الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

من أعمال الملائكة المتعلقة ببني آدم (3)

الحلقة: العاشرة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1441 ه/ يونيو 2020

تثبيت المؤمنين وقتالهم معهم:
كما حصل في عددٍ من الغزوات فقد شاركوا في قتالِ المشركين في بدر والأحزاب وقُريظة وغيرها وقد سجّل القران الكريم بعض تلك المشاركات ليبين لهم عظيمَ نعمته على عباده المؤمنين من نصرتهم وتأييده سبحانه وتعالى لهم:
أ ـ في غزوة بدر
ثبت في نصوص القران الكريم والسنة النبوية المطهرة ومرويات عددٍ من الصحابة البدريين أنّ الله تعالى ألقى في قلوبِ الذين كفروا الرُّعب قال تعالى {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ *} الأنفال: 12.
وقال تعالى {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ *بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ *} {وَيأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ *}[ال عمران 123 ـ 126[.
وقد أشارت الأحاديث الصحيحة إلى مشاركة الملائكة في معركة بدر وقيامهم بضرب المشركين وقتلهم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقياً فنظر إليه فإذا هو خُطِم أنفُه وشق وجهه كضربة السَّوط فاخضرّ ذلك أجمع فجـاء الأنصاري فحدَّث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقـال صدقت ذلك من مدد السمـاء الثالثة، ومن حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أيضاً قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر هذا جبريل اخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب، ومن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيراً فقال العباس يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني لقد أسرني رجل أجْلحُ، من أحسن الناس وجهاً على فرس أبلق، وما أراه في القوم فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله، فقال: اسكت فقد أيدك الله بملك كريم، ومن حديث أبي داود المازني قال إني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربـه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قتله غيري.
وقد بوّبَ البخاريُّ بابَ شهودِ الملائكة بدراً وساق بسنده حديثَ رُفاعة بن رافع قـال جاء جبريلُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقـال مـا تعدّون أهلَ بـدرٍ فيكم؟ قـال «مِنْ أفضلِ المسلمين أو كلمـة نحوها» قال «وكذلك من شهدَ بدراً من الملائكةِ».
إنّ إمداد الله تعالى للمؤمنين بالملائكة أمرٌ قطعيٌّ ثابتٌ لا شك فيه وإنّ الحكمة من هذا الإمدادِ تحصيلُ ما يكون سبباً لانتصار المسلمين وهذا ما حصل بنزول الملائكةِ فقد قاموا بكلِّ ما يمكن أن يكون سبباً لنصر المسلمين من تبشيرهم بالنصر ومن تثبيتهم بما ألقوه في قلوبهم من بواعث الأمل في نصرهم والنشاط في قتالهم وبما أظهروه لهم من أنّهم معانون من الله تعالى وأيضاً بما قام به بعضُهم من الاشتراك الفعلي في القتال ولا شكَّ أنَّ هذا الاشتراكَ الفعلي في القتال قوّى قلوبهم وثبَّتهم في القتال وهذا ما دلّتْ عليه الاياتُ وصرّحت به الأحاديث النبوية.
وقد يسأل سائل ما الحكمةُ في إمدادِ المسلمين بالملائكة مع أنَّ واحداً من الملائكة كجبريل عليه السلام قادرٌ بتوفيق الله على إبادة الكفار وقد أجاب الدكتور عبد الكريم زيدان على ذلك فقال لقد مضتْ سنةُ اللهِ بتدافع الحق وأهله مع الباطل وأهله وأنَّ الغلبة تكونُ وفقاً لسنن الله في الغلبة والانتصار وأنَّ هذا التدافعَ يقعُ في الأصل بين أهل الجانبين الحق والباطل ومن ثمراتِ التمسُّكِ بالحق والقيامُ بمتطلباته أن يحصلوا على عونٍ وتأييدٍ من الله تعالى بأشكالٍ وأنواعٍ متعددة في التأييد والعون ولكنْ تبقى المدافعةُ والتدافعُ يجريان وفقاً لسنن الله فيهما وفي نتيجة التدافع فالجهة الأقوى بكلِّ معاني القوة اللازمة للغلبة هي التي تغلبُ فالإمداد بالملائكة هو بعضُ ثمرات إيمان تلك العصبة المجاهدة ذلك الإمداد الذي تحقق به ما يستلزِمُ الغلبة على العدو ولكنْ بقيتِ الغلبةُ موقوفةً على ما قدمه أولئك المؤمنون في القتال ومباشرتهم لأعمال القتال وتعرّضهم للقتل وصمودهم وثباتهم في الحرب واستدامة توكلهم على الله واعتمادِهم عليه وثقتهم به وهذه معانٍ جعلها الله حسبَ سننه في الحياة أسباباً للغلبة والنصر مع الأسباب الأخرى المادية مثل العدة والعدد والاستعداد للحرب وتعلم فنونها... الخ.
