الأحد

1446-11-06

|

2025-5-4

السؤال
كيف نجمع بين الحديثين التاليين:

أ- من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا.

ب- من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد. فالحديث الأول لا يدل على الكفر، والثاني يدل على الكفر؟

 

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الحديث الأول رواه مسلم في صحيحه، وليس فيه (فصدقه).

والحديث الثاني رواه أهل السنن، وفيه (من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه...).. وجمع بينهما أهل العلم بأن الأول فيه بيان حكم من سأل الكاهن ولم يصدقه، والثاني في حكم من سأله وصدقه.

إذاً فإتيان الكهّان وسؤالهم حرام حتى ولو لم يصدقهم السائل، وهذا الإشكال والتعارض بين الحديثين في الظاهر إنما يكون على قول من يرى أن الكفر في الحديث كفر أكبر، أما من يرى أنه كفر دون كفر فلا تعارض بين الحديثين عنده؛ الأول يدل على عقوبة من أتى كاهناً وسأله ولو صدقه كما جاء في رواية، وذلك بحرمانه من ثواب صلاته أربعين يوماً.

والحديث الثاني يدل على إطلاق اسم الكفر عليه لما في نظائره كما قال صلى الله عليه وسلم اثنتان في النار هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت، وقال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وهذا التوجيه للحديثين أظهر عندي؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: فقد كفر بما أنزل على محمد ليس الكفر المخرج عن الملة، فإن الغالب أن من يأتي الكهان لا يعتقد أنهم يعلمون الغيب الذي تفرد الله به، لكن يعتقد أنه يستدل على ما يخبره بأمور خاصة أو تأتيه الجنُ ببعض الأخبار، لما جاء في الحديث أن مسترق السمع من الجن يَقْرُ ما سمعه في أذن الكاهن، ويلقيه على لسانه. والله أعلم.

 

المجيب
العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022