السؤال
نحن نصلي في المسجد، والصفوف أحياناً ما تكون متقاربة، وأنا طويل القامة، فعندما نقوم من الركوع وقبل السجود مباشرة أرجع للخلف قليلاً أقل من خطوة تقريباً لكي يصبح المكان أمامي كافياً للسجود، ولا اصطدم بمن أمامي أو ما شابه، فقال لي أحدهم: إن هذا لا يجوز، فأردت أن أتأكد من كلامه؛ لأنني لم أجد رداً على مثل هذا الأمر.
الجواب
الحمد لله.
الحركة اليسيرة في الصلاة إذا كانت لحاجة، أو لمصلحة الصلاة: فإنها جائزة ولا تؤثر على صحة الصلاة.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحمل أمامة ابنة زينب ويضعها وهو في صلاته.
كما ثبت عنه صلى الله عليو وسلم أنه كان يصلي على المنبر ليعلمهم الصلاة ثم ينزل ويسجد ثم يرجع إلى المنبر.
وثبت عنه أنه فتح الباب وهو صلاته.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ يُصَلِّي، فَمَرَّتْ شَاةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَاعَاهَا إِلَى الْقِبْلَةِ حَتَّى أَلْزَقَ بَطْنُهُ بِالْقِبْلَةِ" رواه ابن خزيمة (827) وغيره، وصححه الألباني.
وغير ذلك من النصوص والآثار التي تدل على جواز الحركة في الصلاة، إذا كانت لحاجة، أو لمصلحة الصلاة.
فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: "أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار رضي الله عنهم "مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ" فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بها فوضعت ها هنا، ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِي رواه البخاري (917)، ومسلم (544).
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهَا" رواه البخاري (5996)، ومسلم (543).
وعن عائشة رشي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق، فجئت فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مقامه" رواه والترمذي (601)، وحسنه الألباني.
قال ابن رشد رحمه الله: "واتَّفقوا - فيما أحسبُ - على جوازِ الفِعل الخفيفِ" انتهى من "بداية المجتهد" (1/126).
وقال العمراني رحمه الله:
وإن عمل في الصلاة عملاً ليس من جنسها، نظرت: فإن كان قليلاً، مثل: دفع المارِّ بين يديه، وفتح الباب، وخلع النعل، وإصلاح الرداء عليه، والحمل، أو الوضع، أو الإشارة، وما أشبه ذلك= لم تبطل صلاته؛ لـ: "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المصلِّي بدفع المارِّ بين يديه"، و: "خلع نعليه في الصلاة"، و: "حمل ابنة ابنته، وهي أمامةُ بنت أبي العاص، وهو يصلي، فكان إذا سجد.. وضعها، وإذا قام رفعها"، و: "سلم عليه الأنصار وهو يصلي، فردَّ عليهم بالإشارة، وهو إجماع لا خلاف فيه.
ولأن المصلِّي لا يخلو من عمل قليلٍ، فعُفي عنه" انتهى من " "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (2/ 315).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ومن الأدلة على أن العمل القليل، والحركات القليلة في الصلاة، لا تبطلها، وهكذا العمل والحركات المتفرقة غير المتوالية، ومنه ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه فتح الباب يوما لعائشة وهو يصلي.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي قتادة رضي الله عنه: أنه صلى ذات يوم بالناس، وهو حامل أمامة بنت ابنة زينب، فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها" انتهى من "مجموع فتاوى مقالات الشيخ عبد العزيز بن باز" (11/113).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأما الحركة المباحة في الصلاة: فهي اليسيرة، لحاجة. أو الكثيرة، للضرورة.
أما اليسيرة لحاجة: فمثلها فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جدها من أمها، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها" انتهى "فتاوى إسلامية" (1/287).
وبناء عليه: فإنه لا بأس بتأخرك قليلا في الصلاة لأجل أن تتجنب الاصطدام بمن أمامك أثناء سجودك، ولو تكرر في كل الركعات. لكن عليك أيضا ألا تضيق على من خلفك في موضع سجوده.
والله أعلم
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب