الإثنين

1446-06-22

|

2024-12-23

ذو النُّورين عثمان بن عفَّان رضي الله عنه نسبته، أسرته، ومكانته في الجاهلية

بقلم: د. علي الصلابي

الحلقة الأولى

أولاً : اسمه ، ونسبه ، وكنيته ، وألقابه :
1ـ هو عثمان بن عفَّان بن أبي العاص بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيِّ بن كلاب ، ويلتقي نسبه بنسب رسول الله (ص) في عبد مناف . وأمَّه أروى بنت كُرَيْز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، وأمُّها أمُّ حكيم البيضاء بنت عبد المطلب ، وهي شقيقة عبد الله والد النَّبيِّ (ص) ، ويقال : إنَّهما وُلدا توءماً ، حكاه الزُّبير بن بكَّار ، فكان ابن بنت عمَّة النَّبيِّ (ص) ، وكان النَّبيُّ (ص) ابن خال والدته ، وقد أسلمت أمُّ عثمان ، وماتت في خلافة ابنها عثمان ، وأنَّه كان ممَّن حملها إلى قبرها، وأمَّا أبوه فهلك في الجاهليَّة .
2ـ كنيته : كان يكنى في الجاهليَّة أبا عمرو ، فلمَّا وُلد له من رقيَّة بنت رسول الله غلامٌ سمَّاه عبد الله ، واكتنى به ، فكنَّاه المسلمون أبا عبد الله.
3ـ لقبه : كان عثمان رضي الله عنه يلقَّب بذي النُّورين ، وقد ذكر بدر الدِّين العيني في شرحه على صحيح البخاريِّ : أنه قيل للمهلب بن أبي صفرة: لم قيل لعثمان: ذو النُّورين؟
فقال: لأنَّا لا نعلم أحداً أرسل ستراً على بنتي نبيٍّ غيره.
وقال عبد الله بن عمر بن أبان الجعفيُّ : قال لي خالي حسين الجعفيُّ : يا بني ! أتدري لِمَ سُمِّي عثمان ذا النُّورين ؟ قلت : لا أدري ! قال : لم يجمع بين ابنتي نبيٍّ منذ خلق الله ادم إلى أن تقوم السَّاعة ، غير عثمان ، فلذلك سمِّي ذا النُّورين.
وقيل : قد سمِّي بذي النُّورين ؛ لأنَّه كان يكثر من تلاوة القران في كلِّ ليلة في صلاته ، فالقران نورٌ ، وقيام اللَّيل نورٌ.
4ـ ولادته : ولد في مكَّة بعد عام الفيل بستِّ سنين على الصَّحيح، وقيل : ولد في الطَّائف ؛ فهو أصغر من رسول الله (ص) بنحو خمس سنين.
ـ صفته الخَلْقيَّة : كان رجلاً ليس بالقصير ، ولا بالطَّويل ، رقيق البشرة ، كثَّ اللِّحية ، عظيمها ، عظيم الكراديس، عظيم ما بين المنكبين ، كثير شعر الرَّأس ، يصفِّر لحيته ، وقال الزُّهري : كان عثمان رجلاً مربوعاً ، حسن الشَّعر ، حسن الوجه، أصلع ، أرْوَح الرِّجلين، وأقنى ، خدل السَّاقين، طويل الذِّراعين ، قد كسا ذراعيه ، جعد الشَّعر ، أحسن النَّاس ثغراً ، جُمَّتُه أسفل من أذنيه ، حسن الوجه ، والرَّاجح : أنَّه أبيض اللَّون ، وقيل : أسمر اللَّون.

