مكان النار
الحلقة: الثامنة و الثلاثون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
محرم 1442 ه/ سبتمبر 2020
قال تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ *كِتَابٌ مَرْقُومٌ *﴾ [المطففين: 7 ـ 9] .
وفي حديث البراء: « فيقول الله عزّ وجلّ اكتبوا كتابه في سجين في الأرضِ السُّفلى » سجين فعيل من السجن، وهو الضيق، كما يقال: فسّيق وشرّيب وخمّير وسكير ونحو ذلك، ولهـذا أعظم الله أمره فقال: أي أمر ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ *﴾، وسجنٌ مقيم، وعذابٌ أليم، وقد فُسّر في الحديثِ بأنه في الأرض السفلى وقال بعضهم: صخرة تحت الأرض السابعة، وقيل بئر في جهنم، وقيل غير ذلك مما لا دليل عليه، ولا قول بعد قول رسول الله(ﷺ) .
والظاهر من الآية أنّ سجينَ هو اسمُ للكتابِ، لأنه تعالى قال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ *كِتَابٌ مَرْقُومٌ *﴾ ولـكن قال الحافظ ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ *﴾ قال: ليس تفسيراً لقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ*﴾ وإنّما هو تفسيرٌ لما كُتبَ فيه من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزادُ فيه أحدٌ، ولا ينقص منه أحد . قاله محمد بن كعب القرظي. وهـكذا قال الراغب والقاسمي، وعليه فيكون قوله تعالى: تفسير ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ *﴾ تفسير لقوله: ﴿كلا إن كتاب الفجار لفي سِجِّينٌ *﴾ أي إنّ كتابَ الفجّارِ كتابٌ مرقوم، ويكون قوله: ﴿وما أدراك ما سِجِّينٍ *﴾، وهـذه جملة معترضةٌ بين المفسِّر والمفسَّر، وهـذه الآية ليست صريحة في مكان النار .
وقد دلّت الأحاديثُ أنّ النار يؤتى بها يومَ القيامةِ، فتكونُ في موضعٍ قبل مكان الجنة، لأنَّ الصراطَ منصوبٌ على جِسْرِ جهنم، ودلَّ حديثُ عبد الله بن مسعود عن رسول الله (ﷺ) قال: « يُؤْتَى بجهنم يومئذٍ لها سبعونَ ألفَ زمامٍ، مع كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ مَلكٍ يجرّونها ».
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان باليوم الآخر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book173.pdf