الإيمان باليوم الآخر .... الطريق إلى الجنة
الحلقة: الخمسون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
محرم 1442 ه/ سبتمبر 2020
إنّ بدايةَ الطريق إِلى الجنة هو أن نتذكّرَ الغايةَ التي خلقنا الله تعالى لأجلها،
حيث قال جل جلاله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ *مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ *﴾ [الذاريات: 56 ـ 57] . ومعنى الآية أنّه تبارك وتعالى خلَق العبادَ ليعبدوه وحدَه، لا شريكَ له، فَمَنْ أطاعه جازاه أتمَّ الجزاء، ومن عصاه عذّبه أشدَّ العذاب، وأخبر أنّه غيرُ محتاجٍ إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقُهم ورازقُهم، وفي الحديث القدسي: « يا ابنَ ادمَ تفرّغْ لعبادتي أملأُ صدركَ غنًى، وأسدُّ فقركَ، وإلاّ تفعلْ ملأتُ صدرَكَ شُغلاً، ولم أسدَّ فقركَ » . فالله عزّ وجلّ ما خلَقَ العبادَ إلا لغايةٍ واحدةٍ، وهي أن يعبدُوه سبحانه، وهـذا يقتضي أن يحرصَ العبدُ أن تكونَ كلُّ أعماله بل كلُّ حياته عبادةً لله تعالى ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ *﴾ [الأنعام: 162 ـ 163] .
والعبادةُ الشاملةُ المطلوبةُ هي ألاّ تتقدّم بين يدي الله ورسوله (ﷺ) بقولٍ أو فعلٍ تفعله مِنْ عندِ نفسك، قبل أن تعلمَ حكمَ الله وحكمَ الرسول (ﷺ) فيه، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *﴾ [الحجرات: 1] فمن العبادةِ المتابعةُ التامةُ لكلِّ ما جاء عن النبيِّ (ﷺ) من الأقوالِ والأفعالِ، مع الإخلاص في ذلك لله ربِّ العالمين . فالمتابعة التامة للنبيِّ (ﷺ) هي الكفيلةُ بتحقيقِ منزلةِ العبودية التامة لله ربِّ العالمين، مع الوفاء بحاجتنا البشرية على أكملِ وجهٍ ممكن.
ولابدَّ لدخولِ الجنّة من عملٍ، فالعملُ ركنٌ من أركان الإيمان، وقد نصَّ الله تعالى في مواضعَ كثيرةٍ أنَّ العملَ سببٌ لدخولِ الجنان، كما قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ *﴾ [الزخرف: 72] وقال تعالى: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ *﴾ [الأعراف: 43] .
والقرآن يذكر كثيراً أنَّ أصحاب الجنة هم المؤمنون الذين يعملون الصالحات، فالإيمانُ هو ما في القلب، والعملُ الصالحُ هو ما ظهرَ على الجوارح، فهو جمعٌ بين العقيدة والشريعة، أو الإيمان والإسلام، أو عمل الباطن ( القلب ) وعمل الظاهر ( الجوارح )، فلا يكفي أحدُهما عن الآخر، فمن امن ولم يعمل فهو كاذبٌ في إيمانه، إذ لو امنَ حقاً لظهر على جوارحه أثرُ الإيمان بالأعمال الصالحة، ومن عمل الصالحات من غير إيمانٍ فإنّها لا تنفعه ،إذ شرط قبول الأعمال تقدم الإيمان، كما في حديث عائشة قالت: قلتُ يا رسول الله ابنُ جدعان كان في الجاهلية يصلُ رحمَه، ويطعمُ المسكينَ، فهل ذلك نافعهُ ؟ قال: « لا ينفعهُ، إنّه لم يقلْ يوماً ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين» ، وعن أنس بن مالك قال: قال رسولُ اللهِ (ﷺ): « إنّ الله لا يظلِمُ مؤمناً حسنةً يعطي بها في الدنيا، ويجزي بها في الآخرة، وأمَّا الكافِرُ فيُطعَمُ بحسناتِ ما عملَ بها للهِ في الدنيا، حتى إذا أفضَى إلى الآخرة لم تكن له حسنةٌ يجزَى بها » .
