الأحد

1446-06-28

|

2024-12-29

أثار مؤرخ ومفكر إسلامي ليبي جدلا كبيرا بعدما اعتبر أن العثمانيين كانوا السبب الرئيسي في عدم تحول بلدان ليبيا وتونس والجزائر إلى دول مسيحية، مشيرا إلى أنهم أحبطوا «مخططا أوروبيا» للقضاء على الإسلام في شمال أفريقيا.
وخلال ندوة في العاصمة التركية للاحتفاء بالذكرى المئوية الأولى لوفاة السلطان عبد الحميد الثاني، قال المؤرخ والمفكر الليبي د. علي الصلابي «لولا الله ثم الدولة العثمانية لكانت ليبيا وتونس والجزائر الآن دول نصارى»، مشيدا بنجاح السلطانين سليم الأول وسليمان القانوني في التصدي لـ»مخطط من إسبانيا والبرتغال ودول أوروبية أخرى للقضاء على الإسلام في شمال أفريقيا».
تصريح الصلابي أثار عاصفة من الجدل في ليبيا، حيث كتبت الوزيرة السابقة د. فاطمة الحمروش «في ظل التواجد التركي في السودان في البحر الأحمر والطموحات التركية في المنطقه، يصبح لزاما على السيد علي الصلابي إيضاح ما يقصد وبوضوح، بخصوص هذا التصريح».
واعتبر المحلل السياسي عيسى عبد القيوم في مقال بعنوان «الصلابي يؤكد.. والتاريخ ينفي» على صفحته في موقع «فيسبوك» أن الدولة العثمانية حين توقيعها على معاهدتي لوزان الأولى والثانية في بداية القرن العشرين، تخلت عن المسلمين في المنطقة (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) واعترف – بالمقابل – بحقوق الأقليات المسيحية في تركيا.
وأضاف «بعيدا عن هرطقة الإسلاميين وأساطيرهم فإن تركيا دولة علمانية، والحزب الحاكم حالياً يرفض وصفه بالحزب الإسلامي، ولم يكن هو من أسس قواعد نشأتها بل تقبل تلك القواعد وتعايش معها وطور نفسه وفكره وفقها، وتماهى معها فأنتج مشروعاً نهضوياً حقيقياً صفق له الأتراك وصوتوا له، وهم يعيشون اليوم كدولة عصرية لا صلة لها بما يلوكه بعض الإسلاميين إلا أثناء فترات الانتخابات وموسم حصاد الأصوات، فلتركيا دستور علماني وتحظى بعلاقات قوية مع أمريكا حيث توجد لديها قاعدة أمريكية، وتركيا عضو فاعل بحلف الناتو، ولديها طلب بالانضمام الى الاتحاد الأوربي، ومعترفة بـ»دولة إسرائيل» ولها تبادل تجاري مهم معها، وأخيرا اعترفت قوانينها بحق «المثليين» فى إقامة علاقاتهم تحت حماية القانون، وتعتبر الاقتصاد الربوي هو الأساس الذي ينمي ويدعم تطورها السريع والمذهل، وتعيش كمجتمع مختلط الثقافات والأديان فلا يجيز دستورها التفريق بين أفراده على أساس ديني».
فيما أيد البعض رواية الصلابي، حيث كتب ناشط يُدعى مروان عاطف « أعتقد أن الصلابي يشير الى مناشدة أهل طرابلس الغرب للأتراك لتخليصهم من الاحتلال الإسباني ومن ثم احتلال فرسان القديس يوحنا، وما قاله هنا حقيقة تاريخية وهو إيقاف الأتراك للزحف الأوروبي المسيحي على شمال أفريقيا بعد سقوط غرناطة، ولكنه هنا نسي او تناسى الحقيقة التاريخية الأخرى وهي أن تركيا باعتنا بيع الخرفان للمسيحيين الطليان بعد ما جردتنا من جميع أنواع الأسلحة».
وأضاف ناشط آخر يدعى محمود الطويل «ليبيا احتلها فرسان القديس يوحنا لمدة تقترب من خمسين سنة وقد استعان سكان طرابلس الغرب بالعثمانيين لطردهم. لا ننكر دور الدولة العثمانية في التخلص منهم والحفاظ على الهوية المسلمة لبلادنا، ولكن العثمانيون – كغيرهم من الدول التي سادت المنطقة العربية – لم يقدموا أي تطور يذكر (علميا أو سياسيا)، كان الهم الأكبر لهم هو المحافظة على هيبة السلطان دون تنمية تذكر للرعية، أو المشاركة في تطوير الحياة السياسية. في الوقت نفسه كان هناك تحول تدريجي في دول أوروبا وأمريكا نحو الديمقراطية، وبالتالي تزايدت قوة الدول الغربية بينما تضاءلت هيبة الدولة العثمانية وضعفت وأصبحت فريسة سهلة للتقاسم، وظهور الهوية التركية مع بداية القرن الماضي وتحولها إلى دولة مدنية ديمقراطية، ساعد تركيا اليوم في الوصول إلى تقدمها الحالي وتحقيق مكانة اقتصادية مرموقة».
ويُعتبر الصلابي من أبرز الشخصيات المؤثرة في ليبيا، وقد اقترح قبل أشهر مبادرة جديدة لحل الأزمة في البلاد، تقوم على خمسة مبادئ رئيسية، أبرزها «وقف الحرب والتحريض عليها، وتشجيع قيم التعايش السلمي واحترام الرأي الآخر».

(المصدر: جريدة الحوار الجزائرية)


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022