الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

ولادة امرأة عمران بأنثى وتقبُل المولى عز وجل

الحلقة التاسعة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

رجب 1441 ه/ مارس 2020م

1-ولادة امرأة عمران بأنثى:

قال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾(آل عمران: 36). لقد كانت تنتظر ولداً ذكراً فالنذر للمعابد لم يكن معروفاً إلا للصبيان، ليخدموا الهيكل وينقطعوا للعبادة والتبتل، ولكن ها هي ذي نجدها أنثى فتتوجه إلى ربها في دعاء حزين (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ)، فهي تتجه إلى ربها بما وجدت وكأنها تعتذر أن لم يكن لها ولد ذكر ينهض بالمهمة.
- "وليس الذكر كالأنثى"؛ ولا تنهض الأنثى بما ينهض به الذكر في هذا المجال (وإني سميتها مريم) وهذا الحديث على هذا النحو فيه شكل المناجاة القريبة مناجاة من يشعر أنه منفرد بربه ويحدثه بما في نفسه وبما بين يديه ويقدم له ما يملك تقديماً مباشراً لطيفاً، وهي الحال التي يكون فيها هؤلاء العباد المختارون مع ربهم، حال الود والقرب والمباشرة والمناجاة البسيطة العبارة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد، مناجاة من يحس أنه يحدث قريباً ودوداً سميعاً مجيباً.
وقد تحدث العلماء عن معاني عميقة في الآيات السابقة في تفسيرهم لبعض الآيات:
- "والله أعلم بما وضعت" والهدف من هذه الجملة التأكيد على علم الله بما وضعت وعلم الله بما في بطنها عندما نذرت نذرها، وعلم الله بما ستحمل وتضع قبل أن تحمل وتضع.
إن الله هو الذي قدر أن يرزقها أنثى، لحكمة يريدها وهو العالم بذلك وعلم الله شامل لكل شيء محيط بكل شيء، يعلم الأشياء قبل وقوعها، ويوجدها وفق علمه بها، فمعنى جملة "والله أعلم بما وضعت": الله أعلم بالمولود الذي وضعته، وأنه أنثى، وأنه جاء على غير ما توقعته وأرادته.
- "وليس الذكر كالأنثى" وهي أيضاً ليست من كلام امرأة عمران وإنما هي تقرير لحقيقة قاطعة أراد الله بيانها في هذا الموضوع، وهذه الجملة خاصة بالسياق الذي وردت فيه وهو نذر ما في بطن امرأة عمران للعبادة والخدمة والوقف.
والمعنى: ليس الذكر كالأنثى في هذا المجال، لأن خدمة بيت الله، والتفرغ لعبادة الله، في بيت الله لا يتساوى فيه الذكر والأنثى، فهو يحتاج إلى مزيد من الجهد، والقوة والجلد والتحمّل والصبر، يبذل فيه صاحبه كثيراً من الطاقة البدنية. وليس الذكر كالأنثى في هذا المجال، فالأنثى قد لا تقدر على أداء ذلك بصورة جيدة، فالذكر أكثر قوة وطاقة وجلداً من الأنثى.
ولا نرى أن تُعمم هذه الجملة (وليس الذكر كالأنثى) لتشمل جميع مجالات الحياة بين الرجال والنساء، ولا نرى استنطاق هذه الجملة لتدل على التفضيل المطلق للرجال على النساء في كل شيء.
ولا يوجد نصٌّ صريح في تفضيل الذكور على الإناث تفضيلاً ذكورياً، لذكر أفضل باعتباره ذكراً من الأنثى لا يوجد نصّ على ذلك، بل القرآن صريح في اعتماد التقوى أساس التفضيل والتفاضل والتكريم قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ (الحجرات: 13). أكرمكم عند الله أتقاكم، سواء كان ذكراً أم أنثى، واللطيف في المعنى اللغوي لكل من الذكر والأنثى أنه قائم على أساس التفريق المعنوي بينهما.
إن معنى (الذكر) قائم على الشدة والقوة واليبوسة، ومعنى (الأنثى) فهو قائم على الليونة والنعومة، فالله حكيم في خلق كل من الذكر والأنثى، فلم يجعلهما متماثلان في كل شيء وفي موضوع الشدة والصلابة جعل الذكر أقوى من الأنثى، الذكر هو الأشد والأمتن والأقوى، والأصلب، ليؤدي رسالته في الحياة، والأنثى هي الأكثر ليونة وسهولة، هي المتكسرة الرقيقة اللطيفة لتؤدي وظيفتها وتكون مطلوبة مرغوباً فيها، وصدق الله القائل (وليس الذكر كالأنثى).
