أعرب عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الكاتب والباحث الليبي في شؤون الفكر الإسلامي الدكتور علي الصلابي عن أسفه لقرار اعتقال رئيس البرلمان التونسي السابق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، واعتبر ذلك نكسة حقيقية وضربة موجعة لقيم الاعتدال والوسطية ولأحلام الانتقال الديمقراطي في المنطقة العربية التي كان الغنوشي أحد أبرز المساهمين فيها.
وأوضح الصلابي أن اختيار زمان اعتقال شخصية بمقام الزعيم الإسلامي التونسي راشد الغنوشي له أكثر من معنى.
وقال: "لقد كان من الصادم لنا نحن أبناء المغرب الكبير خاصة وأبناء البلاد العربية والإسلامية، أن تتم مداهمة منزل رئيس البرلمان التونسي السابق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بحشد كبير من رجال الأمن، ومنعه من الإفطار وترويع أهله ثم اقتياده إلى مكان مجهول قبل توجيه أي تهمة له، كل ذلك يتم في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ونحن على أعتاب عيد الفطر المبارك، هذه كانت صادمة ومنافية لكل أعرافنا الإنسانية قبل الدينية".
وأشار الصلابي إلى أن "الغنوشي أفضل من دعا للتعايش الإنساني والوسطية والاعتدال الإسلامي والإخلاص لوطنه، وعبر عن قيم الدولة المدنية بشفافية مطلقة".
وقال: "إن الإنسان ليستغرب أن يودع الشيخ راشد الغنوشي بعد أن تجاوز الثمانين في السجن بهذه الطريقة، وإن كان في موازين الابتلاء رفع مقام.. وأما بالنسبة للظالمين فهو انتكاسة ومرور سريع في خندق الاستبداد والدكتاتورية وتكميم الأفواه".
ودعا الصلابي الرئيس قيس سعيّد وباقي النخب التونسية المؤيدة له إلى الرجوع إلى العقل ومراعاة المصالح الوطنية والكف عن سياسات الدفع بالبلاد إلى المجهول، والقبول بالرأي الآخر وبالقوانين المنظمة للدولة المدنية والديمقراطية.
وقال: "لقد كانت التجربة التونسية منارة في العالم العربي نظرا لما قدمته من نموذج فريد في التوافق والحوار على مدى عقد من الزمن، وغاب عن قياداتهم منطق الثأر والاحتراب الأهلي، وكانت حوارات السياسيين على الرغم من حدتها مثمرة ومنتجة.. واستهدافها بهذه الطريقة المنافية لكل القيم الديمقراطية والإنسانية مخيف وستكون له تداعيات مؤلمة على مستقبل تونس ومنطقتنا المغاربية والعربية والإسلامية".
وأضاف: "لن يكون شرفا اعتقال رجل ثمانيني أمضى حياته كلها دفاعا عن الحرية والتعايش الإنساني ونبذ العنف والتطرف ومدافعا عن التوافق حتى مع ألد خصومه، وإنما هو فعل غير محمود.. فاعتقال المعارضين لا يطعم الجياع ولا يحقق النمو الاقتصادي الذي تطالب به الشعوب".
وتابع: "أما الذين يعتقدون بأن الاعتقال يمكنه أن يستأصل الأفكار ويجتثها فهم واهمون، هذا فضلا عن أن الغنوشي هو رمز للتجديد الديني في العالم العربي والإسلامي، وإشعاعه يتجاوز تونس إلى العالم، وبالتالي فاعتقاله من شأنه أن يزيد من انتشار أفكاره المعتدلة وليس العكس"، على حد تعبيره.
والإثنين، أوقفت قوات الأمن التونسية الغنوشي بعدما داهمت منزله وقت الإفطار، وأمرت المحكمة الابتدائية صباح الخميس، بسجنه، بعد استجوابه في النيابة العامة.