الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

فتح العراق زمن الصديق... بطولات وملحمات تاريخية خلدها خالد بن الوليد

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة السابعة والثلاثون

 

لم يلبث خالد أن قدم العراق، ومعه ألفا رجلٍ ممَّن قاتل المرتدين، وحشد ثمانية الاف رجلٍ من قبائل ربيعة، وكتب إِلى ثلاثةٍ من الأمراء في العراق قد اجتمعت لهم جيوش لغرض الجهاد، وهم مذعور بن عديٍّ العجلي، وسُلْمَى بن القين التَّميميُّ، وحرملة بن مريطه التَّميميُّ، فاستجابوا، وضمُّوا جيوشهم الَّتي بلغ تعدادها مع جيش المثنَّى ثمانية الاف، فأصبح جيش المسلمين ثمانية عشر ألفاً، وقد اتَّفقوا على أن يكون مكان تجمع الجيوش الأبلَّة، وقبل أن يسير خالد إِلى العراق كتب إِلى هرمز صاحب ثغر الأبلَّة كتاب إِنذارٍ، يقول فيه: أمَّا بعد: فأسلم تسلم، أو اعتقد لنفسك وقومك الذمَّة، وأقررْ بالجزية، وإِلا فلا تلومنَّ إِلا نفسك، فقد جئتكم بقومٍ يحبُّون الموت، كما تحبُّون الحياة.

وقد لجأ إِلى هذا الأسلوب وهو نوعٌ من الحرب النَّفسيَّة؛ ليُدخل الخوف، والرُّعب في قلب هرمز، وجنوده، وليوهن من قوَّتهم، ويضعف من عزيمتهم، وحين قارب خالدٌ العدوَّ؛ جعل الجيش ثلاث فرقٍ، وأمر أن تسلك كلُّ فرقة طريقاً، ولم يحملهم على طريقٍ واحدٍ، تحقيقاً لمبدأ مهمٍّ من مبادئ الحرب، وهو أمن القطعات، فجعل المثنَّى على فرقة المقدِّمة، ثمَّ تلتها فرقةٌ عليها عديُّ بن حاتم الطائي، وخرج خالدٌ بعدهما، وواعدهما الحضير، ليجتمعوا به، ويصمدوا لعدوِّهم.

1ـ معركة ذات السَّلاسل:

سمع هرمز بمسير خالدٍ، وعلم: أنَّ المسلمين تواعدوا الحضير، فسبقهم إِليه، وجعل على مقدِّمته القائدين: قبا، وأنو شججان، ولما بلغ خالدٌ: أنَّهم يمَّموا الحضير، عدل عنها إِلى كاظمة، فسبقه هرمز إِليها، ونزل على الماء، واختار المكان الملائم لجيشه، وجاء خالدٌ، فنزل على غير ماءٍ، فقال لأصحابه: حطُّوا أثقالكم، ثمَّ جالدوهم على الماء فلعمري ليصيرنَّ الماء لأصبر الفريقين، وأكرم الجندين.

وحطَّ المسلمون أثقالهم، والخيل وقوف، وتقدَّم الرَّاجلون، وزحفوا إِلى الكفَّار، ومنَّ الله تعالى بكرمه وفضله على المسلمين بسحابةٍ، فأمطرت وراء صفوف المسلمين، ونهلوا من غدرانها فتقوَّى بذلك المسلمون، وهذا مثلٌ من الأمثلة الكثيرة الشَّاهدة على معيَّة الله جلَّ جلاله لأوليائه المؤمنين بنصره، وإِمداده، وواجه المسلمون هرمز، وكان مشهوراً بالخُبْثِ، والسُّوء، حتى ضُرب المثل بخبثه، فعمل مكيدةً لخالدٍ، وذلك أنَّه اتفق مع حاميته على أن يبارز خالداً ثمَّ يغدروا به، ويهجموا عليه، فبرز بين الصَّفين، ودعا خالداً إِلى البراز، فبرز إِليه، والتقيا فاختلفا ضربتين واحتضنه خالدٌ، فحملت حامية هرمز على خالدٍ، وأحدَقوا به، فما شغله ذلك عن قتل هرمز، وما أن لمح ذلك البطل المغوار القعقاع بن عمرٍو حتَّى حمل بجماعةٍ من الفرسان على حامية هرمز، وكان خالد يجالدهم، فأناموهم، وحمل المسلمون من وراء القعقاع حتَّى هزموا الفرس .