ولهذا فإنّ الإسلامَ يدعو المسلمين إلى أن يباشروا بأنفسهم إزهاقَ الباطل وقتالَ المبطلين ويهيئوا الأسباب المادية والإيمانيةَ للغلبة والانتصار وبأيديهم إن شاء الله تعالى ينال المبطلون ما يستحقّون من العقاب، قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ *وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *} التوبة: 14 ـ 15.
إن نزول الملائكة عليهم السلام من السماوات العُلا إلى الأرض لنصر المؤمنين حدثٌ عظيم إنه قوة عظمى وثباتٌ راسخٌ للمؤمنين حينما يؤمنون بأنهم ليسوا وحدَهم في الميدان وأنهم إذا حققوا أسباب النصر واجتنبوا موانعه فإنهم أهلٌ لمدد السماء وهذا الشعورُ يعطيهم جرأةً في مقاتلة الأعداء وإنْ كان ذلك على سبيل المغامرةِ لِبُعْدِ التكافؤ المادي بين جيشِ الكفار الكبير عدداً القوي إعداداً وجيش المؤمنين القليل عدداً الضعيفِ إعداداً وهو في الوقتِ نفسهِ عاملٌ قوي في تحطيم معنوية الكفار وزعزعةِ يقينهم وذلك حينما يشيع في صفوفهم احتمال تكرار نزول الملائكة الذين شاهدهم بعضُ الكفار عياناً إنهم مهما قدّروا قوة المسلمين وعددهم فإنّه سيبقى في وجدانهم رعبٌ مزلزلٌ من احتمالِ مشاركة قوةَ غير منظورة لا يعلمون عددها ولا يقدّرون مدى قوتها وقد رافق هذا الشعورُ المؤمنينَ في كلِّ حروبهم التي خاضها الصحابة رضي الله عنهم في العهد النبوي وفي عهد الخلافة الراشدة كما رافق المؤمنين بعد ذلك فكان عاملاً قوياً في انتصاراتهم المتكررة الحاسمة مع أعدائهم.
ب ـ الملائكة في أحد:
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رأيتُ عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أُحد رجلين عليهما ثيابٌ بياضٌ يقاتلانِ عنه كأشد القتال ما رأيتُهما قبلُ ولا بعدُ يعني جبريل وميكائيل.
وهذا خاصُّ بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنّ الله تكفّل بعصمته من الناس ولم يصحَّ أنَّ الملائكةَ قاتلت في أُحد سوى هذا القتال وإنْ وعدهم الله أن يمدّهم لأنه جعل وعده معلقاً على ثلاث أمور الصبر التقوى وإتيان الأعداء من فورهم ولم تتحقق هذه الأمور فلم يحصل الإمداد. قال تعالى {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ *بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ *} آل عمران 124 ـ 125.
ج ـ في الخندق:
جاء في «الصحيحين» من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال «اللهمَّ منزل الكتاب سريع الحساب أهزمِ الأحزابَ اللهم أهزمهم وزلزلهم» فاستجاب الله سبحانه دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم فأقبلتْ بشائرُ الفرج فقد صرفهم الله بحوله وقوته وزلزل أبدانهم وقلوبهم وشتّت جمعهم بالخلاف ثم أرسلَ عليهم الريحَ الباردة الشديدة وألقى الرعبَ في قلوبهم وأنزل جنوداً من عنده سبحانه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكما إذ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ ريحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا *} الأحزاب: 9.
فكانت هذه الريحُ معجزةً للنبي صلى الله عليه وسلم لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين كانوا قريباً منها ولم يكن بينهم وبينها إلا عَرْض الخندق وكانوا في عافيةٍ منها ولا خبرَ عندهم بها وبعثَ الله عليهم الملائكة فخلعت الأوتدادَ وقطعت أطناب الفساطيط وأطفأتِ النيرانَ وأكفأتِ القدورَ وجالت الخيول بعضُها في بعضٍ وأرسل الله عليهم الرعبَ وكثر تكبير الملائكة في جوانب المعسكر حتى كان سيّدُ كلِّ خباء يقول يا بني فلان هلم إلي فإذا اجتمعوا قال لهم النجاءَ النجاءَ لما بعث الله عليهم الرعب.