ثانياً : أسرته :
تزوَّج عثمان رضي الله عنه ثماني زوجات ، كلُّهنَّ بعد الإسلام وَهُنَّ : رقيَّة بنت رسول الله (ص) ، وقد أنجبت له عبد الله بن عثمان ، ثمَّ تزوج أمَّ كلثوم بنت رسول الله (ص) بعد وفاة رقيَّة ، وتزوج فاختة بنت غزوان؛ وهي أخت الأمير عتبة بن غزوان ، وأنجبت لعثمان عبد الله الأصغر ، وأم عمرو بنت جندب الأزديَّة ؛ وقد أنجبت لعثمان : عَمْراً ، وخالداً ، وأبان ، وعُمَرَ ، ومريم ، وتزوَّج فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزوميَّة ؛ وأنجبت لعثمان : الوليد ، وسعيداً ، وأمَّ سعد ، وتزوَّج أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزاريَّة ؛ وأنجبت لعثمان ، عبد الملك ،وتزوَّج رملة بنت شيبة بن ربيعة الأمويَّة ؛ وأنجبت لعثمان ، عائشة ، وأمَّ أبان ، وأمَّ عمرو ، وقد أسلمت رملة ، وبايعت رسول الله (ص) ، وتزوَّج نائلة بنت الفرافصة الكلبيَّة ، وكانت على النَّصرانية ، وقد أسلمت قبل أن يدخل بها ، وحَسُنَ إسلامها.
وأمَّا أبناؤه ؛ فقد كانوا تسعة أبناء من الذُّكور من خمس زوجاتٍ . وهم : عبد الله : وأمَّه رقيَّة بنت رسول الله (ص) ، ولد قبل الهجرة بعامين ، وأخذته أمُّهُ معها عندما هاجرت مع زوجها عثمان إلى المدينة ، وفي أوائل أيَّام الحياة في المدينة نقره الدِّيك في وجهه قرب عينه ، وأخذ مكان نقر الدِّيك يتَّسع حتَّى طمر وجهه حتَّى مات في السَّنة الرابعة للهجرة ، وكان عمره ستَّ سنواتٍ.
وعبد الله الأصغر : وأمُّه فاختة بنت غزوان . وعمرو : وأمُّه أم عمرو بنت جندب، وقد روى عن أبيه ، وعن أسامة بن زيدٍ ، وروى عنه عليُّ بن الحسين ، وسعيد بن المسيِّب ، وأبو الزِّنَّاد ، وهو قليل الحديث ، وتزوَّج رملة بنت معاوية بن أبي سفيان ، توفي سنة ثمانين للهجرة .
وخالد : وأمَّه أم عمرو بنت جندب . وأبان : وأمه أم عمرو بنت جندب ، كان إماماً في الفقه ، يكنى أبا سعيد ، وتولَّى إمرة المدينة سبع سنين في عهد عبد الملك بن مروان ، سمع أباه ، وزيد بن ثابت ، له أحاديث قليلةٌ ، منها ما رواه عن عثمان : « مَنْ قال في أوَّل يومه وليلته : بسم الله الّذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء ، وهو السَّميع العليم ؛ لم يضرَّه ذلك اليوم شيءٌ ، أو تلك اللَّيلة » . فلمَّا أصاب أبانَ الفالجُ قال : إنِّي والله نسيت هذا الدُّعاء ليمضي فيَّ أمر الله. ويعتبر من فقهاء المدينة في زمنه ، وقد توفِّي سنة خمس ومئةٍ .
وعمر : وأمُّه أم عمرو بنت جندب . والوليد : وأمَّه فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزوميَّة . وسعيد : وأمُّه فاطمة بنت الوليد المخزوميَّة ، تولَّى أمر خراسان عام ستةٍ وخمسين أيَّام معاوية بن أبي سفيان . وعبد الملك : وأمُّه أمُّ البنين بنت عيينة بن حصن ، ومات صغيراً . ويقال : ولدت نائلة بنت الفرافصة ولداً لعثمان سُمِّيَ : عنبسة.
وأمَّا بناته ؛ فهنَّ سبعٌ من خمس نساءٍ . مريم : وأمَّها أمُّ عمرو بنت جندب . وأمُّ سعيد : وأمُّها فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس المخزوميَّة . وعائشة : وأمُّها رملة بنت شيبة بن ربيعة . ومريم بنت عثمان : وأمُّها نائلة بنت الفرافصة . وأمُّ البنين : وأمُّها أم ولد .
وأمَّا شقيقة عثمان ؛ فهي امنة بنت عفَّان ، فقد عملت ماشطةً في الجاهليَّة ، ثمَّ تزوَّجت الحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة المخزومي ، وأَسرتْ سريَّةُ عبد الله ابن جحش الحكم بن كيسان ، وفي المدينة أسلم ، وحسن إسلامه ، وأقام عند رسول الله؛ حتَّى قتل يوم بئر معونة شهيداً في بداية السَّنة الرَّابعة للهجرة ، وبقيت امنة بنت عفَّان في مكَّة على شِركِها حتَّى يوم الفتح ، حيث أسلمت مع أمِّها ، وبقيَّة أخواتها ، وبايعت رسول الله (ص) مع هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على ألا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقْن ، ولا يزنين .
وأمَّا إخوة عثمان من أمِّه ؛ فله ثلاثة إخوةٍ ، وهم : الوليد بن عقبة بن أبي معيط، قتل أبوه يوم بدرٍ صبراً وهو كافرٌ ، وخرج الوليد مع أخيه عمارة بعد الحديبية لردِّ أختهما أمِّ كلثوم الّتي أسلمت ، وهاجرت ، فأبى رسول الله ردَّها، وأسلم الوليد يوم الفتح . وعمارة بن عقبة ، تأخَّر إسلامه . وخالد بن عقبة .
وأمَّا أخواته من أمِّه ؛ فهنَّ : أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، أسلمت بمكَّة ، وهاجرت ، وبايعت رسول الله (ص) ، وهي أوَّل من هاجر من النِّساء بعد أن عاد رسول الله (ص) إلى المدينة بعد صلح الحديبية . وأمُّ حكيم بنت عقبة . وهند بنت عقبة.