وهذا هو أوَّل المشاهد الَّتي ظهر فيها صدق فراسة أبي بكرٍ حينما قال عن القعقاع:(لا يهزم جيشٌ فيه مثل هذا) وأمَّا خالد؛ فقد ضرب أروع الأمثال في البطولة، ورباطة الجأش، فقد أجهز على قائد الفرس وحاميته من حوله، فلم يستطيعوا تخليصه منه، ثمَّ ظلَّ يجالدهم حتَّى وصل إِليه القعقاع ومن معه، فقضى عليهم، وقد كان الفرس ربطوا أنفسهم بالسَّلاسل حتَّى لا يفرُّوا فلم تغن عنهم شيئاً أمام اللُّيوث الباسل، وسمِّيت هذه المعركة بذات السَّلاسل.

وغنم المسلمون من الفرس حمل ألف بعير، وبعث خالدٌ سرايا تفتح ما حول الحيرة من حصونٍ، فغنموا أموالاً كثيرةً، ولم يعرض خالد لمن لم يقاتلوه من الفلاَّحين بل أحسن معاملتهم كما أوصاه الصِّدِّيق، وأبقاهم في الأرض؛ التي يفلحونها، ومكَّنهم من إِنتاجها ومتَّعهم بثمرات عملهم، فمن دخل في الإِسلام حدَّد له نصيب الزَّكاة، ومن بقي على دينه؛ فرض عليه الجزية، وهو أقلُّ بكثيرٍ مما كان ينهبه المالكون الفرس، ولم ينتزع الأرض من أيدي أصحابها الفرس، ولكنَّه أنصف العاملين فيها، فأحسُّوا بأنَّ عنصراً جديداً من العدل، والإِخاء الإِنسانيِّ يشرف عليهم من خلال هذا الفتح المجيد، وأرسل خالدٌ خمس الغنائم، والأموال إِلى الصِّدِّيق، ووزَّع الباقي على المجاهدين، وكان ممَّا أرسله إِلى الصِّدِّيق قلنسوة هرمز، ولكن الصِّدِّيق أهداها إِلى خالدٍ مكافأةً له على حسن بلائه، وكانت قيمتها مئة ألف، وكانت مفصصه بالجوهر، فقد كان أهل فارس يغلون قلانسهم على قدر أحسابهم في عشائرهم، فمن تمَّ شرفه فقيمة قلنسوته مئة ألفٍ، فكان هرمز ممَّن تم شرفه في الفرس.

2ـ معركة المذار(الثَّني):

كان هرمز قد كتب إِلى كسرى بكتابٍ بخبر خالدٍ، فأمدَّه كسرى بجيش بقيادة(قارن)، ولكنَّ هرمز استخفَّ بجيش المسلمين، فسارع إِليهم قبل وصول قارن، فنُكب، ونُكب جيشه، وهرب فلول المنهزمين، فالتقوا بجيش(قارن) وتذامروا فيما بينهم، وتشجعوا على قتال المسلمين، وعسكروا بمكان يسمَّى المذار، وكان خالد قد بعث المثنَّى بن حارثة وأخاه المعنَّى في اثار القوم، ففتحا بعض الحصون، وعلما بمجيء جيش الفرس، فأبلغا خالداً الخبر، وكتب خالدٌ إِلى أبي بكرٍ بمسيره إِليه، وسار وهو مستعدٌّ للقتال؛ حتَّى لا يفاجأ بهم، والتقى المسلمون معهم في(المذار) فاقتتلوا، والفرس قد أغضبهم، وأثار حفيظتهم ما وقع لهم قبل ذلك، وخرج قائدهم(قارن) ودعا إِلى البراز، فبرز إِليه خالدٌ، ولكن سبقه إِليه معقل بن الأعمش بن النبَّاش فقتله، وكان قارن وضع على ميمنته(قبا) وعلى ميسرته(أنو شججان) وهما من القوَّاد الَّذين حضروا اللقاء الأوَّل وفرُّوا من المعركة، فتصدَّى لهما بطلان من أبطال المسلمين .

