الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

(الملَّة الإبراهيميّة)

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 296

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1444ه/ مايو 2023م

 

أولى الناس بإبراهيم - عليه السّلام- محمد صلّى الله عليه وسلّم والذين اتبعوه {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}. فهو صلّى الله عليه وسلّم الذي أعاد لملة إبراهيم جِدّتها ونقاءها، وطهّرها من تحريف اليهودية، وانحراف اليهودية، وانحراف النصرانية، ووثنية الجاهلية.

وليس في شيء من بقايا الأديان المحرّفة إتباع لإبراهيم - عليه السّلام- ولا ولايةٌ له، وكل محاولة للمزج بين الأديان بمسمى الإبراهيمية، فإن إبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً منها براء، قال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وقال تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

فملّة إبراهيم - عليه السّلام - هي دين محمد صلّى الله عليه وسلّم التي أمره الله باتباعها، قال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

وكان من أذكاره صلّى الله عليه وسلّم كل صباح: "أصْبَحْنا عَلَى فِطْرَةِ الإسْلاَمِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الإِخْلاَصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ".(1)

إنَّ دعوة مزج الأديان وتوحيدها لا يمكن أن تنطلق من المؤمنين الحقيقيين بأي دين؛ فالنصارى لا يمكن أن تتحد كنائسهم المختلفة فضلاً عن أن يتّحدوا مع دين آخر غير دينهم، واليهود لم تتّحد طوائفهم فضلاً أن يتّحدوا مع غيرهم من الأمم، والمسلمون لا يمكن أن يمزجوا بين توحيد وشرك، وإسلام وكفر.

ولكن المطلوب بين أهل الأديان هو التعايش، والتعاون على الحق المتفق عليه {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

وكما قال صلّى الله عليه وسلّم عن كفار قريش: "لا يَدعوني اليوم إلى خُطة يعظّمونَ فيها حُرمة، ولا يَدعوني فيها إلى صِلةٍ إلا أجًبتهم إليها".(2)

وقال عن حلف الفضول - وهو حلف قبل الإسلام على نصرة المظلوم على من ظلمه-: "لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبّ أَنّ لِي بِهِ حُمْرَ النّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْت".(3)

ومساحة التعايش والتعاون واسعة بين الأسرة البشرية كافة من غير عبث بالأديان ولا انسلاخ عن شيء من أسس الملة وقواعد الدين المحكمة، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

 

مراجع الحلقة السادسة والتسعون بعد المائتين:

(1) مسند أحمد، رقم (15364)، وقال محققو "المسند": "إسناده صحيحٌ على شرط الشَّيخين"؛ صحيح وضعيف الجامع الصغير"، الألباني، رقم (8803).

(2) مصنف بن أبي شيبة "الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار"، ابن أبي شيبة، تحقيق: كمال يوسف الحوت، (36855).

(3) السنن الكبرى، البيهقي، (13080).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022