الجمعة

1446-11-11

|

2025-5-9

صفات القرآن الكريم

الحلقة: الرابعة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

رمضان 1441 ه/ مايو 2020

ذكر المولى عز وجل أوصافاً عديدة للقرآن الكريم، منها:
1 ـ الحكيم:
وصف الله تبارك وتعالى كتابه بأنّه حكيمٌ في عدة آيات، منها: قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيات الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ [يونس: 1]. وقال تعالى: ﴿يس ۝ وَالْقرآن الْحَكِيمِ ﴾ [يس: 1 ـ 2]. فهذا قَسَمٌ من الله تعالى بالقرآن الحكيم، وقد وصفه بالحكمة، وهي وضعُ كلِّ شيء في موضعه اللائق به.
والقرآن الحكيمُ يخاطبُ كلَّ أحدٍ بما يناسبه ويؤثر فيه كائناً مَنْ كان، وهذا من مقتضيات أنْ يكونَ حكيماً.
والقرآن الحكيم يُربي أيضاً بحكمة، وفق منهج عقلي ونفسي مستقيم، منهج يوجه طاقات البشر إلى الوجه الصالح القويم، ويقرر للحياة كذلك نظاماً يسمحُ بكلّ نشاطٍ بشري في حدود ذلك المنهج الحكيم.
ومن إحكام آيات القرآن الحكيم:
• أنها جاءت بأجلِّ الألفاظ وأوضحها، وأبينها، الدّالةِ على أجلّ المعاني وأحسنها.
• أنها محفوظةٌ من التّغيير والتبديل، والزيادة والنقص والتحريف.
• أنّ جميعَ ما فيها من الأخبار السابقة واللاحقة، والأمور الغيبية كلّها مطابقة للواقع، مطابق لها الواقع، لم يخالفها كتاب من الكتب الإلهية، ولم يخبر بخلافها نبي من الأنبياء، ولم يأت ولن يأتي علم محسوس ولا معقول صحيح يناقض ما دلت عليه.
• أنها ما أمرت بشيء، إلا هو خالص المصلحة، أو راجحها، ولا نهت عن شيء، إلا وهو خالص المفسدة، أو راجحها، وكثيرا ما يجمع بين الأمر بالشيء، مع ذكر حكمته وفائدته، والنهي عن الشيء مع ذكر مضرته.
• أنها جمعت بين الترغيب والترهيب، والوعظ البليغ، الذي تعتدل به النفوس الخيرة، وتحتكم فتعمل بالجزم.
• أنك تجد آياتها المتكررة كالقصص والأحكام ونحوها، قد اتفقت كلها وتواطأت فليس فيها تناقض ولا اختلاف.
وأنى للباطل أن يدخل على هذا الكتاب الحكيم، وهو تنزيل من حكيم حميد، والحكمة ظاهرة في بنائه، وتوجيهه، وطريقة نزوله، وفي علاجه للقلب البشري من أقصر طريق.
2- العزيز:
قال الله تعالى في وصف القرآن : ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز﴾[فُصِّلَت:41] أي يصعب مناله ووجود مثله.
والعزيز: النفيس، وأصله من العزة، وهي المنعة؛ لأن الشيء النفيس يدافع عنه ويحمى عن النبذ، ومثل ذلك يكون عزيزا، والعزيز أيضا: الذي يغلب ولا يغلب، وكذلك حجج القرآن.
ووصف تعالى الكتاب بالعزة؛ لأنه بصحة معانيه ممتنع الطعن فيه، والإزراء عليه، وهو محفوظ من الله تعالى، وجميع أقوال المفسرين بأنه (عزيز) ما يلي:
• منيع من الشيطان لا يجدُ إليه سبيلاً، ولا يستطيع أن يغيره، أو يزيد فيه أو ينقص منه.
• كريم على الله، وعزيز على الله، وعزيز من عند الله.
• عديمُ النظير، منيعٌ من الباطل، ومن كل من أراده بتحريف أو سوء.
• يمتنع على الناس أن يقولوا مثله فهو غالبٌ وقاهرٌ، والمتأمل في هذه الأقوال يجدها جميعاً تنطبق على وصفاً ﴿عَزِيزٌ ﴾، وهي من اختلاف التنوع لا التضاد، تدل على عظمة القرآن، وعزته، وعلو شأنه، ورفعته.
فنحمد الله العزيز الذي أنزل كتاباً عزيزاً: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ [فصلت: 41] على نبي عزيز ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: 128]. لأمة عزيزة ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8].
3 ـ الكريم:
قال تعالى: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ۝ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ۝ إِنَّهُ لَقرآن كَرِيمٌ﴾ [الواقعة: 75 ـ 77].
والكريم: اسمٌ جامع لما يحمد، وذلك أنّ فيه البيان والهدى والحكمة، وهو مُعظّم عند الله عز وجل.
4 ـ المجيد:
قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قرآن مَجِيدٌ *فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 21 ـ 22].
وقال تعالى: ﴿ق وَالْقرآن الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1].
والمعنى: إن هذا القرآن ـ الذي كذّبوا به ـ شريفُ الرّتبةِ في نظمه وأسلوبه حتى بلغ حدّ الإعجاز، متناه في الشرف والكرم والبركة، وليس هو كما يقولون: إنّه شِعْرٌ وكهانة وسِحْرٌ، وإنما هو كلام الله المصون عن التغيير والتحريف، المكتوب في اللوح المحفوظ.
5 ـ العظيم:
لقد نوّه الله تبارك وتعالى بعظمة القرآن، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقرآن الْعَظِيمَ *لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 87 ـ 88].
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: كما اتيناك القرآن العظيم فلا تنظرنَّ إلى الدنيا وزينتها وما متعنا به أهلها، استغنِ بما آتاك الله من القرآن العظيم، عمّا فيه من المتاع والزهرة الفانية، فالقرآن هو النعمة العُظمى التي كل نعمة، وإن عظمت، فهي بالنسبة إليها حقيرةٌ ضئيلةٌ، فعليك أن تستغني به.
6 ـ البشير والنذير:
قال الله تعالى في وصف القرآن العظيم: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قرآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ۝ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ [فصلت: 3 ـ 4]. فهذا وصف للقرآن العظيم أنه: يبشر من امن بالجنة، وينذر من كفر بالنار.
7 ـ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه:
قال تعالى: ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾ [فصلت: 42].
فالله عز وجل لم يجعل للباطل مدخلاً على هذا الكتاب العزيز، وأنّى له أن يدخل عليه وهو صادر من الله الحق العظيم؟!
قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].
وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقرآن أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 37].

يمكنكم تحميل سلسلة كتب الإيمان كتاب:
الإيمان بالقرآن الكريم
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book172.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022