ثالثاً : مكانته في الجاهليَّة :
كان رضي الله عنه في أيَّام الجاهليَّة من أفضل النَّاس في قومه ؛ فهو عريض الجاه ، ثريٌّ ، شديد الحياء ، عذب الكلمات ، فكان قومه يحبُّونه أشدَّ الحبِّ ، ويوقِّرونه، لم يسجد في الجاهليَّة لصنم قطُّ ، ولم يقترف فاحشة قطُّ ، فلم يشرب خمراً قبل الإسلام ، وكان يقول : إنَّها تذهب العقل . والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان ، وعلى الإنسان أن يسمو به ، لا أن يصارعه ، وفي الجاهليَّة كذلك لم تجذبه أغاني الشَّباب ، ولا حلقات اللَّهو ، ثمَّ إنَّ عثمان كان يتعفَّف عن أن يرى عورته ، ويرحم الله عثمان رضي الله عنه فقد يسَّر لنا سبيل التعرُّف عليه ، حيث قال : « ما تغنَّيت ، ولا تمنَّيت ، ولا مسَسْت ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله (ص) ، ولا شربت خمراً في جاهليَّةٍ ، ولا إسلام ، ولا زنيت في جاهليَّة ولا في إسلامٍ » .
وكان رضي الله عنه على علمٍ بمعارف العرب في الجاهليَّة ، ومنها الأنساب ، والأمثال ، وأخبار الأيَّام ، وساح في الأرض ، فرحل إلى الشَّام ، والحبشة ، وعاشر أقواماً غير العرب ، فعرف من أحوالهم ، وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره، واهتمَّ بتجارته الّتي ورثها عن والده ، ونمت ثرواته ، وأصبح يعدُّ من رجالات بني أميَّة الّذين لهم مكانةٌ في قريشٍ كلِّها ، فقد كان المجتمع المكِّيُّ الجاهليُّ الّذي عاش فيه عثمان يقدِّر الرِّجال حسب أموالهم ، ويُهاب فيه الرِّجال حسب أولادهم ، وإخوتهم ، ثمَّ عشيرتهم ، وقومهم ، فنال عثمان مكانةً مرموقةً في قومه ، ومحبَّةً كبيرةً . ومن أطرف ما يروى عن حبِّ الناس لعثمان لما تجمَّع فيه من صفات الخير : أنَّ المرأة العربية في عصره كانت تغنِّي لطفلها أغنيةً تحمل تقدير النَّاس له، وثناءهم عليه ، فقد كانت تقول :
أحبُّك والرَّحمن حبَّ قريشٍ لعثمان

يمكن النظر في كتاب تيسير الكريم المنَّان في سيرة أمير المؤمنين
عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه، شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC171.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022