السؤال
هناك مواقع ينشرون أحاديث، ويبينون صحتها من ضعفها، فهل يجوز لي أن أنسخ الحديث، وأنشره من عندهم، أو من عندكم، أو من أي موقع آخر دون أخذ الإذن؟
الجواب
الحمد لله.
يجوز لكل إنسان أن يقتبس وينسخ ما يحتاجه من أي كتاب أو موقع إلكتروني، سواء كان المقتبس فتوى أو حديث مع تخريجه وشرحه.
ولا يشترط استئذان صاحب الكتاب أو الموقع الإلكتروني قبل الاقتباس، ولا يُعد ذلك تعديًا ولا خرقًا لحقوق المؤلف أو الناشر .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله:
" إنارة المفاهيم والأفكار بالأسس السليمة وتقويم معوجها ، وإصلاح ما فسد منها وبعث الحيوية والنشاط فيها ، واستصلاحها وعمارتها وظهور الأثر العملي في ميدان العمل والتطبيق = هذه الإيجابيات من أعظم عوائد التأليف ومنافعه العملية .
والاقتباس واحد من هذه الآثار المباركة ، فهو ثمرة عملية وصلت إلى حد الإيجاب باعتبارها والاستشهاد بها ، واتخاذ الكاتب لها سنداً في موضوعه وبحثه ، فهو انتفاع شرعي لا يختلف فيه اثنان ، وما زال المسلمون منذ أن عرف التأليف إلى يومنا هذا وهم يجرون على هذا المنوال في مؤلفاتهم دون نكير .
وعليه : فإن منع المؤلف لذلك يعد خرقًا للإجماع " انتهى من " فقه النوازل " (2/161).
لكن من شرط ذلك الاقتباس: إسناد المُقتبَس إلى صاحبه سواء كان كاتبًا أو موقعًا ، فإن من بركة العلم نسبته إلى أهله ؛ فإن كانت فتوى فيذكر المفتي ، وإن كان تخريج حديث فيكتب من خرجه وحكم عليه ، وإن كان مقالا نسبه لكاتبه...وهكذا ، من غير غموض أو تدليس.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" الاقتباس مشروط بأداء أمانته ، وهو نقله بأمانة منسوبًا إلى قائله دونما غموض أو تدليس أو إخلال ، ومباحث هذه منتشرة في آداب التأليف وغيرها " انتهى من " فقه النوازل " (2/162).
ومن لم يحافظ على هذا الشرط ، مخالف لأمانة النقل ، وأدب النفع والفائدة ، في نسبة القول إلى قائله والفضل إلى أهله ، متزين عند الناس بما ليس فيه .
وقد جاء عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها : " أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي ضَرَّةً ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ رواه البخاري ( 5219 )، ومسلم ( 2130 ) .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" قال العلماء : معناه المتكثّر بما ليس عنده ، بأن يظهر أنّ عنده ما ليس عنده ، يتكثّر بذلك عند النّاس ، ويتزيّن بالباطل ، فهو مذموم كما يذمّ من لبس ثوبي زور " انتهى من " شرح مسلم " (14/110) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وأما حكم التثنية في قوله ( ثوبي زور ) فللإشارة إلى أن كذب المتحلي مثنى ، لأنه كذب على نفسه بما لم يأخذ ، وعلى غيره بما لم يُعطَ ، وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه . وقال الداودي : في التثنية إشارة إلى أنه كالذي قال الزور مرتين مبالغة في التحذير من ذلك ... " انتهى من " فتح الباري " (9/318) .
والله أعلم.
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب