الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

(وفاة إبراهيم عليه السلام وقبره)

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 299

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1444ه/ مايو 2023م

 

توفي إبراهيم عليه السلام في فلسطين في عمر يناهز 175 عاماً، حوالي 1821 ق.م وقيل غير ذلك، وتضاربت الروايات التاريخية، وقيل دفنه ولداه إسماعيل وإسحاق عليهما السّلام، حيث دفنت زوجته سارة في قرية أربع في حبرون "أو جبرون"، وهي مدينة خليل الرحمن اليوم.(1)

ويبدو أن الروايات التاريخية تأثرت بالإسرائيليات التي دخلت على المسلمين، ومن الشعبيات التي يتناقلها الناس جيلاً بعد جيل ويرددونها من غير وعي أو شعور وأن الباني الحقيقي لهذا السور - المضروب على قبر إبراهيم- هو شخص يقال له "هيرودوس" الأدومي، وقد كان ملكاً على فلسطين مؤيَّداً من قبل الرومان.(2)

وتذكر المصادر أن أول من اتّخذ القبر مكاناً للعبادة هم الرومان بعد أن اعتنقوا الديانة المسيحية، حيث سقفوا جزءاً كبيراً من السور، وفتحوا من الجدار باباً صغيراً ضيقاً، وصار مكاناً للعبادة وحصناً منيعاً عند الحرب.(3)

ثم تعاقب عليه اليونان والفرس وغيرهم، إلى أن فتح المسلمون فلسطين في السنة الخامسة عشرة للهجرة، ونظروا إليه باحترام، ولم يكن أحد منهم قد اتّخذه مسجداً إلى حدود المائة الرابعة، ويقول ابن تيمية في أوّل من اتّخذ قبر إبراهيم مسجداً: وقد كانت البنية التي على قبر إبراهيم - عليه السّلام- مسدودة لا يدخل إليها إلى حدود المائة الرابعة، فقيل: إنَ بعض النبوّة المتصلان بالخلفاء رأت في ذلك مناماً، فنُقبت لذلك وقيل: إنَّ النصارى لما استولوا على هذه النواحي نقبوا ذلك، ثم ترك ذلك مسجداً بعد الفتوح المتأخرة.(4)

وتعاقب المسلمون على هذا القبر في جميع العهود، ففي العهد الأموي بقي المقام على ما هو عليه، وفي العهد العباسي أظهر قبر يوسف عليه السّلام، وفي العهد الأيوبي أحضر المنبر الموجود إلى اليوم في مدينة عسقلان، وفي العهد المملوكي أضيف إليه الكثير من الزخارف.

وفي العهد العثماني زُيّن بالرقوم الحجرية والكتابات والبيارق المختلفة، وخضع القبر للحكم الصليبي قبل الأيوبيين، وللحكم البريطاني قبل الأردنيين، وهو الآن تحت حكم الإسرائيليين حيث جعلوا منه قسماً كنيساً، وهو الآن مسجد وكنيس تؤدَّى فيه الصلوات لليهود والمسلمين تحت سقف واحد، وفوق المغارة التي دُفن فيها نبي الله إبراهيم {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ]البقرة:148[.(5)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما قبور الأنبياء، فالذي اتّفق عليه العلماء هو قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإن قبره منقول بالتواتر، وأما قبر الخليل فأكثر الناس على أن هذا المكان المعروف هو قبره وأنكر ذلك طائفة، وحكي الإنكار عن مالك، وأنه قال: ليس في الدنيا قبر نبي يُعرف إلا قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم.(6)

وقال حين سُئل عن قبور الأنبياء: هل هي هذه القبور التي تزورها الناس اليوم؟ القبر المتفق عليه هو قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم وقبر الخليل عبيه السّلام فيه نزاع، لكن الصحيح الذي عليه الجمهور أنه قبره.(7)

 

مراجع الحلقة التاسعة والتسعون بعد المائتين:

(1) شرعة الله للأنبياء، محمد مصطفى الزحيلي، ص42.

(2) قبر الخليل عليه السلام وبيان ما فيه من "البدع"، عرض ونقد، حافظ محمد حيدر الجعبري، ص240.

(3) المرجع نفسه، ص240.

(4) قبر الخليل عليه السلام وبيان ما فيه من "البدع"، حافظ محمد حيدر الجعبري، ص240.

(5) المرجع نفسه، ص241.

(6) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، (27/444-445).

(7) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، (27/444-445).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022