أشخاص بأعينهم في النار
الحلقة:الثامنة والأربعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
محرم 1442 ه/ سبتمبر 2020
ذكر الله تعالى بعضَ الأشخاص بأعيانهم، وبيّن أنهم من أهل النار، ونحن ـ كمسلمين ـ لا نشهدُ لأحدٍ بعينه أنّه من أهل النار إلاّ مَنْ شهدَ الله ورسوله(ﷺ) له بذلك ومن هـؤلاء :
1 ـ إبليس: والآيات في ذلك كثيرة، ودخولُه النارَ معلومٌ من الدين وبالضرورة، بل معلومٌ في جميع الأديان، كمثل قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ *فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ*﴾ [الحشر: 16 ـ 17] وقال تعالى لإبليس: ﴿قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ *لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ *﴾ [ص: 84 ـ 85] .
2 ـ قابيل: وأما ابن ادم ( قابيل ) فقد قال رسول الله (ﷺ): « لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلماً إلاّ كان على ابن ادمَ الأولِ كِفْلٌ مِنْ دَمِها، لأنّه أولُ من سَنّ القتلَ »[(640)] .
3 ـ فرعون وجنوده: قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ [القصص: 41 ـ 42] وقال تعالى: ﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ *النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ *﴾ [غافر: 45 ـ 46] .
4 ـ قارون وهامان: قال تعالى: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ *فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ*﴾ [العنكبوت: 39 ـ 40] وقال تعالى: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ *﴾ [القصص: 81] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ *إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ *فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ *﴾ [غافر: 23 ـ 25]، فسمّاهم الله تعالى كافرين .
5 ـ امرأة نوح وامرأة لوط: قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامَرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ *﴾ [التحريم: 10] .
6 ـ كفرة الجن في النار: قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِّنِ﴾ [الأعراف: 179] وقال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا *وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا *﴾ [الجن: 14 ـ 15].
7 ـ أحد أبناء نوح: قال تعالى: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِل يابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلاَ تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ *قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ *﴾ [هود: 42 ـ 43] .
8 ـ قوم نوح: قال تعالى: ﴿وَأُوْحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ *وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ *﴾ [هود: 36 ـ 37] .
9 ـ قوم عاد: قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصُوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ﴾ [هود: 59 ـ 60] .
10 ـ قوم ثمود: قال تعالى: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ *كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِثَمُودَ *﴾ [هود: 67 ـ 68] فحكم الله عليهم بالكفر، وقد قدّمنا أنَّ أصحاب الخلود في النار هم الكفار والمشركون.
11 ـ قوم لوط: قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ *مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ *﴾ [هود: 82 ـ 83] .
12 ـ قوم شعيب: قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ *كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ *﴾ [هود: 94 ـ 95] وقال تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ *﴾ [الشعراء: 189] وتكذيبُ الرسل مِنْ أنواعِ الكفر .
13 ـ بنو النضير من اليهود: قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابُ النَّارِ *﴾ [الحشر: 3] وقد نزلتْ هـذه الآية في يهود بني النضير لمّا خانوا الرسول (ﷺ)، وأرادوا قتله بإلقاء حجر عليه، ولكنّ الله تعالى عصمه منهم، فحاصرهم النبيُّ (ﷺ) وأجلاهم، وهـذا الحكمُ ليس خاصاً بيهود بني النضير، بل كلُّ مَنْ سمعَ بدعوة النبيِّ(ﷺ) من اليهود والنصارى ولم يُسْلِمْ فهو في النار، قال رسول الله (ﷺ): «والذي نفسُ محمّدٍ بيده لا يسمعُ بي أحدٌ مِنْ هـذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ، ولم يؤمنْ بالّذي أُرسلتُ به، إلاّ كانَ من أصحابِ النّارِ».
14 ـ أبو لهب وامرأته: قال تعالى في سورة المسد: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ *وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ *فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ *﴾ .
15 ـ الوليد بن المغيرة: وهو المقصودُ بقوله تعالى: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا *وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا *وَبَنِينَ شُهُودًا *وَمَهَّدْتُّ لَهُ تَمْهِيدًا *ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ *كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآِيَاتِنَا عَنِيدًا *سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا *إِنَّهُ فَكَّرَ وقَدَّرَ *فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ نَظَرَ *ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ *ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ *فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ *إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ *سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *﴾ [ المدثر: 11 ـ 26 ] جاء الوليدُ بنُ المغيرة إلى النبيِّ (ﷺ)، فقرأ عليه القرآن، فكأنّه رقَّ له، فبلغَ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم إنّ قومَك يرون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لم ؟ قال: ليعطوكه، فإنّك أتيتَ محمداً تتعرّضُ لِمَا قِبَله، قال: قد علمتْ قريشٌ أني أكثرُها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغُ قومَك أنّك منكِرٌ له، أو أنَّكَ كارهٌ له، قال: ماذا أقول ؟ فواللهِ ما فيكم رجلٌ أعلمُ بالأشعارِ مني، ولا برجزٍ ولا بقصيدةٍ مني، ولا بأشعارِ الجنِّ، واللهِ ما يُشْبِهُ الذي يقول شيئاً من هـذا، واللهِ إنَّ لقولهِ الذي يقولُ حلاوةٌ، وإنّ عليه لطلاوةٌ، وإنّه لمثمِرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنّه ليعلو وما يعلى عليه، وإنّه ليحطِمُ ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومُكَ حتّى تقولَ فيه، قال: فدعني حتّى أفكرَ، فلمّا فكر، قال: هـذا سحرٌ يؤثر، يأثرُه عن غيره، فنزلت ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا يعني الآياتِ .
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان باليوم الآخر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي