صلاة العيدين
اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)
الحلقة: 149
لكلِّ أمة من الأمم أيام ارتبطت بأحداث وذكريات تاريخية لها أثرها في حياتها، تسمَّى أعيادًا، تفرح فيها وتمرح، وتتجمل وتلهو. هي أشبه بالواحة في صحراء الحياة اللاهثة الحادة.
وقد رعى الإسلام هذه السُّنة الاجتماعية، فجعل للمسلمين عيدَيْن في كلِّ عام، ربط كلًّا منهما بإحدى شعائره الكبرى: فلم يدع للناس أن يكثروا الأعياد حسب أهوائهم؛ لأنّها إذا قلَّت اهتمَّ الناس بها، وخصوصًا إذا ارتبطت بأحداث كبيرة له أثرها في الأمة، وكرَّرها حتى تكون موسمية يتعودها الناس.
أحدهما: عيد الفطر، في اليوم الأول من شهر شوال، عقب الفراغ من فريضة الصيام السنوية، فهو يمثل الفرحة بقضاء هذا الواجب، وعودة المسلم لحياته الطبيعية في مأكله ومشربه وعلاقته بأهله، وفي الحديث: "للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".
وفرحة العيد هنا تأتي: بأداء الواجب السنوي بإكمال صوم الشهر، وهذه فرحة دينية عظيمة. كما يفرح المسلم بعودته إلى حياة الحرية الطبيعية فلا يحظر عليه في النهار شهوة البطن ولا شهوة الفرج.
والثاني: عيد الأضحى، ويأتي عقب أداء معظم أعمال شعيرة الحج، تلك الشعيرة التي تمثل مؤتمرًا إسلاميًّا عالميًّا، يلبي المسلمون دعوة ربهم إلى الحج، وينتقلون من بلادهم إلى مكة المكرمة، يقفون بعرفات، ويصلون بمزدلفة، ويبيتون بها، ليرموا جمراتهم في الصباح بمنى، ليسعوا إلى الطواف ببيت الله الحرام، أول بيت وضع في الأرض لعبادة الله وحده.
وتمتاز الأعياد في الإسلام بأنَّها تجمع بين المعاني الربانية، والمعاني الإنسانية، فمن معانيها الربانية: ما يُشرع فيها من الصلاة. التي تُسمى بصلاة العيدين.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) 373-374