إذن لابدّ للجنة من إيمانٍ وعملٍ صالحٍ، فمن كان عنده هـذان الشرطان استحقَّ ـ بعدَ رحمةِ الله ـ الجنَة، قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *﴾ [البقرة: 82] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *﴾ [الأحقاف: 13 ـ 14] .
وقد فصّل لنا الله تعالى بعضَ أنواعِ الأعمال الصالحة، فمن ذلك :
1 ـ التوبة: قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا *إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئًا *﴾ [مريم: 59 ـ 60] .
2 ـ تزكية النفس: قال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى *﴾ [طـه: 76] .
3 ـ التقوى: قال تعالى: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا *﴾ [مريم: 63] .
4 ـ الصبر في البأساء والضراء: قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ *﴾ [البقرة: 214]
5 ـ الجهاد في سبيل الله: قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ *﴾ [آل عمران: 142] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنَجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *﴾ [الصف: 10 ـ 12] .
6 ـ الشهادة: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ *وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ *﴾ [محمد: 4 ـ 6] .
7 ـ الابتعاد عن الكبائر: قال تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا *﴾ [النساء: 31] .
8 ـ إقام الصلاة والإنفاق في سبيله تعالى: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ﴾ [الرعد: 22 ـ 24] .
9 ـ التوكل على الله: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ *الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *﴾ [العنكبوت: 58 ـ 59] .
10 ـ قيام الليل: قال تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا﴾ [السجدة: 16 ـ 17] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ *﴾ [الذاريات: 15 19] .
11 ـ خوف الله: قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى *﴾ [النازعات: 40 ـ 41] .
وهـذه بعض الآيات التي جمعت الكثير من الأعمال الصالحة.
من سورة المؤمنون: قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لأَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ *أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *﴾ .
من سورة الفرقان: قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَاناً *وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا *أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا *خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا *﴾ .
من سورة التوبة: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ *﴾ .
من سورة ق: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ *هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ *مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ *ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ *لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ *﴾ .
من سورة المعارج: قال تعالى: ﴿إِلاَّ الْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ *وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ *لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ *وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ *وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ *إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لأِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ *أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ *﴾ .
من سورة آل عمران: قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ *وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ *﴾ .
وعموماً فكلُّ طاعةٍ لله ورسوله (ﷺ) هي من الأعمال الصالحة، وهي سببٌ لدخول الجنة، قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا *﴾ [الفتح: 17]، وهـذا في القرآن كثير، ومداره على ثلاثِ قواعدَ: إيمانٌ، وتقوًى، وعملُ خالصٌ لله على موافقة السنة، فأهل هـذه الأصول الثلاثة هم أهل البُشرى دون من عداهم من سائر الخلق، وعليها دارت بشاراتُ القرآن والسنّةُ، وجميعها تجتمع في أصلين: إخلاص في الطاعة، وإحسان إلى الخلق .
وضدُّها يجتمع في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ *وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ *﴾ [الماعون: 6 ـ 7] .
وترجعُ إلى خصلةٍ واحدةٍ وهي موافقةُ الربِّ تبارك وتعالى في محابّه، ولا طريقَ إلى ذلك إلا بتحقيق القدوة ظاهراً وباطناً برسول الله (ﷺ) .
وأما الأعمال التي هي تفاصيلُ هـذا الأصل، فهي بضعٌ وسبعونَ شعبة، أعلاها قولُ لا إلـه إلاّ الله، أدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، وبين هاتين الشُّعبتينِ سائرُ الشُّعَبِ التي مرجعُها تصديقُ الرسول (ﷺ) في كلِّ ما أخبرَ، وطاعته في جميع ما أمرَ استحباباً وإيجاباً .
وأمّا الأعمالُ التي هي سببٌ لدخول الجنة الواردة في السنة، فالأحاديثُ فيها أكثر من أن تحصر .
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان باليوم الآخر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book173.pdf