الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

فضائل المسجد الأقصى

(مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنطلق معراجه)

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة (99)

 

إن المسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله ﷺ، فلا يجوز شدّ الرحال إلا لثلاثة مساجد، ثالثها المسجد الأقصى، وقد وردت نصوص شرعية كثيرة تصرح بأهمية المسجد الأقصى أهمها:

أ- مسرى رسول الله ﷺ:

قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].

وفيها إشارة إلى التواصل بين المسجد الحرام، والمسجد الأقصى؛ فمعجزة الإسراء والمعراج من أعظم معجزات نبينا محمد، وهي ثابتة في الكتاب والسنة؛ حيث أسري به من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، وأَمَّ الأنبياء فيه عليهم السلام؛ ومنه عرج به -صعد- إلى السماء، وفيها فُرضت الصلوات الخمس المكتوبة، وذلك لأهمية القبلة الأولى للمسلمين، ولأن بيت المقدس كان مهْد كثير من الأنبياء قبله ﷺ، فحصل له الرحيل ليجمع له فضائل عدة كرماً من الله إليه.

وإن الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- إلى محمد ﷺ خاتم النبيين، وتربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعاً، وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول ﷺ الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعاً.

ب- منطلق معراجه ﷺ إلى سدرة المنتهى:

عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ».

جـ- أولى القبليتين:

كان الرسول ﷺ في مكة يصلي بين الركنين الأسود واليماني، فتكون الكعبة بين يديه، وهو مستقبل بيت المقدس، فصلى إليه عدة أشهر، فعن البراء بن عازب أن النبي ﷺ كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده –أو أخواله- من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت الحرام، وأنّه صلى صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل فيمن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله ﷺ قبل مكة فداروا كما هم، قبل البيت، وكان اليهود قد أعجبهن إذا كان يصلى قِبَل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولّى وجهه قِبَل البيت أنكروا ذلك.

 

مراجع الحلقة:

- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 476-478.

- داوود وسليمان في الأسفار اليهودية، ص445.

- في ظلال القرآن، سيد قطب، (4/2212).

 

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022