وبعد انتصار المسلمين وعودة النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضعه السلاحَ أمرَ الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم بقتال بني قريظة فأمرَ الحبيبُ صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتوجه إليهم وقد أعلمهم بأنّ الله تعالى قد أرسل جبريل ليزلزلَ حصونهم ويقذفَ في قلوبهم الرعب وأوصاهم بأن «لا يصلينَّ أحدٌ العصرَ إلا في بني قريظةَ»
وعن عائشة رضي الله عنها قالت لما رجعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من الخندقِ ووضعَ السلاحَ واغتسلَ أتاه جبريلُ عليه السلام وقال قد وضعتَ السلاحَ والله ما وضعناه فاخرجْ إليهم قال «فإلى أين؟» قال هاهنا وأشارَ إلى بني قُريظة فخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
وقد سجّل القرانُ الكريمُ غزوتي الأحزاب وبني قريظة والقران كعهدنا به يسجّل الخالدات التي تسع الزمان والمكان فالمسلمون معرضون دائماً لأن يغزو في عقر دارهم وفي عواصم بلدانهم ومعرضون لأن يتكالب عليهم الأعداء جميعاً فإذا كان القران قد سجل حادثتي الأحزاب وبني قريظة فذلك من سمة التكرار على مدى العصور، لكي يستفيدَ المسلمون من الدروس و العبر من الحوادث السابقة التي ذُكِرَتْ في القران الكريم على وجه الخصوص والذي يتدّبر حديثَ القران عن غزوة الأحزاب يراه قد اهتمّ ببيانِ أمورٍ من أهمها ما يلي:
1 ـ تذكير المؤمنين بنعم الله عليهم:
كما قال تعالى {يأيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا *} الأحزاب: 9.
2 ـ التصوير البديع لما أصاب المسلمين من هم بسبب إحاطة الأحزاب بالمدينة:
قال تعالى {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا *} الأحزاب: 10.
3 ـ الكشف عن نوايا المنافقين السيئة وأخلاقهم الذميمة وجبنهم الخالع ومعاذيرهم الباطلة ونقضهم للعهود:
قال تعالى {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا *} الأحزاب: 12.
4 ـ حض المؤمنين في كل زمان ومكان على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وجهاده وكل أحواله: استجابة لقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا *} الأحزاب، 21.
5 ـ مدح المؤمنين على مواقفهم النبيلة وهم يواجهون جيوش الأحزاب بإيمان صادقٍ ووفاءٍ بعهد الله تعالى.
قال تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً *} الأحزاب: 23.
6 ـ بيانُ سنّةٍ من سنن الله التي لا تتخلّف وهي جعل العاقبة للمؤمنين:
قال تعالى {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا *} 2
7 ـ امتنانه سبحانه على عباده المؤمنين حيث نصرهم على بني قريظة وهم في حصونهم المنيعة من دون قتال يذكر:
حيث ألقى ـ سبحانه ـ الرعبَ في قلوبهم فنزلوا على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ} {الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا *}[الأحزاب 26 ـ 27.
د ـ الملائكة في غزوة حنين:
قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ *ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ *ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} التوبة: 25 ـ 27.
إنّ غزوةَ حُنينٍ سُجّلت في القران الكريم، لكي تبقى درساً للأُمة في كل زمان ومكان، ولقد عُرضت في القران الكريم على منهجية ربانية كان من أهم معالمها الاتي:
1 ـ بين القران الكريم أنّ المسلمين أصابهم الإعجاب بكثرة عددهم.
قال تعالى ثم بين القران أنّ هذه الكثرة {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} تفيد {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ *}.
2 ـ بين القران الكريم أن المسلمين انهزموا وهربوا ما عدا النبي صلى الله عليه وسلم ونفر يسير من أصحابه.
قال تعالى {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ *}.
3 ـ بين القران الكريم أنّ الله نصرَ رسولَه صلى الله عليه وسلم في هذه المعركة وأكرمه بإنزال السّكينةِ عليه وعلى المؤمنين فقال تعالى {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
4 ـ بين القران الكريم أن الله أمدّ نبيّه محمداً صلى الله عليه وسلم بالملائكة في حنين.
قال تعالى: {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ} {بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *}.

يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب :
الإيمان بالملائكة
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC170.pdf
 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022