الأحد

1446-12-19

|

2025-6-15

دعوة إبراهيم عليه السلام الناس لأداء مناسك الحج في سورة الحج

بقلم: د. علي محمد الصلابي

 

قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} [الحج: 26-29[ .

يُشير الله تعالى في هذه الآيات إلى عظمة البيت الحرام ومكانته، وعظمة بانيه خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، الذي هيأ الله له مكان البيت، وأمره بتطهيره من الشرك والأرجاس، وجعله بيتًا للعبادة الخالصة. وقد أُضيف البيت لله تعظيمًا له، وتقديسًا لشأنه، وليكون مقصدًا للمؤمنين من الطائفين والمصلين والعاكفين.

كما أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يُؤذِّن في الناس بالحج، ليأتوه رجالًا وعلى كل ضامر من كل فج عميق، وقد استجاب إبراهيم للأمر الإلهي، فبلغ الدعوة، فلبّى الناس الدعوة بالحج عبر الأزمان. وقد جاء من بعده نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، فدعا الناس إلى حج بيت الله الحرام.

توضح الآيات أن الحج ليس فقط عبادة روحية، بل هو أيضًا مؤتمر جامع تتجلى فيه منافع دينية ودنيوية؛ ففيه تُؤدى العبادات، وتُذكر اسم الله، وتُذبح الهدايا، ويُطعم الفقراء، ويُقضى التفث، وتُوفى النذور، ويُطاف بالبيت العتيق.

وقد فصّل العلماء والمفسرون في منافع الحج، كما جاء في تفسير السعدي، وفي "ظلال القرآن" لسيد قطب، ومن ذلك:

أنه مؤتمر إنساني جامع.

أنه تجمع روحي تعبدي.

أنه موسم تجارة وعبادة.

أنه مناسبة لالتقاء المسلمين من كل أنحاء الأرض لتبادل المنافع.

كما يستعرض سيد قطب في "في ظلال القرآن" أطياف الذكريات المرتبطة بالحج، بدءًا من إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام، إلى عبد المطلب، وصولًا إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، في مشاهد إيمانية وتاريخية مؤثرة.

ويختم د. الصلابي بدعوة للتأمل في هذه الشعيرة الجامعة، التي أمر الله بها إبراهيم عليه السلام، فتوارثها الأنبياء والمؤمنون، لتظلّ معلمًا إيمانيًا خالدًا في حياة الأمة.

المراجع:

  • تفسير السعدي، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، دار ابن الجوزي.
  • في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق.
  • إبراهيم خليل الله، د. علي محمد الصلابي، دار الأصالة – إسطنبول.

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022