- "وإني سميتها" و (مريم) اسم الأنثى الوحيد المذكور في القرآن، أما النساء الأخريات فإنهن يذكرن بألقابهن وكناهن فيقال (أم موسى) و (أخت موسى) و (امرأة فرعون) وهكذا.
ومعنى (مريم) في لغتهم - كما جاء - العابدة وهي تتمنى أن تكون وليدتها عابدة خاشعة لرب العالمين وإذا كانت سمتها ساعة ولادتها بهذا الاسم، فهذا يدلُّ على امتلائها ووعيها بالغاية التي تريدها من مولودها منذ أن كانت تحنُّ للولد وتتضرع إلى الله أن يرزقها إياه، ولهذا عجلت وأعلنت اسمها تفاؤلاً وأملاً .
وفي هذه التسمية أشارت إلى عزمها على إمضاء نذرها ورجائها أن يكون عند الله مقبولاً، والسعي في التقرب إليه سبحانه وتعالى وإظهار أنها غير راجفة في نيتها، وإن كان ما وضعته أنثى، وأنها وإن لم تكن خليقة بسدانة بيت المقدس فلتكن من العابدات فيه.
- "وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم"؛ وما زال الحديث موصولاً عن مناجاة امرأة عمران لربها وتضرعها إليه أن يقبل وليدتها ويجعلها مباركة، ويحفظها من الشيطان الرجيم، فالمولى سبحانه وتعالى خير حافظ، وهو سبحانه أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وفي هذه الدعوة التي توجهت بها امرأة عمران لربها إشارة إلى حرصها ورجائها في أن يحفظ الله لها بنتها ويرعاها حتى تشب وتكبر وتكون لها ذرية، ولقد استجاب الله تعالى لها.
وعندما ننظر في الآيات التي سجلت دعاء امرأة عمران فإننا ندرك منها صفاء روحها، وعظمة إيمانها وحرارة اتصالها بالله، يظهر ذلك في قوله: ﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾، ومن قوله: ﴿ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾، و(ذريتها) محصورة في ابنها عيسى عليه السلام، لأن ظاهر السياق القرآني على أن مريم لم تتزوج وأنها أنجبت عيسى بأمر من الله، وعيسى عليه السلام رفع إلى السماء ولم يتزوج، فليس له ذرية ولا نسل.
وقد استجاب الله دعاء امرأة عمران فأعاذ مريم من الشيطان الرجيم، وأعاذ ذريتها - ابنها عيسى- من الشيطان الرجيم أيضاً،لم يكن للشيطان سبيل لمريم وابنها عيسى، ولم يكن له سلطان عليهما، فحفظها الله من وساوسه ونزعاته، بل إنه لم يمسّ مريم حين ولادتها، ولم يمس عيسى أيضاً حين ولادته، وصرح بهذه الحقيقة رسولنا صلى الله عليه وسلم.
فقد قال صلى الله عليه وسلم :"ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مسّ الشيطان غير مريم وابنها"، ثم قرأ أبو هريرة راوي الحديث قول الله (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم).
لقد سألت امرأة عمران ربها أن يحفظ الوليدة ابنة الأطهار الأبرار من مكائد الشيطان وتسويله لتتم النعم بخلوصها لرب العالمين، وزادت من مناجاتها في مقام أنسها بربها أن يتعدى حفظه ورعايته وصونه وكرامته هذه الوليدة البريئة الطاهرة لتشمل ذريتها، مهما امتدت عروقها وتتابعت أغصانها وفروعها فهي حلقات بيت صالح، وللصالح آثاره التي تدرك الذرية ولو بعد حين، فاستجاب الله عز وجل دعاء امرأة عمران كاملاً غير منقوص وزادها نعائم على نعائمه ولم يجعل للشيطان من ساعة ولادتها إليها من سبيل.
وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تحصين ذريتنا من الشيطان الرجيم، فالإنسان إذا ما جاء أهله، ومجيء الأهل مظنة حصول الولد، فيقول الإنسان إذا جاء أهله "اللهم جنبي الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني، فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه".

