح المرير، وعلم الشعوب المتعطشة للحرية بأن ارادة الشعوب تنتصر على إرادة الطغاة، وما كانت فرنسا ولا ديغولها ليخرجوا من الجزائر ، الا بعد انهيارات اقتصادية وسقوط حكومات في فرنسا، وخشي ديغول دخول بلاده في حرب اهلية بسبب مقاومة الشعب الجزائزي الرافضة للاحتلال الفرنسي.
لقد استخدم كل قواه العسكرية والسياسية والاقتصادية والادارية للبقاء، وكسر شوكة المقاومة، لكنها فشلت أمام العزيمة الفولاذية الجزائرية التي استمدها الشعب من دينه وقرآنه، وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وما كان امام فرنسا الا الرحيل والهزيمة بفضل الله، ثم صمود الشعب الجزائري وتضحياته العظيمة بالرجال والنساء والشيوخ والاطفال والشباب والاموال.
لقد تعلمنا من تاريخ الجزائر ان الحرية لا توهب ولا تهدى، ولكنها تنتزع من الطغاة وتروى بدماء الشهداء. ان الذين يجهلون تاريخ الجزائر عليهم ان يرفعوا الجهل عن انفسهم بالعلم والمعرفة والثقافة الحقيقية، لا المزيفة، وها قد انهيت بفضل الله وتوفيقه (موسوعة كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي) في ثلاث مجلدات، ومراجع الموسوعة اكثر من ثلاثمئة مرجع، وصفحاتها وصلت إلى 2500، فإني بحمدالله اتحدث بعلم وبرهان ودليل وبينة، على عظمة هذا الشعب المسلم العظيم، الذي جاهد في الله حق جهاده ضد الاحتلال الفرنسي حتى نال استقلاله.
(المصدر: جريدة الحوار الجزائرية)