السؤال
خشية من الله انا في حيرة من ما يجب علي فعله ،
انا مخطوبة لرجل يعمل موثقا ، واردت ان استفسر عن بعض الامور تحدث في عمله هل هي حلال ، فانا اريد ان اتتحرى الرزق الحلال ، لي ثلاثة اسئلة كلها تتعلق بموضوع واحد ، من فضلكم :
عندنا في الجزائر مهنة تسمى الموثق وهو ضابط عمومي، مفوض من قبل السلطة العمومية يتولى تسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص وتحت مسؤوليته، يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصبغة الرسمية وكذا العقود التي يرغب الأشخاص إعطاءها هذه الصبغة.
تنقسم الاتعاب التي يتحصل عليها مقابل عمله بينه وبين الدولة ،
ومن ذاك القسم الذي يتحصل عليه لصالحه بإمكانه ان يساعد الزبون في السعر ،
اولا :
ما لاحظته منتشرا انه بعد تحرير العقود واستقبال الموثق لأتعابه من الزبون ،
احيانا يُكرِم الزبونُ الموثقَ بإكرامية سواء ان يعرضه على غداء او يقدم له ثمن الغداء سواءً له او لسكريترته ، مكافأةً على معاملتهم الجيدة له وتقديم خدمه جيدة ،
فهل قبول هذه الإكرامية حلال ام حرام ؟ مع العلم انها تعتبر ممارسة عادية في الوسط ،
ثانيا :
هذا الموثق عليه ان يدفع ضريبة تحددها له الدولة بنسبة مئوية معينة على دخله السنوي ،
وهدا الموثق لانه في بداية عمله وعليه الديون التي استاجر بها المكتب وأثثه بها ، (فوجود المكتب تشترطه الدولة لبدء العمل )
فاتفق مع زملائه الموثقين ان لا يصرحوا بالمبلغ الحقيقي الذي جمعوه لانهم لو فعلوا لاستدانوا حتى يدفعوا هده الضريبة لان قيمتها مرتفعه جدا ،
فهل هذا حلال ام حرام ؟
-- وبالحديث عن الضرائب اريد من فضلكم معرفة الراي الفقهي فيها ؟ هل هي حلال ام حرام في وقتنا مع معرفة فساد الدولة وانها لا تضع الحقوق في مكانها ، فمن يتهرب من دفعها جائز ام لا ؟ --
ثالثا :
للموثق سكرتيره تعمل معه ، وعليه ان يدفع لها حق الضمان الاجتماعي ، ولنفس السبب- قلة مردوده -اتفق معها ان لا يصرح بالمبلغ الحقيقي الذي يدفعه لها حتى لا يكون مبلغ الضمان الاجتماعي مرتفعا ، على انه عندما يرتفع دخله يصرح بالمبلغ الحقيقي وتأخذ حقها كاملا وهي وافقت ، فهل هذا حلال ام حرام ؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالضرائب وظيفة في المال تفرض من قبل الدولة على القادرين من أجل مواجهة بعض المصروفات التي يعود نفعها على الجميع ـ كبناء الجسور وتعبيد الطرق وشق الترع وإقامة المدارس ـ وغير ذلك مما لا طاقة للدولة بها ولا تسمح به مواردها، وينبغي للدولة أن تراعي في فرضها العدالة، وفي صرفها المصلحة، وأن يكون فرضها مقيداً بالحاجة الداعية إليها؛ فمتى ما زالت الحاجة أو كان في موارد الدولة كفاية امتنعت من هذه الضرائب؛ فليست هي ضربة لازب لا فكاك منها.. وإذا كان الواقع كما ذكر في السؤال من أن الضرائب التي تفرضها الدولة على هؤلاء الموثقين مرتفعة جداً بحيث تأتي على أصول أموالهم ولربما استدانوا من أجل الوفاء بها؛ فهذا من الظلم البيِّن الذي ينبغي مخاطبة المسئولين في العمل على إزالته؛ فإن لم يُجدِ ذلك شيئاً فإنه لا حرج عليهم في ألا يصرحوا بالمبالغ الحقيقية التي جمعوها؛ لأن الأصل الشرعي يقتضي أنه {لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها}... وأما الهدية التي يقدمها بعضهم لهذا الموثق فلا أرى فيها حرجاً من حيث كونه يعمل عملاً أشبه بالخاص، فليس هو صاحب وظيفة عمومية من أجل أن يقال: إنه يحرم عليه قبول الهدية من المتعاملين معه. والله تعالى أعلم
إجابة فضيلة الدكتور عبد الحي يوسف
أستاذ الشريعة في الجامعة الإفريقية العالمية في السودان