من أعمال الملائكة المتعلقة ببني آدم (4)
الحلقة: الحادية عشر
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
شوال 1441 ه/ يونيو 2020
1 ـ قبض الأرواح عند الموت:
ثبت في الكتاب والسنة أنّ اللهَ وكلّ بالروحِ ملائكةً يقبضونها عند الموت في آيات كثيرة:
أ ـ كيفية نزع الروح
قال تعالى: {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ *وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ *وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ *} 83 ـ 8 أي {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ *} أي: الروح، والحلقوم هو الحلق وذلك حين الاحتضار{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ *} أي: إلى المحتِضرِ وما يكابده من سكرات الموت، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} أي: بملائكتنا، {وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ *} أي: ولكن ترونهم.
وقال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ *ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ *} الانعام: 61 ـ 62.
وقال تعالى: {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ *وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ *وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ *وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ *إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ *} القيامة 26 ـ 30 أي {إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ *} والتراقي جمع تُرقُوة وهي العظام المكتنِفَةُ لنُقرةِ النّحر وهو مقدّم الحلق من أعلى الصدر موضع الحشرجة ويكنى ببلوغ النفس التراقي عن الإشفاء على الموت مثله قوله وقيل معناه أي حقاً أن المساق إلى الله أي إذا ارتفعت الروح إلى {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ *} والمقصود تذكيرهم شدة الحال عند نزول الموت.
وقال تعالى: {قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ *} السجدة: 11. وقد توهّم بعضُ الناس أنَّ الملك الموكل بالموت وقبض الأرواح هو عزرائيل والحقيقة أنّ لملك الموت أعوانٌ على هذه المهمة فهناك النازعات والناشطات الوارد ذكرها في قوله تعالى {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا *وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا *} النازعات: 1-2. وقد ورد عن جمعٍ من الصحابة والتابعين أن {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا *} يعنون حين تنزع أرواح بني ادم فمنهم من تأخذُ روحه بعسرٍ فتغرق في نزعها ومنهم من تأخذُ روحه بسهولة وكأنّما حلتّه من نشاط، فيقبضون أرواحَ المؤمنين بيسر وسهولة ويبشرونهم بالجنة بينما يقومون بضرب وجوه الكفرة وأدبارهم كما يوبّخون الظالمين لأنفسهم الممتنعين عن الهجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
إنَّ الإنسان إذا اقترب أجله فإنَّ الروح ترتقي إلى أعلى الجسم عند النحر حتى تخرجَ من جسده وهذا الخروج للروح ليس بالأمر الهين حتى للمؤمن بل له سكرات وغمرات ومشّقات ثم تنتزع الملائكة الروح وهذا النزع يختلف شدةً ويُسراً بحسب إيمان الرجل.
ب ـ خروج روح المؤمن واحتضاره:
قال تعالى {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ *لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *} {هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *} [يونس 62 ـ 64[ وفي قوله تعالى {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} قولين:
الأول الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له.
والثاني المراد بذلك بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة ويدلّ على هذا حديثُ البراء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن المؤمنَ إذا حضره الموتُ جاءه الملائكةُ بيضُ الوجوهِ بيضُ الثياب فقالوا اخرجي أيتها الروحُ الطيبةُ إلى رَوْحٍ وريحانٍ ورَبٍّ غيرِ غضبانٍ فتخرجُ تسيلُ كما تسيلُ القطرةُ من في السقاءِ».
وكلا المعنيين صحيحٌ ولا تعارض بين هذين التفسيرين.
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ *} 30 ـ 31. وفي قوله أي أخلصوا {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وقوله أي على طريقة رسول {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} صلى الله عليه وسلم باتباعه، وفي قوله: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ} عند الموت وفي القبر ويوم خروجهم من قبورهم.
وقال تعالى: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *} الأنبياء: 103. وقوله: }ألَّا تَخَافَواْ{أي مما تقدمون عليه من أمر الاخرة على { وَلاَ تَحْزَنُوا} على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولدٍ وأهل ومالٍ أو دَيْنٍ فإنا نخلفنكم فيه {الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *} فيبشرونهم بذهاب وحصول الخير.
