الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

أسماء النار

الحلقة: الأربعون

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

محرم 1442 ه/ سبتمبر 2020


وأسماء النار التي ذكرت من القرآن ثمانيةٌ، أولها وأشهرها :
1 ـ النار .
وأما البقية فهي كالاتي :
2 ـ سعير:
قال تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا*﴾ [الفرقان: 11] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ *﴾ [الملك: 5] .
3 ـ جهنم:
قال تعالى: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ *﴾ [الملك: 6] وقال تعالى: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا *﴾ [النبأ: 21] .
4 ـ لظى:
قال تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى *نَزَّاعَةً لِلشَّوَى *تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى *وَجَمَعَ فَأَوْعَى *﴾ [المعارج: 15 ـ 18] اللظى: اللهبُ الخالص، وقال تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى *لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى *﴾ [الليل: 14 ـ 15] التظاءُ النارِ: التهابُها، وتلظّيها: تلهّبها، وقوله تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى *﴾ [الليل: 14] أي تتوهج وتتوقد .
5 ـ سقر:
قال تعالى: ﴿لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ *﴾ [المدثر: 26 ـ 30] وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى﴾ [القمر: 48 ـ 49] والسقر: البعدُ، وسَقَرَتْهُ الشمسُ: لوّحته، والمتْ دماغَه بحرِّها، ويوم مُسقّر: شديدُ الحرِّ.
6 ـ الهاوية:
قال تعالى: ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه *نَارٌ حَامِيَةٌ *﴾ [القارعة: 9 ـ 11] وسُمّيت النارُ بالهاويةِ لبعدِ قعرها، فمن سقطَ يهوي فيها، ومعنى أُمُّه هاوية: أي مستقرُّه الهاويةِ.
7 ـ الحطمة:
قال تعالى: ﴿كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ *نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ *الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ *إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ *فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ *﴾ [الهمزة: 4 9] والحَطْمُ: الكَسْرُ في أيِّ وجهٍ كان، قيل: هو كَسْرُ الشيءِ اليابسِ خاصةً، كالعظم ونحوه، وسُمّيتِ النارُ بذلك لأنَّها تحطِمُ رأسَ وعظامَ كلِّ مَنْ دخلَها.
8 ـ الجحيم:
قال تعالى: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ *﴾ [الدخان: 47] . قال رسول الله (ﷺ): « أتاكُم رمضانُ شهرٌ مباركٌ، فرضَ الله عزّ وجلّ عليكُم صيامَهُ، تُفْتَحُ فيه أبوابُ السماءِ، وتُغْلَقُ فيه أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، للهِ فيه ليلةٌ خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ، مَنْ حُرِمَ خيرَها، فَقَدْ حُرِمَ». الجاحِمُ: المكانُ الشديدُ الحرِّ، وجَحَمَ النارَ أوقدها، ورأيتُ جحمةَ النارِ أي توقُّدَها، وكلُّ نارٍ عظيمةٍ في مهواة فهي جحيمٌ، ومنه قوله تعالى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ *﴾ [الصافات: 97] وكلُّ نارٍ توقد على نارِ جحيمِ، وهي نارٌ جاحمةٌ، وسمّيتِ النارُ بالجحيم لأنَّها نارٌ عظيمةٌ في مهواة، وهي نارٌ توقَدُ على نارٍ، كما قال تعالى: أي التي أوقد ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ *﴾ .
هـذا وقد ذهبَ بعضُهم إلى أنّ هـذه الأسماء إنّما هي أسماءٌ لأبوابِ جهنم ، قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ*﴾ [الحجر: 44] : جهنم، والسعير، ولظًى، والحطمة، وسقر، والجحيم، والهاوية، وهي أسفلهم . وقال بعضُهم: إنَّ هـذه الأسماء إنّما هي لِدَرَكاتِ النار .
والصحيحُ أنَّ هـذه الأسماء للنار لا لأبوابها ولا لدركاتها، لأنّ الاثارَ التي ذكرت ضعيفةٌ، وجميعُ المفسرين عند تفسيرهم للآيات السابقة ،إنّما يذكرون أنَّ هـذه الأسماء أسماءٌ للنارِ لا غير، وسياقُ الآيات يدلُّ على أنّ المرادَ هو النارُ نفسُها لا أبوابها ولا دركاتها، خُذْ مثلاً على ذلك قولَه تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا *﴾ [الفرقان: 11] . فبعيدٌ أن يكون المعنى: وأعتدنا لمن كذّب بالساعةِ باباً، وكذا قوله تعالى: ﴿كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ *﴾ [الهمزة: 4] ليس معناه لينبذَنّ في بابِ اسمه الحُطَمة، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ *نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ *﴾ [الهمزة: 5 ـ 6] نصٌّ في أنّ هـذا اسمٌ للنارِ، وكذا قوله تعالى: ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه *نَارٌ حَامِيَةٌ *﴾ [القارعة: 9 ـ 11] . وقوله: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ *﴾ [القمر: 48] .
ومعاني الأسماء تقوِّي هـذا الرأي أيضاً، فالنارُ كلُّها تلتهبُ، وتستعَّرُ، وتتلظَّى، وتسقّر، وهي كلُّها سوداءُ، لا بابُها فقط، ولا جزءٌ من أجزائها، وهي هاويةٌ بعيدةُ القعرِ، ليس البابُ، ولا أظنُّ أنَّ النارَ ليس فيها إلا سبع دركاتٍ فقط، قال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عمَّا يَعْمَلُونَ *﴾ [الأنعام: 132] وأهل النار ليسوا على سبعة مستويات فقط، فمنهم من يوضَعُ تحت رجله جمرةٌ من النار فيغلي دماغُه، وهو أهونُ أهلِ النار عذاباً، ثم يتدرّجُ العذابُ، حتى يصلَ إلى عذابِ المنافقين ،الذين هم في الدَّرْكِ الأسفلِ من النار .


يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان باليوم الآخر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book173.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022