2- تقبُل المولى عز وجل وإنباتها نباتاً حسناً:

لقد علم الله تعالى إخلاص امرأة عمران في ندائها لربها فقد كانت عارفة بأسرار النداء والدعاء فنادت ربها قائلة: (ربّ) فهي طلبت من الرب التربية من البداية إلى النهاية، وكان في دعائها تضرع وانكسار لنفسها بين يدي ربها حيث كان نذرها بناء على أن يكون ذكراً يحصل منه من القوة والخدمة والقيام بذلك ما يحصل من أهل القوة، والأنثى بخلاف ذلك فجبر الله قلبها وتقبل الله نذرها، وصارت هذه الأنثى أكمل وأتم من كثير من الذكور، بل من أكثرهم، وحصل بها من المقاصد أعظم ما يحصل الذكر.
وكانت الإجابات الإلهية والنفحات الربانية والمواهب اللدنية التي تنتظر هذه الوليدة السعيدة، فأوحى الله عز وجل إلى نبي الله زكريا أن تقبلوا هذه الوليدة في رحاب البيت المقدس، خلاف غيرها من الإناث لخدمته وللتفرغ للعبادة في جنباته فيه طاهرة مصون مصطفاة على النساء وهذا من استجابة دعاء الله لامرأة عمران، بأن قبل ما تمنته من انقطاع وليدها لله ومرافقة الصالحين العابدين، ولم يقبل قبلها أنثى في هذا.
وجعل نشأتها خير نشأة في خلْقها وخُلُقها، فقد رزقها الله شكلاً جميلاً ومنظراً بهيجاً، وسلكها في سلك أهل السعادة من العباد الصالحين، وقرنها في طفولتها بالأولياء المتبتلين، فلم تعرف للشر طريقاً ولا للزيغ مدخلاً، ومن نشأ هذه النشأة الحسنة، وترعرع في هذا الجو الإيماني فأنى له إذا كبر أن ينحرف أو يزيغ.
وهذه الآية الكريمة قاعدة من قواعد التربية القرآنية في العناية بالأطفال من ولادتهم، وحمايتهم في نشأتهم وطفولتهم حتى يرسخ الإيمان في قلوبهم والعمل الصالح في جوارحهم، وأن يعيشوا في أتراب لهم صالحين وقرناء طاهرين، لينبتوا نباتاً حسناً وليسبق الخير إلى قلوبهم وعقولهم، حتى إذا ما جاء الشر قل أن يجد له مكاناً وموضعاً، وكم في هذه الآية الكريمة ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ﴾ (آل عمران: 37) من أثر ندي في القلب يوحي إلى قلب كل أب بمعاني العناية والرعاية، والحرص على الأبناء والذرية، ومن تمام العناية والنشأة الحسنة، والرعاية الصالحة أن كفلها زكريا وهو زوج خالتها على الأشهر، أو زوج أختها كما جاء في رواية، ففي حديث الإسراء والمعراج: "فإذا أنا بابن الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا"، ويطلق على القول الأول بتوسع.
وقد قال الإمام مالك وغيره: إن أمها أسلمتها إليهم بعد إرضاعها وبقائها في حجرها مدة يدفع مثلها إلى الغير، وإليه مال ابن كثير وجمهور المفسرين، أن أمها حين وضعتها لفتها في خروقها، ثم خرجت بها إلى المسجد فسلمتها إلى العبّاد المقيمين به، وكانت ابنة إمامهم وحَبْرهم و صاحب صلاتهم فتنازعوا فيما بينهم كل يريد أن يفوز بهذه الزلفى، ويحظى بهذه القربة إلى الله تعالى، فمِنَنُ عمران عليهم كمعلم وحبر كثيرة، وهي تمتُّ إلى أصل جليل وشجرة مباركة، فالعناية بها ليست كالعناية بغيرها، وجاء الوحي بقبولها في البيت المقدس، كل هذه الأمور وغيرها جعلتهم يتنافسون على الفوز بهذا الشرف العظيم، حتى اقترعوا بينهم كما قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ (آل عمران: 44).
وكان في قدر الله تعالى أن تكون في كفالة النبي زكريا، وخالتها زوجه، وقد جاء في الحديث الشريف: "الخالة بمنزلة الأم"، فعطف خالتها كبير ورعايتها لشؤونها في جانب المرأة تامة، أما كفالة زكريا فلتقتبس من عمله وصلاحه ولتطمئن، وتأمن على نفسها اطمئناناً تاماً، وفي هذا تعلم للآباء، ليختاروا لأبنائهم وبناتهم مربين ومعلمين ومعلمات من الصالحين والصالحات الأكفاء.
