العلاقة بين هشام بن عبد الملك وولاته
من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):
الحلقة: 212
بقلم: د. علي محمد الصلابي
8 رمضان 1442 ه/ 20 أبريل 2021
كان الوالي مسؤولاً عن ولايته، يختار موظفيها، كصاحب الشرطة والقاضي وولاة المدن التابعة له، ولم يتدخل هشام في شؤون الولاة الذين يعينهم، إلا في حالات قليلة، فمثلاً عندما ولى خالد القسري على شرطته شخصاً صغير السن، كتب هشام إلى خالد: إنك وليت شرطتك رجلاً حدثاً، فلو وليتها ذا حيلة ونقلت صاحبك إلى ما هو أجدى عليه.. فولاه فارس.. وولى شرطته للعريان بن الهيثم. وقد أساء كتّاب قاضي مصر، يحيى بن ميمون، السيرة؛ فقد كانوا: لا يكتبون قضية إلا برشوة، فكلم يحيى في ذلك فلم ينكر، ثم كلم مرة بعد مرة فلم يعزل منهم أحداً عن كتابته، وشكا يتيم وصيه إلى يحيى، فلم ينصفه منه، وشهد له جماعة من قومه أنه مظلوم، فلم يستمع
يحيى إليه فتمثل اليتيم بأبيات من الشعر؛ منها:
حكمتَ بباطلٍ لم تأتِ حقّاً
ولم يُسمعْ بحكمٍ مثلِ ذاكا
فلما بلغ الشعر يحيى سجن اليتيم، فرفع أمره إلى هشام، فعظم ذلك عليه وكتب بصرفه، وكان في كتابه إلى الوليد بن رفاعة والي مصر: اصرف يحيى عما يتولاه من القضاء مذموماً مدحوراً، وتخير لقضاء جندك رجلاً عفيفاً ورعاً تقياً... فعزله.
ومع ما للوالي من سلطات واسعة في ولايته، فقد كان هشام لا يتردد عن عزل الوالي إذا شكا الناس وصدقت الشكوى؛ فقد عزل أسد بن عبد الله القسري عن خراسان، وكان أسد حاد الطابع سريع الغضب، تعصب لقومه من اليمانية ضد القيسية. ولما اتهم سعيد بن هشام بن عبد الملك بسوء السيرة وكان يلي حمص، عزله هشام ووبخه. وكان اختيار هشام يتم على الولاء للأسرة الأموية، وكان استمرارهم في مناصبهم يتوقف على رضا الخليفة والناس عنهم إلى حد كبير.
1 ـ وقد حاول ولاة الأقاليم المحادَّة للأعداء: للمحافظة على حدود ولاياتهم من جهة، واستهدفوا استمرار حركة الفتوحات من جهة ثانية، وقد نجحوا في مهمتهم إلى حد كبير، كما تمكن ولاة الأقاليم التي لها سواحل بحرية من حماية ولاياتهم في أغلب الأحيان، ورغم أن الروم هاجموا السواحل الإسلامية أكثر من مرة خلال عهد هشام، لكن المسلمين كانوا في مركز من القوة مكنهم من الرد على البيزنطيين في الحوض الشرقي لبحر الروم، ومكنهم من السيطرة على حوضه الغربي.
2 ـ كانت الظروف السائدة في إقليمي: خراسان والأندلس متشابهة إلى حد ما؛ فقد كانتا محادتين لأعداء أقوياء؛ كالترك والفرنجة، كما كان يسودهما أيضاً صراع بين العرب والموالين من فرس وبربر وغيرهم من جهة، وبين العرب أنفسهم من قيسيين ويمانيين من جهة ثانية، وكان ذلك من بين العوامل التي أدت إلى ضعف مركز المسلمين أمام الأعداء في الإقليمين المذكورين، وإلى سرعة تبدل الولاة فيهما.
3 ـ أما ولاة الأقاليم الداخلية: فكان جل نشاطهم منصرفاً إلى المحافظة على الأمن والاستقرار، وجمع ما يمكن جمعه من الأموال، وقد أنفق ولاة الأقاليم الداخلية كثيراً من جهودهم لمجابهة حركات المعارضة من ثورات وحركات سرية وغيرها داخل ولاياتهم، وقد نجح بعضهم في تخفيف حدة المعارضة إلى أدنى حد ممكن، ولكن سياسة الشدة التي اتبعها بعضهم الآخر كانت من بين الأسباب التي أدت إلى قيام ثورات شملت مناطق واسعة من ولاياتهم، وأدت بالتظافر مع عوامل أخرى إلى ضعف الدولة الأموية.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com