وقال تعالى: {كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ} {عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ *} [النحل 31 ـ 32[.
يخبر الله تعالى عن حالهم عند الاحتضار أنّهم طيبون أي مخلصون من الشرك والدنس وكل سوء وأنّ الملائكة تسلّم عليهم وتبشّرهم بالجنة.
وأنَّ وفاتهم تكون طيبةً سهلةً لا صعوبةَ فيها ولا ألم بخلاف ما تقبض به روح الكافر والمُخلّط.
وقال تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَةً *} الفجر: 27 ـ 28. وهذا يقال له عند الاحتضار وفي يوم القيامة أيضاً كما أنَّ الملائكةَ يبشرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره فكذلك هاهنا.
وقال تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ *فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ *وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ *فَسَلاَمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ *} الواقعة: 88 ـ 91.
هذه الأحوال الثلاثة هي أحوالُ الناسِ عند احتضارهم؛ إمّا أن يكونوا من المقربين أو يكونوا ممّن دونهم من أصحاب اليمين وإمّا أن يكونَوا من المكذّبين بالحق الضالين عن الهدى الجاهلين بأمر الله ولهذا قال تعالى أي المحتضر وهم من فعل الواجبات {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ *} وترك المحرّمات والمكروهات وبعض المباحات أي فله روح {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} وتبشره الملائكة بذلك عند الموت {فَرَوْحٌ} أو الراحة من الدنيا (والروح) الفرح جنة ورخاء فرحمة رزق وكلُّ هذه الأقوال متقاربةٌ {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} فإنَّ مَنْ ماتَ مقرّباً حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق الحسن، أي: {وَجَنَّةُ نَعِيمٍ *} يموتُ أحدٌ من الناسِ حتى يعلمَ من أهل الجنّةِ هو أم من أهل النار؟
وقوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ } أي: وأمّا إنْ كان المحتضر من أصحاب اليمين{ فَسَلاَمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ *} أي تبشّره الملائكة بذلك وتقول لأحدهم سلام لك، أي لا بأسَ عليك، أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين.
ويكون السلام على المؤمنين عند ثلاثة مواضع عند قبضِ روحه في الدنيا يسلِّم عليه ملك الدنيا وعند مساءلته في القبر يسلّم عليه منكر ونكير وعند بعثه في القيامة تسلّمُ عليه الملائكة قبل وصوله إلى الجنة ويكون ذلك إكراماً بعد إكرام.
ج ـ خروج روح الكافر واحتضاره:
قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ *} الانعام: 93.
قوله: {فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} أي كرباته وقوله {وَلَوْ تَرَى} جوابه محذوف تقديره لرأيت أمراً وهذه عبارةٌ عن التعنيف في السياق والشدة وفي قبض الأرواح.
وقوله: {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} أي بالضرب حتى تخرجَ أنفسُهم من أجسادِهم، ولهذا يقولون لهم: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ} وذلك أنَّ الكافر إذا احتضر بشرّته الملائكة والنَّكالِ والأغلالِ والسلاسلِ والجحيم والحميم وغضبِ القهار العظيم فتفرق روحه في جسده وتتعصّى وتأبى الخروج فتضربهم الملائكةُ حتى تخرَج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم{أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} أي كنتم تهانون غايةَ الإهانةِ كما كنتم تكذبون على وتستكبرون عن اتباع آياته والانقياد لرسله، ثم يبشرون بالعذاب {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}.
وقال تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا *} الفرقان: 22، أي حرام ومحرّم عليكم دخول الجنة.
وفي حديث البراء الطويل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع عن الدنيا وإقبال من الاخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيءُ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول».
وقال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} {بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ *} [النحل 28 ـ 29[.
وقال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ *} محمد27. هذه الآية فيها التصريحُ بضربِ وجوهِ الكافرين وأدبارِهم عندَ النزع.