فأمَّا قبا؛ فقتله عديُّ بن حاتمٍ الطَّائيُّ، وأمَّا أنوسان فقتله عاصم بن عمرو التَّميميُّ، واشتدَّ القتال بين الفريقين، ولكنَّ الفرس انهزموا بعد مقتل قادتهم، وقتل منهم ثلاثون ألفاً، ولجأ بقيَّتهم إِلى السُّفن، فهربوا عليها، ومنع الماءُ المسلمين من ملاحقتهم، وأقام خالد بالمذار، وسلَّم الأسلاب لمن سلبها بالغةً ما بلغت، وقسم الفيء، ونفَّل من الأخماس أهل البلاء، وبعث ببقيَّة الأخماس إِلى المدينة.

3ـ معركة الولجة:

وصل نبأ نكبة الفرس في المذار إِلى كسرى، فبعث الأندر زغر على رأس جيشٍ عظيمٍ، وأردفه بجيش اخر عليه بهمن جذويه، وتحرَّك الأندر زغر من المدائن حتَّى انتهى إِلى كسكر ومنها إِلى الولجة، وخرج بهمن جذويه سالكاً وسط السَّواد يريد أن يحشر جيش المسلمين بينه وبين الأندر زغر، واستطاع أن يحشر في طريقه عدداً من الأعوان والدَّهاقين، وتجمَّعت القوَّة

الفارسية في الولجة، وعندما شعر الأندر زغر: أنَّ حشوده أصبحت كبيرةً قرَّر الزَّحف على خالدٍ، ولمَّا بلغ خالدٌ، وهو بالثَّني(مكان قرب البصرة ومعناه منعطف النَّهر، والجبل) تجمُّع الفرس، ونزولهم الولجة رأى: أنَّ من الأفضل للمسلمين أن يهجموا على هذه الحشود الكبيرة من ثلاث جهاتٍ حتَّى يفرِّقوا جموعهم، وتكون المفاجأة للفرس مربكةً، وأخذ يعدُّ العدَّة لتنفيذ خطَّة الهجوم، ولكي يؤمِّن خطوطه الخلفية أمر سويد بن مقرِّن بلزوم الحفير، وتحرَّك بجيشه حتَّى وصل الولجة وبعد أن قام باستطلاعٍ وافٍ للمنطقة؛ وجد: أنَّ ميدان المعركة أرضٌ مستويةٌ وواسطةٌ تصلح للقتال، وتسمح بحرِّية الحركة، ولما كان خالد قد قرر أن يهاجم قوَّات الفرس من ثلاث جبهاتٍ فقد نفذ خطَّته، وبعث بفرقتين لمهاجمة حشود الفرس من الخلف، والجانبين، وبدأت المعركة، واشتدَّ القتال بين الفريقين، وشدَّد خالد بهجومه من المقدَّمة، وفي الوقت المناسب انقض الكمينان على مؤخرة جيش العدوِّ، فحلت به الهزيمة المنكرة، وفرَّ الأندر زغر مع عددٍ من رجاله، ولكنَّهم ماتوا عطشاً، وقام خالد في النَّاس خطيباً، فرغَّبهم في بلاد الأعاجم، وزهَّدهم في بلاد العرب، وقال: ألا ترون ما هاهنا من الطعمات؟ وبالله لو لم يلزمنا الجهاد في سبيل الله، والدُّعاء إِلى الإِسلام، ولم يكن إِلا المعاش؛ لكان الرأي أن نقاتل على هذا الرِّيف حتَّى نكون أولى به، ونولِّي الجوع والإِقلال من تولاه ممَّن اثَّاقل عمَّا أنتم عليه. ثمَّ خمَّس الغنيمة، وقسَّم أربعة أخماسها، وبعث الخمس إِلى الصِّدِّيق، وأسر من أسر من ذراري المقاتلة، وأقرَّ الفلاحون بالجزية.

وفي خطبة خالد بن الوليد للنَّاس إِشارةٌ إِلى: أنَّ العرب وهم في جاهليتهم إِضافةً إِلى أنَّهم ليسوا من طلاَّب الآخرة فإِنَّهم لم يظفروا بالدُّنيا لتفرُّقهم، وتناحرهم فيما بينهم، فخالد يقول: نحن طلاب الآخرة، ولنا هدفٌ سامٍ نسعى إِليه، من أجله ندعو، ومن أجله نجاهد، ولو فرض أنَّنا لا نحمل هذا الهدف، ولا نجاهد من أجله، فإِنَّ العقل يقتضي أن نقاتل من أجل أن نصلح أحوالنا المعيشيَّة، وخالد حينما يذكر ذلك لا يجعل هذا الموقف ثنائيّاً مع الهدف السَّامي الَّذي ذكره، وإِنَّما يذكر ذلك على أنَّه مجرَّد افتراضٍ يفرض نفسه لو لم يوجد الهدف السَّامي المذكور، وكأنَّه يقول: إِذا كنَّا سنقارع هؤلاء من أجل هذا الهدف الدُّنيوي أفلا نقارعهم من أجل الهدف الأخوي، وابتغاء مرضاة الله جلَّ، وعلا ؟

وهذا الكلام يشحذ الهمم، ويقوِّي العزم، ويُحيي القلب، ويفجِّر الطَّاقات، فتنطلق بعد ذلك النفوس المؤمنة مجاهدةً في سبيل الله ـ تعالى ـ بكلِّ طاقاتها، وإِمكاناتها، وقدراتها.

وجاء في روايةٍ: أنَّ في يوم الولجة بارز خالدٌ رجلاً من أهل فارس يعدل بألف رجل فقتله، فلمَّا فرغ اتَّكأ عليه، ودعا بغدائه، وهذا التصرُّف الجليل من سيف الله ـ رضي الله عنه ـ فيه إِذلالٌ للفرس، وتحطيمٌ لجبروتهم، وتغطرسهم، وإِضعافٌ لعزائمهم.

4ـ معركة أُلَّيْس، وفتح أمغ يشيا:

في هذه الموقعة انضمَّ بعض نصارى العرب إِلى الأعاجم، وصاروا عوناً للفرس على المسلمين، وكان عليهم عبد الأسود العجلي، وعلى الفرس جابان، وكان قد أمره بهمن جذويه ألا ينازل المسلمين إِلا أن يعجلوه، وبعد أن بلغ خالد تجمُّع نصارى العرب، وعرب الضَّاحية من أهل الحيرة؛ سار إِليهم، وكان همُّه متَّجهاً لمواقعهم، ولا علم له بانضمام الفرس لجموع العرب، فلمَّا أقبلت جنود المسلمين؛ طلب جابان من جنده مهاجمتهم، فأظهروا عدم الاكتراث بخالدٍ، والتَّهاون بأمره، وتداعوا إِلى الطَّعام إِلا أنَّ خالداً لم يدعهم يهنؤون بطعامهم، واقتتلوا أشدَّ القتال، وقد زاد في كلَب الأعداء وشدَّتهم ما يتوقَّعون من لحاق بهمن جذويه بهم في مددٍ كبير، وصبر المسلمون على هذا القتال العنيف، وقال خالد: اللَّهُمَّ إِنَّ لك عليَّ إِن منحتنا أكتافهم ألا أستبقي منهم أحداً قدرنا عليه حتَّى أجري نهرهم بدمائهم، ثمَّ إِنَّ الله كشفهم للمسلمين، ومنحهم أكتافهم، فأمر خالد مناديه، فنادى في النَّاس: الأسر، الأسر! لا تقتلوا إِلاَّ من امتنع، فأقبلت الخيول بهم أفواجاً مستأثرين يساقون سَوْقاً، وقد وكَّل بهم رجالاً يضربون أعناقهم في النَّهر، ففعل ذلك بهم يوماً وليلةً وطلبوهم الغد وبعد الغد حتَّى انتهوا إِلى النهرين، ومقدار ذلك من كلِّ جانب أُلَّيْس، فضرب أعناقهم، وقال له القعقاع، وأشباهٌ له: لو أنَّك قتلت أهل الأرض لم تجر دماؤهم، إِنَّ الدماء لا تزيد على أن ترقرق منذ نهيت عن السَّيلان، ونهيت الأرض عن نشف الدِّماء، فأرسل عليها الماء تبرَّ يمينك، وقد كان صدَّ الماء عن النَّهر، فأعاده فجرى دماً عبيطاً فَسُمِّي نهر الدَّم لذلك الشأن.

