الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

السؤال

إذا ضرب أحد ابني فهل يجوز لي أن أضرب ابنه؛ لقوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)؟

 

الجواب

الحمد لله.

إذا ضرب صبي صبيا، فليس للأب أن يضرب الضارب، ولا حجة له في قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) البقرة/194؛ لأنه لا مماثلة بين ضرب الصبي وضرب الرجل الكبير.

وقد اختلف الفقهاء في القصاص في اللطمة واللكمة ونحوها، إذا صدرت من الكبير للكبير، وجمهورهم على أنها توجب التعزير، وأنه لا قصاص في ذلك.

والمنقول عن الصحابة رضي الله عنهم القصاص.

قال البخاري رحمه الله في كتاب الديات: بَاب " إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ ؟

وَأَقَادَ (أي : اقتص) أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلِيٌّ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ ، وَأَقَادَ عُمَرُ مِنْ ضَرْبَةٍ بِالدِّرَّةِ ، وَأَقَادَ عَلِيٌّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ ، وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وَخُمُوشٍ (أي : جروح)". انتهى.

وينظر: جواب السؤال رقم: (79142).

وهذا في ضرب البالغ للبالغ.

وأما الصبيان فلم نقف على ما يفيد إجراء القصاص بينهم، بل المعتدي منهم يؤدب فقط.

قال ابن فرحون رحمه الله: "مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: قُلْت لِأَصْبَغَ: يُؤَدَّبُ الصِّبْيَانُ فِي تَعَدِّيهِمْ وَشَتْمِهِمْ وَقَذْفِهِمْ وَجِرَاحَاتِهِمْ الْعَمْدِ وَقَتْلِهِمْ؟

قَالَ: نَعَمْ يُؤَدَّبُونَ إذَا كَانُوا قَدْ عَقَلُوا أَوْ رَاهَقُوا" انتهى من "تبصرة الحكام" (2/242).

وقال في (2/257): " قَالَ: وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ الصِّبْيَانُ فِي كُلِّ تَعَدٍّ كَانَ مِنْهُمْ إذَا كَانُوا قَدْ رَاهَقُوا وَعَقَلُوا" انتهى.

وقال ابن مفلح رحمه الله في "الآداب الشرعية" (1/451): "فصل فيما يجوز من ضرب الأولاد بشرطه.

قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عما يجوز فيه ضرب الولد، قال: الولد يضرب على الأدب. قال: وسألت أحمد هل يضرب الصبي على الصلاة؟ قال: إذا بلغ عشرا.

وقال حنبل: إن أبا عبد الله قال: اليتيم يؤدب ويضرب ضربا خفيفا.

وقال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن ضرب المعلم الصبيان، فقال: على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، وإن كان صغيرا لا يعقل فلا يضربه" انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (13/ 13) : " للمعلم ضرب الصبي الذي يتعلم عنده للتأديب.

وبتتبع عبارات الفقهاء: يتبين أنهم يقيدون حق المعلم في ضرب الصبي المتعلم بقيود منها:

أ - أن يكون الضرب معتادا للتعليم، كما، وكيفا، ومحلا، يعلم المعلم الأمن منه، ويكون ضربه باليد لا بالعصا، وليس له أن يجاوز الثلاث، روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لمرداس المعلم رضي الله عنه: إياك أن تضرب فوق الثلاث، فإنك إذا ضربت فوق الثلاث اقتص الله منك.

ب - أن يكون الضرب بإذن الولي، لأن الضرب عند التعليم غير متعارف، وإنما الضرب عند سوء الأدب، فلا يكون ذلك من التعليم في شيء، وتسليم الولي صبيه إلى المعلم لتعليمه لا يثبت الإذن في الضرب، فلهذا ليس له الضرب، إلا أن يأذن له فيه نصا.

ونقل عن بعض الشافعية قولهم: الإجماع الفعلي مطرد بجواز ذلك بدون إذن الولي .

ج - أن يكون الصبي يعقل التأديب، فليس للمعلم ضرب من لا يعقل التأديب من الصبيان" انتهى.

والحاصل:

أن ضرب الكبير للصغير قصاصا لابنه أو أخيه، لا يجوز، وهو موجب لمفاسد كثيرة من تشاجر الآباء، واتساع الشر، والسعي في الانتقام وغير ذلك.

والله أعلم.

 

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

 

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022