الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

من كتاب الدولة الأموية: خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

(الأثر العلمي والاقتصادي والاجتماعي للفتوحات في عهد معاوية رضي الله عنه)

الحلقة: الرابعة والستون

بقلم الدكتور: علي محمد الصلابي

ربيع الأول 1442 ه/ نوفمبر 2020


ومن الظواهر العلمية التي زادت ازدهاراً في عهد معاوية طائفة القصاص، وقد كانوا ينتشرون بين الجند كالقراء؛ يقصون عليهم أمجاد أسلافهم، ويلقون عليهم الشعر الحماسي، فتجيش له همم العسكر فيسارعون للقتال، وقد كان الخطباء والوعاظ يقومون بنفس المهمة كما يقوم بها القراء والقصاص والشعراء لينشروا في الجند روح الفداء، ويرفعوا من روحهم المعنوية القتالية.
وسلك الخليفة معاوية في وصاياه وتوجيهاته العلمية للأمراء والقادة والجند على منوال من سبقه من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم؛ فعندما عيَّن عبيد الله بن زياد على ثغر خراسان كان من نماذج وصاياه قوله: اتق الله، ولا تؤثرن على تقوى الله شيئاً... وقد سبق الحديث عن وصيته لعبيد الله.
ومن الاثار العلمية للحضارة الإسلامية في عهد معاوية: أنه حينما فتح جزيرة رودس كان ممن اشترك في فتحها مجاهد بن جبر المقرأى، فكان مقيماً بها يقرأى الناس القران، ويفقههم في الدين في المسجد الذي بني فيها أثناء الفتح، وهذا أنموذج ومثال من ألوف النماذج والأمثلة؛ حيث إن هذا الأثر العلمي لا يقتصر على جزيرة رودس بل شمل كافة الأمصار والشعوب الإسلامية.
ومن الاثار الاقتصادية والاجتماعية للفتوحات: أن والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري رضي الله عنه؛ وغيره من الولاة في عهد معاوية رضي الله عنه كانوا يبعثون إليه بأموال الخراج بعد أن يستقطعوا منها ما ينفق على الأراضي الزراعية بمصر لاستصلاحها من الخلجان والقناطر والجسور، وكانوا يحملون القمح إلى الحجاز لتفريقه وتوزيعه على سكان الحرمين الشريفين، كمعونة لهم، وكان بالجزيرة مكان الروضة قبل أن تبنى بها دار صناعة السفن في عهد معاوية خمسمئة عامل مستعد لأي حريق يكون في البلاد أو هدم للإعانة في الكوارث وتقديم الخدمات الاجتماعية لأهل المنطقة.
ومن التكافل الاجتماعي في عهد معاوية مراعاته لأبناء الشهداء في إدارته ورعاية شؤونهم والفرض لهم، فقد كان يقول لجلسائه: يا هؤلاء، إنما سميتم أشرافاً لأنكم شرفتم على من دونكم بهذا المجلس، ارفعوا إلينا حوائج من لا يصل إلينا، فيقوم الرجل فيقول: استشهد فلان، فيقول: افرضوا لولده.
وعندما أذن معاوية رضي الله عنه لعبد الله بن صفوان بن أمية بالدخول عليه والمثول بين يديه، طلب من معاوية أن يفرض للمنقطعين من ديوان العطاء، كما ذكّره بأن لا يغفل عن قواعد قريش والبر إليهم، وأن يقدم لهم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تكفل لهم الحياة الرغدة.
ومن الآثار الحضارية للفتوحات في النواحي الاقتصادية والاجتماعية: استمرارية معاوية في توطين الجند بالثغور، وإقطاعهم القطائع والأراضي والمساكن بها، وشقه للأنهار وجلبه للمياه؛ فقد أمر عسكره المقيم بجزيرة رودس بأن يزرعوا ويتخذوا بها أموالاً ومواشي يرعونها حولها.


يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022