إن امرأة عمران بصلاحها وصلاح بيتها كانت تتمنى الولد الصالح، وليس أي ولد توكلت على ربها في ذلك وفي غيره من شؤونها.
إن هذه الآيات التي أخبرتنا عن امرأة عمران في رغبتها للولد تكشف لنا معلم من معالم طريق الصلحاء الأتقياء أنه يهيؤون أولادهم في مهمات الحياة الراقية وقممها العالية، ومقاصدها الغالية، وعلى رأسها خدمة الدين وتبليغ الدعوة في استمرارها وبقائها، ولا يهيؤونهم لما هو فائت عاجل، مما يستوي فيه الإنسان والعجماوات، ولما ولدت الأنثى لم تسخط ولم تتذمر بل رضيت وليس الرضى أن لا تحس بالبلاء، بل الرضى أن لا تعترض على الحكم والقضاء، والرضى سكون القلب إلى أحكامه، وموافقة القلب بما رضي الله تعالى به واختاره، وأفادتنا هذه الآيات البينات الحرص على اختيار الصالح الحسن من الأسماء، لما نتوسمه ونرجوه من البنات والأبناء، ليشيب الناشئ، وهو عارف بما أراده من أبواه.
وقد كان العرب يسمون أولادهم صخراً، وحرباً وأمثالها، ويسمون خدمهم بنافع وأفلح وبركة، ولما سئلوا عن ذلك قالوا: إن أولادنا لأعدائنا، وخدمنا لنا، ولهذا سميهم كل بما هو له.
ومدت أكفها إلى الله بصالح الدعاء لولدها وذريتها، ودعاء والوالدين له شأن عظيم عند الله، وكل هذه الدرجات مراقي عالية في التربية القرآنية.
وعلمتنا هذه التوجيهات الربانية أن نحرص بكل ما نستطيع على إنبات أبنائنا وبناتنا النبات الحسن، وأن يكون ذلك نصب أعيننا في غدوتنا ورواحنا وليلنا ونهارنا.
قال تعالى: ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ﴾ (آل عمران: 37)، والقبول هو: أخذ الشيء برضا والحسن شيء فوق الرضا، ستلمحه في تربية مريم العذراء وهو ليس قبولاً عادياً، ولكنه قبول حسن ولهذا قال تعالى: ﴿ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾ (آل عمران: 37).
فالإنبات الحسن يحمل ملحظين في حياة مريم عليها السلام:
أولهما: أنها كانت تحت التربية الربانية منذ بدايتها الأولى في بطن أمها، كما يرعى الفلاح نباته بالعناية والنماء.
ثانيهما: أن إجابة الله لامرأة عمران دليل على إخلاصها، لأن الله اختص مريم بالتربية التي هي من خصائص الربوبية، من الإنبات الحسن، وكفالة زكريا لها.
وفي قوله تعالى (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ)، جاءت الفاء هنا للتعقيب؛ لبيان سرعة استجابة المولى عز وجل لدعائها وسرعة تحقيقه لرجائها فهو من المؤمن قريب ولدعائه مجيب، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ (البقرة: 186)، وفي قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ (غافر: 60).
وفي قوله تعالى (وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا) مع قبولها عند الله قبولاً حسناً، فقد أكرمها الله وأنعم عليها بأن أنبتها نباتاً حسناً، قال ابن كثير: جعلها شكلاً مليحاً ومنظراً بهيجاً، وقد رباها الربّ عز وجل تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها. والآية تفيد حسن نمائها وسلامتها واكتمال بنيتها اكتمالاً طبيعياً برعاية ربانية خالصة.

مراجع البحث:
- علي محمّد محمّد الصّلابيّ، المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام (الحقيقة الكاملة)، 2019م ص (69:61)
- فاروق حمادة، آباء وأبناء ملامح تربوية في القرآن الكريم، دار القلم، دمشق، ط1، 1997م، ص 235.
- سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق للطباعة، القاهرة، ط32، 2003 م، 1/393.
- محمد متولي الشعراوي، مريم والمسيح، جمع وإعداد: عبد القادر أحمد عطا، مكتبة التراث الإسلامي، القاهرة، د.ت، ص 52.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022