د ـ ملائكة الرحمة وملائكة العذاب:
وقد جاء أنَّ ملائكة الرحمة وملائكةَ العذاب يختصمون في مَنْ لم تتضح حاله من بني ادم كلٌّ يقول أنا أقبضُ روحَه حتى يفصلَ الله بينهما كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال «كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قتل تسعةً وتسعين نفساً فسأل عن أَعْلَمِ أهلِ الأرضِ فَدُلَّ على راهبٍ فأتاه فقال إنّه قتلَ تسعةً وتسعينَ نفساً فهل له من توبةٍ؟ فقال لا فقتله فكم به مئةً ثم سألَ عن أعلمِ أهلِ الأرضِ فدلَّ على رجلٍ عالمٍ فقال إنّه قتلَ مئةَ نَفسٍ فهل مِنْ توبةٍ؟ فقال نعم ومَنْ يحولُ بينه وبين التوبة؟ انطلقْ إلى أرضِ كذا وكذا فإنّ بها أناسٌ يعبدون الله فاعبدِ اللهَ معهم ولا ترجعْ إلى أرضِكَ فإنَّها أرضُ سوءٍ.
فانطلق حتّى إذا نصف الطريقُ أتاه الموتُ فاختصمتْ فيه ملائكةُ الرحمةِ وملائكةُ العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاءَ تائباً مقبِلاً بقلبه على الله وقالت ملائكةُ العذابِ إنّه لم يعملْ خيراً قط فأتاهم مَلَكٌ في صورةِ أدمى فجعلوه بينهم فقال قِيْسُوا ما بينَ الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرضِ التي أرادَ فقبضته ملائكةُ الرحمةِ» وفي روايةٍ «فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقرّبي».
والقصدٌ أنّ ملائكةَ الموتِ نوعان ملائكةُ رحمةٍ وملائكةُ عذابٍ ينزلون لقبضِ أرواحِ بني ادم كلٌّ حسبَ عمله فأهلُ الإيمانِ تقبضُ أرواحهم ملائكةُ الرحمة وأهلُ الكفرِ تقبضُ أرواحهمُ ملائكةُ العذابِ.
2 ـ سؤالهم الميت في قبره ثم تنعيمه أو تعذيبه بعد إعادة الروح إلى الجسد:
البرزخ اسمُ ما بينَ الدنيا والاخرة من وقت الموت إلى البعث.
وممّا ينبغي أن يُعلمَ أنَّ عذابَ القبر ونعيمه هو بين الدنيا والاخرة، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *} المؤمنون: 99 ـ 100.
ومن الآيات القرآنية الدالّة على عذاب القبر:
قوله تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ *} الانعام: 93. ففي قوله تعالى {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} فالآية تبيّنُ حالَ المحتضر وأنّه تأتيه الملائكة وتخبره أنه سوف يعذّب اليوم يعني يوم موته وهذا يدلُّ على أنّ العذابَ يكون قبل يوم القيامة ففي الآية دليلٌ واضح على عذاب القبر ولو تأخّرَ عنهم العذابُ إلى انقضاء الدنيا لما صحَّ أن يقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}.
وقال تعالى: {وَمِمَنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ *} التوبة: 101. فقوله تعالى: }سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ{المرة الأولى في الدنيا من المصائب في النفس أو المال أو الولد أو غير ذلك، وأمّا المرة الثانية ففي القبرِ وأمّا عذابُ الاخرةِ فذكره بقوله: }ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ *}.
وقال تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ *النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ *} غافر45 ـ 46. وهذا النصُّ من النصوص الصريحة في عذاب القبر فإنَّ هذا العذابَ الذي حصل لآل فرعون إنّما كان بعد موتهم وأمّا عذابُ الاخرةِ فهو المذكور بعده بقوله تعالى }أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ *}.
ولقد جاءت الأحاديثُ بفتنة القبر وسؤال الملكين ومما يُستدل به من القران على سؤال الملكين قول الله تعالى {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ *} إبراهيم: 27.
