الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

(من فضائل إبراهيم عليه السلام)
 
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
 
الحلقة: 289
 
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
 
شوال 1444ه/ مايو 2023م
 


1. الصدّيقية:
والصدّيق: من كثر منه الصدّق، وقيل: بل يقال لمن لا يكذب قط، وقيل: بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق، وقيل: بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوّده الصدق، وقيل: بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله.(1)
وقد وصف القرآن الكريم ثلاثة من الأنبياء الكرام - عليهم السّلام - بأنهم صدّيقون وهم يوسف وإدريس وإبراهيم، وقد قال الله تعالى في إبراهيم: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} ]مريم:42[، كما أطلق هذه الصفة على غير الأنبياء، فمريم بنت عمران صدّيقة، والقوم الذين علت درجتهم عند الله بطاعتهم لله والرسول حتى سبقوا الصالحين والشهداء، هم الصدّيقون أيضاً {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ]النساء:69[، فإبراهيم - عليه السّلام - حاز صفة الصدّيق بأوسع معانيها وأعلى مراتبها، فهو كثير الصدّق، لم يقع في معصية الكذب قط، وقد صدق بقوله واعتقاده وفعله، فاستحق أن يكون خليل الرحمن.(2)
2. الشكر:
هو تصوُّر النعمة وإظهارها، والشكر ثلاثة أضرب:
- شكر القلب: وهو تصوُّر النعمة.
- شكر اللسان: وهو الثناء على المُنعم.
- شكر الجوارح: وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه.(3)
قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}؛ إذ كان إبراهيم عليه السلام شاكراً لله بقلبه ولسانه، وجوارحه، خاضعاً لمن أولاه نعمه، مُحباً له، معترفاً بفضله، مُثنياً عليه بما أنعم، مُستعملاً نعمه فيما يرضي مولاه المنعم فكان - بعد رسولنا محمد صلّى الله عليه وسلّم- سيد الشاكرين.
وقال تعالى: {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ]النحل:121[ وأن يكون الإنسان من الشاكرين بتزكية من ربه سبحانه وتعالى، فذلك تمام النعمة التي ينعمها الله على ذلك العبد، وقد كان إبراهيم كذلك؛ لأنَّ الأصل في الموضوع أن القليل من عباد الله الذين يكونون شاكرين، كما بيَّنت الآية الكريمة.(4)
3. الدعاء:
كان إبراهيم - عليه السّلام – دعّاءً، ودعاؤه يدل على سمو نفسه وحرصه على رضا خالقه وبارئه، والفوز بنعيمه ورضوانه، فهو يسأل ربّه الحكمة والصلاح، والفلاح، والجنة، والعزّة يوم القيامة.(5)
وقد مرّت معنا كثير من أدعية إبراهيم عليه السلام التي حفظها الله المولى عزّ وجل في كتابه، مثل قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} ]الشعراء:83-89[ إلى غير ذلك من الأدعية.
4. القنوت:
وصف الله تبارك وتعالى خليله بأنه قانت له، فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ]النحل:120[؛ فالقنوت لفظ مشترك بين عدة معانٍ، لعلّ أظهرها: لزوم الطاعة مع الخضوع، فإبراهيم عليه السلام كان قانتاً لله بهذه المعاني كلها؛ فهو ملازم لطاعة ربّه، خاضع له، داعٍ مولاه، ساكت عن كل شرّ، خاشع في عبادته، كامل في عبوديته.(6)

مراجع الحلقة الثاسعة الثمانون بعد المائتين:
(1) تاج العروس في جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي، ص405.
(2) فقه دعوة الأنبياء في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص250.
(3) فقه دعوة الأنبياء في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص250.
(4) ملة أبيكم إبراهيم، عبد الستار كريم المرسومي، ص202.
(5) فقه دعوة الأنبياء في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص252.
(6) فقه دعوة الأنبياء في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص254.

 


يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/27


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022