السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

من كتاب المسيح ابن مريم عليه السلام : الحقيقة الكاملة
(لعن كفار بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم)
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الأولى 1442 ه/ يناير 2021
 
قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ (المائدة: 78 : 81).
هذا تقرير شامل عن موقف أنبياء بني إسرائيل على مدى التاريخ، ممثَّلاً في موقف داود وعيسى عليهما السلام، وكلاهما لعن كفار بني إسرائيل واستجاب الله له بسبب عصيانهم وعدوانهم، وبسبب انحلالهم الاجتماعي، وسكوتهم عن المنكر، يفشو فيهم فلا يتناهون عنه، وبسبب توليهم الكافرين فباؤوا بالسخط واللعنة، وكتب عليهم الخلود في العذاب، وهكذا يبدو أن تاريخ بني إسرائيل في الكفر والمعصية واللعنة عريق، وأن أنبياءهم الذي أرسلوا لهدايتهم وإنقاذهم، هم في النهاية الذين تولوا لعنتهم وطردهم من هداية الله، فسمع الله دعاءهم، وكتب السخط واللعنة على بني إسرائيل. والذين كفروا من بني إسرائيل هم الذين حرفوا كتبهم المنزلة وهم الذين لم يتحاكموا إلى شريعة الله كما مر في المواضع القرآنية المتعددة في هذه السورة وفي السور غيرها، وهم الذين نقضوا عهد الله معهم لينصرنَّ كل رسول ويعزرونه وينصرونه.
- (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ):
هي المعصية والاعتداء، يتمثلان في كل صورهما الاعتقادية والسلوكية على السواء، وقد حفل تاريخ بني إسرائيل بالمعصية والاعتداء كما فصّل الله في كتابه الكريم. ولم تكن المعصية والاعتداء أعمالاً فردية في مجتمع بني إسرائيل ولكنها انتهت إلى أن تصبح طابع الجماعة كلها وأن يسكت عنها المجتمع ولا يقابلها بالتناهي والنكير.
- (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
إن العصيان والعدوان قد يقعان في كل مجتمع من الشريرين المفسدين المنحرفين، فالأرض لا تخلو من الشر، والمجتمع لا يخلو من الشذوذ، ولكن طبيعة المجتمع الصالح لا تسمح للشر والمنكر أن يصبحا عرفاً مصطلحاً عليه، وأن يصبحا سهلاً يجترئ عليه كل من يهمُّ به، وعندما يصبح فعل الشر أصعب من فعل الخير في مجتمع من المجتمعات، ويصبح الجزاء على الشر رادعاً وجماعياً تقف الجماعة كلها دونه وتوقع العقوبة الرادعة عليه، عندئذ ينزوي الشر وتنحسر دوافعه، وعندئذ يتماسك المجتمع فلا تنحل عراه، وعندئذ ينحصر الفساد في أفراد أو مجموعات يطاردها المجتمع، ولا يسمح لها بالسيطرة، وعندئذ لا تشيع الفاحشة ولا تصبح هي الطابع العام.
ويبين القرآن الكريم موقف الأنبياء من بني إسرائيل من الفساد المستشري في بني إسرائيل، وكيف وقف نبي الله داود ونبي الله عيسى ضد المنكر، ويبين القرآن الكريم خطورة تولي الذي كفروا عندما قال تعالى (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة: 80 - 81).
 
يمكنكم تحميل كتاب المسيح ابن مريم عليه السلام : الحقيقة الكاملة من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي:
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022