وفي «الصحيحين» عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «إنّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِه وتولّى عنه أصحابُه إنّه يسمعُ قرعَ نعالهم قال يأتيه ملكانِ فيُقْعِدَانه فيقولانِ له ما كنتَ تقولُ في هذا الرجل قال فأمّا المؤمنُ فيقول أشهدُ أنّه عبدُ اللهِ ورسولُه قال فيقال له انظرْ إلى مقعدِكَ مِنَ النّارِ قَدْ أبدلَكَ اللهُ بهِ مقعداً من الجنّةِ.
وأمّا المنافِقُ والكافِرُ فيقال له ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقول لا أدري كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ فيقال لا دريتَ ولا تليتَ ويُضْرَبُ بمطارقَ من حديدٍ ضربةً فيصيحُ صيحةً يسمعُها مْنْ يليه غيرَ الثقلينِ».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا قُبرَ الميتُ أتاه ملكانِ أسودانِ أزرقانِ يقالُ لأحدِهما المنكر وللأخر النكير ويقولانِ ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقول ما كانَ يقولُ هو عبدُه ورسولُه أشهدُ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً عبدُه ورسولهُ فيقولان قد كُنّا نعلمُ أنّكَ تقولُ هذا ثم يُفْسَحُ له في قبرِه سبعونَ ذراعاً في سبعينَ ثم ينوَّرُ له فيه ثم يقال له نَمْ فيقول أرجعُ إلى أهلي فأخبِرُهم فيقولان نم كنومةِ العروسِ الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهلهِ إليه حتّى يبعثه الله مِنَ مضجعِه ذلك.
وإنْ كان منافقاً قال سمعتُ الناسَ يقولون فقلتُ مثلهم لا أدري فيقولانِ قد كُنّا نعلمُ أنك تقول ذلك فيقالُ للأرض ألتئمي عليه فتلتئمُ عليه فتختلفُ فيها أضلاعُه فلا يزالُ فيها معذَّباً حتى يبعثَه الله من مضجعه».
3 ـ نفخهم في الصور:
عرَّف النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصور كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال جاءَ أعرابيُّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال ما الصور؟ قال «الصورُ قرنٌ يُنْفخَ فيه».
قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ *} النمل: 87.
وقد سمّاه الله تعالى أيضاً الناقور كما قال تعالى {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ *} المدثر: 8. الناقور هو الصور، فالصور والناقور اسمان لمسمًّى واحد.
وقد سمى الله تعالى الصوتَ الذي يخرِجُه إسرافيل من الصور بأسماء هي النفخة {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ *} الحاقة: 13. الراجفة {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ *تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ *} النازعات: 6-7. الزجرة {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ *} النازعات: 13.
والمشهور أن النافخ هو إسرافيل. واخْتَلَفَ العلماء في عدد النفخات على أقوال:
القول الأول أنّها ثلاثُ نفخاتٍ وذلك أنَّ الله نصَّ على هذه الثلاثة في كتابه:
نفخة الفزع قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن في الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ *} النمل: 87. نفخة الصعق قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر 68[. نفحة البعث {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ *} [الزمر 68. وقالوا: إنّ الفزعَ مغايِرٌ للصعق واستدلوا بحديث الصور الطويل وفيه أنَّ النفخاتِ ثلاثٌ.
القول الثاني: أنهما نفختان نفخة الصعق ونفخة البعث وقال هذا هو ظاهر النصوص كقوله تعالى {مَا يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ *فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ *وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ *} {يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ *} [يس 49 ـ 52[.
وقوله: {مَا يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ} هذه هي الأولى، وقوله {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ *} هذه هي الثانية كقوله تعالى {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ *تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ *} النازعات: 607. هما النفختان الأولى والثانية.
