(قصة يوسف عليه السلام والحِكمة في سوقها في مكان واحد)
الحلقة: 6
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
7 ذو الحجة 1444ه/ 25 يونيو 2023م
قصّة يوسف عليه السلام لم ترد في القرآن في غير هذا الموضع بخلاف قصص سائر الأنبياء وأخبارهم، فإنّها جاءت متفرقة، بل لعلّه لم يرد ذكر ليوسف عليه السلام في غير هذه السّورة وآية في سورة الأنعام وآية في سورة غافر.(1)
بدأت قصَّة يوسف عليه السلام وانتهت في سورة واحدة، والآيات طبيعتها تستلزم هذا الّلون من الأداء؛ فهي رؤيا تتحقق رويداً رويداً، ويوماً بعد يوم، ومرحلة بعد مرحلة، فلا تتمّ العبرة إلّا بها، كما لا يتمّ التنسيق الفنّي فيها إلّا بأن يتابع السّياق خطوات القصّة ومراحلها حتّى نهايتها، وإفراد حلقة واحدة منها في موقع لا يحقّق شيئاً من هذا كلّه، كما يحقّقه إفراد بعض الحلقات في قصص الرّسل الآخرين؛ كحلقة قصّة سليمان مع ملكة اليمن (بلقيس ملكة سبأ"، أو حلقة قصّة مولد مريم بنت عمران، أو حلقة قصّة مولد عيسى بن مريم عليه السلام، أو حلقة قصّة نوح عليه السلام والطوفان العظيم... إلخ. فهذه الحلقات القرآنية تفي بالغرض منها كاملاً في مواضعها، أمّا قصّة يوسف فتقتضي أن تأتي مشاهدها كلّها متوالية من بدايتها إلى نهايتها.(2)
وقال أبو إسحاق الإسفراييني: إنّما كرر الله قصص الأنبياء، وساق قصّة يوسف مساقاً واحداً إشارة إلى عجز العرب، كأنّ النبيّ ﷺ قال لهم: إن كان من تلقاء نفسي، فافعلوا في قصّة يوسف ما فعلت في سائر القصص.(3) وقال أيضاً: إنّ سورة يوسف نزلت بسبب طلب الصحابة أن يقصّ عليهم كما رواه الحاكم في مستدركه، فنزلت مبسوطة تامّة ليحصل لهم مقصود القصص من استيعاب القصّة، وترويح النفس بها والإحاطة بطرفَيها.(4)
مراجع الحلقة السادسة:
آيات للسائلين، د. ناصر العمر، مرجع سابق، ص 29.
2 في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، الطبعة الأولى، 1972م، (5/60).
3 آيات للسائلين، مرجع سابق، ص 30.
4 المصدر السابق نفسه، ص 30.
يمكنكم تحميل كتاب النبي الوزير يوسف الصديق عليه السلام
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي