الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

دعوة إبراهيم عليه السلام الناس لأداء مناسك الحج في سورة الحج

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 281

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1444ه/ مايو 2023م


قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} ]الحج:26-29[.

يذكر الله سبحانه وتعالى عظمة البيت الحرام وجلالته، وعظمة بانيه وهو خليل الرحمن، فقد هيأه الله له وأنزله إياه، وجعل قسماً من ذريته من سكانه، وأمره الله ببنيانه، فبناه على تقوى الله وأسسه على طاعة الله هو وابنه إسماعيل، وأمره أن لا يشرك به شيئاً بأن يخلص لله أعماله وبنيه على اسم الله، وأن يطهر بيته من الشرك والمعاصي ومن الأنجاس والأدناس، وأضافه الرحمن إلى نفسه؛ لشرفه وفضله ولتعظُم محبته في القلوب وتنصب إليه الأفئدة من كل جانب، وليكون أعظم لتطهيره وتعظيمه لكونه بيت الربّ للطائفين به والعاكفين عنده المقيمين لعبادة من العبادات من ذكر وقراءة، وتعلم وعلم وتعليمه، وغير ذلك من أنواع القرب. (1)

وأمره بأن يدعو الناس ويعلمهم ويبلغهم، دانيهم وقاصيهم فرضه وفضيلته، فإنك إذا دعوتهم أتوك حجاجاً وعماراً، مشاة على أرجلهم من الشوق، أو على فاقة ضامر تقطع المفاوز وتواصل السير حتى تأتي إلى أشرف الأماكن من كل بلد بعيد وقد فعل الخليل عليه السلام ثم من بعده ابنه محمد صلّى الله عليه وسلّم، فدعا الناس إلى حج هذا البيت وأبديا في ذلك وأعادا، وقد حصل ما وعد الله به، أتاه الناس رجالاً وركباناً من مشارق الأرض ومغاربها. ثم ذكر فوائد بيت الله الحرام مرغباً فيه، لينالوا ببيت الله منافع دينية من العبادات الفاضلة والعبادات التي لا تكون إلا فيه ومنافع دنيوية من التكسب وحصول الأرباح الدنيوية، وكل هذا من المنافع الدينية والدنيوية أي: ليذكروا اسم الله عند ذبح الهدايا شكراً لله على ما رزقهم منها ويسرها لهم، {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} أي: شديد الفقر.

{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} أيّ: يقضوا نُسكهم ويزيلوا الوسخ والأذى الذي لحقهم في حال الإجرام، {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}: التي أوجبوها على أنفسهم من الحج والعمرة والهدايا، {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} أيّ: القديم، أفضل المساجد على الإطلاق، المعتق من الجبابرة عليه وهذا أمر بالطواف، خصوصاً بعد الأمر بالمناسك عموماً، لفضله وشرفه ولكونه المقصود وما قبله وسائل إليه ولعله والله أعلم أيضاً لفائدة أخرى وهو أن الطواف مشروع في كل وقت، وسواء كان تابعاً لنسك أم مستقلاً بنفسه.

إنَّ إبراهيم عليه السلام قام بواجبه في تعليم المؤمنين بالله مناسك الحج وفق ما أمره الله، وأوحى إليه من المناسك الحج وفق ما أمره الله، وأوحى إليه من المناسك وجدّد هذه الفريضة بعد ما اندثرت وانحرفت مع مرور السنين ووسائل إبليس نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم.(2)

وإنَّ موسم الحج له منافع عظيمة وكثيرة:
- موسم الحج هو تجمع إنساني عظيم
- الحج مؤتمر روحي.
- الحج موسم تجارة وعبادة.
- الحج مؤتمر اجتماع وتنسيق وتعارف.
- الحج فريضة تلتقي فيها الدنيا والآخرة، كما تلتقي فيها ذكريات العقيدة البعيدة والقريبة.
- أصحاب السلع والتجارة يجدون في موسم الحج سوقاً رائجة، حيث تجبى إلى البلد الحرام ثمرات كل شيء من أطراف الأرض، ويقدم الحجيج من كل فجٍّ ومن كل قطر، ومعهم من خيرات بلادهم ما تفوق في أرجاء الأرض في شتى المواسم، يتجمع كله في البلد الحرام في موسم واحد.
- الحج تجارة ومعرض نتاج، وسوق عالمية تقام في كل عام.
- الحج موسم عبادة تصفو فيه الأرواح، وهي تستشعر قربها من الله في بيته الحرام وهي ترف حول هذا البيت وتستروح الذكريات التي تحوم عليه وترف كالأطياف من قريب ومن بعيد.(3)

.
مراجع الحلقة الحادية الثمانون بعد المائتين:
(1) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص1097.
(2) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص1098.
(3) في ظلال القرآن، سيد قطب، (4/2419).

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/27

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022