الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

السؤال

اليوم انتشر بين أخواتي المسلمات المتحجبات في التواصل الاجتماعي من السناب، وتكتك بنشر ملابسهم، وحليهم، والعطر المفضل، وكذا دون ظهورها، فهل في هذا الأمر خلاف لما يحدث، أفيدونا؟

 

الجواب

الحمد لله.

نشر المرأة لما تستعمله من الملابس والعطور وأدوات التجميل: أمر خطير إذا كانت متاحة للرجال والنساء، لأنّ هذا نوع من الدلالة على زينتها الخفية للرجال، ولأن في الغالب تبدأ المرأة مع ذلك بإظهار بعض أطرافها، وترخيم صوتها وتحسينه، أو إظهار خصوصياتها، وهذا مفضٍ إلى تسجيلات الإعجاب من الرجال، وتتبع الحالات، والثناء على صاحبة الحساب، والمرأة مجبولة على الميل لمن يثني عليها، وغالبا ما يفتح هذا باب شر، وفي أقل الأحوال زعزعة عاطفية عند المرأة، مما يؤثر على إيمانها، وسكونها النفسي والاجتماعي. وهذا أمر مجرب لا يكابر فيه إلا معاند.

قال القرافي رحمه الله:"سَدُّ الذَّرَائِعِ، وَمَعْنَاهُ: حَسْمُ مَادَّةِ وَسَائِلِ الْفَسَادِ؛ دَفْعًا لَهَا، فَمَتَى كَانَ الْفِعْلُ السَّالِمُ عَنْ الْمَفْسَدَةِ، وَسِيلَةً لِلْمَفْسَدَةِ: مَنَعَ الإمام مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ " انتهى من " الفروق " (2/32).

وقال شيخ الإسلام رحمه الله" الذَّرِيعَةَ إلَى الْفَسَادِ يَجِبُ سَدُّهَا، إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، وَلِهَذَا كَانَ النَّظَرُ الَّذِي يُفْضِي إلَى الْفِتْنَةِ مُحَرَّمًا، إلَّا إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ، مِثْلُ نَظَرِ الْخَاطِبِ، وَالطَّبِيبِ، وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُ يُبَاحُ النَّظَرُ لِلْحَاجَةِ، لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الشَّهْوَة" انتهى من " الفتاوى الكبرى" (1/287).

وقد أمر الله المرأة بالستر والحجاب، وإخفاء الزينة التي لا تُرى، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا إلى أن قال جل شأنه: (وَلَا يَضْرِبْنَ ‌بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)النور/31.

قال الطاهر بن عاشور -رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ ‌بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31].

"وهذا يقتضي النهي عن كل ‌ما ‌من ‌شأنه ‌أن ‌يذكر ‌الرجل ‌بلهو ‌النساء، ويثير ميله ليهن؛ من كل ما يُرى أو يُسمع، من زينة أو حركة" انتهى من "التحرير والتنوير" (18/ 213).

والحاصل: أن النهي عن ضرب الأرجل، لئلا يُعلم ما خفي من الزينة يدل على سد الذرائع المفضية إلى فتنة النساء، والفتنة بهن.

ولا يخفى ما أفضت إليه مواقع التواصل المفتوحة من شر كبير، وما فتحت من أبواب العلاقات بين الجنسين، وسهلت أمر ذلك،  مما لم يكن بالحسبان، فكم أفسدت من صاحب فطرة، وراعية دين. وذلك أن الميل الفطري بين الجنسين لا يستطيع مغالبته كل أحد.

والله أعلم.

 

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022