ويمكن الجمع بين الفزع والصعق وجعلها نفخة واحدة ولكنّها تبدأ بالفزع وتنتهي بالصعق مع وجود مسافة زمنية تفصل بين بدايتها ونهايتها أي إن الله يأمر إسرافيل بالنفخ فينفخ نفخة إفزاع يطوّلها ويمدها لا يفتر (وهو ما يعني استمرار النفخ بلا انقطاع) فيما الناس في العذاب يشاهدون أحداث الزلزلة إلى أن يأمر الله بنفخة الصعق الأشد قوة وهولاً فيموت لشدتها كلُّ من في السماوات والأرض إلا من شاء الله.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور من دون أن يسميه وأنه التقم الصور بانتظار أن يُؤْمَرَ كما في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمَ الصور وأصغى سمعه وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ؟» قالوا يا رسول الله كيف نقول؟ قال قولوا «حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريّان».
4 ـ قيامهم برعاية أهل الجنة ونعيمهم:
وكل الله سبحانه وتعالى بالجنة ملائكة يعمرونها ويغرسونها ويعملون أنهارها ويعدون لأهلها ما أمرهم الله به وهؤلاء هم خزنتها.
والخزنة جمع خازن مثل حفظة وحافظ وهو المؤتمن على الشيء الذي قد استحفظه، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هؤلاء الخزنة في كتابه فقال سبحانه {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ *} الزمر: 73. فهم يتلقَّوْنَ المؤمنين بالتحية الأولى التي حيوا بها أباهم ادم عليه السلام وهي السلام وهؤلاء الخزنةُ يدخلون على المؤمنين الجنة ويسلّمون عليهم كما قال تعالى {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ *سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدَّارِ *} الرعد: 23 ـ 24.
وأول من يفتح له الخزنة باب الجنة نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الأحاديث الصحيحة منها حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «اتي بابَ الجنّةِ يومَ القيامةِ فأستفتحُ فيقولُ الخازِنُ مَنْ أنتَ؟ فأقول محمّدٌ فيقول بِكَ أُمرتُ ألاّ أفتحَ لأحدٍ قبلَك». قال ابن كثير: وتدخلُ الملائكة عليهم من هاهنا ومن هاهنا بالتهنئة بدخول الجنة فعند دخولهم إياها تَفِدُ عليهم الملائكة مسلّمين مهنئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام والإقامة في دار السلام في جوار الصادقين والأنبياء والرسل الكرام.
5 ـ خزنة النار:
قال تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ *لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ *لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ *عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ *} {تِسْعَةَ عَشَرَ *} [المدثر 26 ـ 30[. فهؤلاء التسعة عشر هم خزنةُ جهنم العظام ومعهم من الملائكة خَلْقٌ لا يحصيهم إلا الله ولذلك عقّب بقوله {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر 31[. وأعظم هؤلاء الخزنة مالكٌ عليه السلام.
وقد تقدّم وقد وصف الله عزّ وجل هؤلاء الملائكة بصفات عظيمة تملأ النفوسَ خوفاً ومهابةً قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} التحريم: 6.
{غِلاَظٌ} أي طباعهم قد نزعت من قلوبهم الرحمةُ أي تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج كما أنَّ خزنةَ النارِ يتلقون الكفار ويبشّرونهم {شِدَادٌ} ويلومونهم على عدم طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ *قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ *} [الزمر 71 ـ 72[.
وقال تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ *قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ *} الملك: 8-9.
وأهلُ النارِ ـ والعياذ بالله ـ ينادون الخزنةَ أنْ يشفعوا لهم عند الله لتخفيف ما هم فيه من العذاب فيجيبونهم بلومهم على ما فرّطوا في الحياة كما قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ *} 49 ـ 5 وقال تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ *} [الزخرف 77 ـ 78[.
وهؤلاء الملائكة بهم من القوةِ والعظمةِ ما يجعلهم يدخلون النار ويخرجون منها ويعذّبون أهلها وهم سالمون من هذا العذاب العظيم بل ثبت أنّهم يجرّونها يومَ القيامة بسبعينَ ألفَ زمامٍ مع كلِّ زمامٍ سبعون ألف ملكٍ فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يؤتى بجهنَّم يومَ القيامةِ لها سبعونَ ألفَ زمامٍ مع كلِّ زمامٍ سبعونَ ألف مَلَكٍ يجرونها».
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب :
الإيمان بالملائكة
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC170.pdf