ولمَّا هُزموا، وأجلُوا عن عسكرهم، ورجع المسلمون من طلبهم، ودخلوه؛ وقف خالدٌ على الطعام فقال: فقد نفلتموه، فهو لكم. وقال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا أتى على طعامٍ مصنوعٍ نفَّله، فقعد عليه المسلمون لعشاءهم باللَّيل، وجعل من لم يَر الأرياف، ولا يعرف الرِّقاق، يقول: ما هذه الرِّقاق البيض! وجعل مَنْ قد عرفها يجيبهم، ويقول لهم مازحاً: هل سمعتهم برقيق العيش؟ فيقولون: نعم، فيقول: هو هذا؛ فسمِّي الرِّقاق وكانت العرب تسمِّيه القِرَى. وبعد أن فرغ خالد من أُلَّيْس نهض حتَّى أتى أمغ يشيا، وقد جلا عنها أهلُها، وأعجلوا عمَّا فيها، وتفرَّقوا في السَّواد، فأمر بهدمها، وهدم كلِّ شيءٍ كان في حيِّزها، وأصابوا بها ما لم يصيبوا مثله، فقد بلغ سهم الفارس ألفاً وخمسمئة درهم سوى أنفال أهل البلاء، ولمَّا وصلت الأخماس، وأخبار النَّصر إِلى الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ وما صنعه خالد، والمسلمون قال: يا معشر قريش! ـ يخبرهم بالذي أتاه ـ عَدَا أسدكم على الأسد فغلبه على خراذيله، أعجزت النِّساء أن ينسلن مثل خالدٍ؟! وكان خالدٌ قد بعث بالخبر مع رجلٍ يدعى جندلاً من بني عجل، وكان دليلاً صارماً، فقدم على أبي بكرٍ بالخبر وبفتح أُلَّيْس، وقدر الفيء، وبعدَّة السَّبي، وبما حصل من الأخماس، وبأهل البلاء من النَّاس، فلمَّا قدم على أبي بكرٍ، فرأى صرامته، وثبات خبره، قال: ما اسمك؟ قال: جندل، قال: ويهاً جندل:

نَفْسُ عصامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا وعوَّدَتْهُ الكرَّ والإقداما

وأمر له بجاريةٍ من ذلك السَّبي، فولدت له.

وفي قول الصِّديق عن خالدٍ: عدا أسدُكم على الأسد، فغلبه على خراذيله، أعجزت النساء أن ينسلن مثل خالد؟! وسام شرفٍ لخالدٍ، واعترافٌ بالجميل، ورفعٌ لأهل البلاء، والفضل، والهمم العالية، ودفعٌ لأصحاب الهمم الضَّعيفة ليضاعفوا من جهودهم وينافسوا على معالي الأمور ومكارمها. وهذا القول من أبي بكر ـ وكان أعلم بالرِّجال ـ أعظمُ شهادةٍ، وأجلُّ تقدير يناله رجلٌ في تاريخ الإِسلام، فالصدِّيق وهو خليفة المسلمين الأعظم لا يرى لخالدٍ ـ رضي الله عنه ـ في الناس عِدْلاً في عبريته، وشجاعته، ولا نظيراً في بطولته، ومهارته، وحسبك بها لخالدٍ من الصِّدِّيق.

 

للاطلاع على النسخة الأصلية للكتاب راجع الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022