من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج1)
(التنصير من أسباب ثورة المقراني)
الحلقة: الخامسة والسبعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1442 ه/ يناير 2021
لقد رأى الجزائريون تساهل وسكوت بعض العسكريين والسلطة في باريس على تصرفات المبشرين في التنصير، استفزازاً لمشاعرهم، فكانت هذه الاستفزازات من الأسباب الرئيسية لثورة المقراني في بلاد القبائل والجزائر عامة.
إن ثورة المقراني انطلقت سنة (1871م) من منطقة أبعد ما تكون عن الكوارث الطبيعية لعام (1868م) وردّ فعل سكانها لم يكن بسبب اقتصادي، وإنما بسبب الغزو والظلم والجور والاعتداء على المقدسات، ففي رسالة الباشاغا إلى الشيخ ابن كابة وكبراء قرية بوجليل ببني عباس، قال بعد التحية: وبعد أن تتوكلوا على الله ورسوله، تقدموا إلى الجهاد لنصرة دينكم عزماً. فلا غرابة أن تكون سياسة التنصير عاملاً في دفع الجزائريين إلى الثورة.
وبالنسبة للكردينال لافيجري رأى أن أسباب الثورة تعود إلى السياسة الفرنسية في الجزائر، التي وضعت القرآن الكريم في مرتبة أعلى من الإنجيل، وإلى مواقف الذين أسسوا مدارس إسلامية بأموال فرنسية، ومنعوا رجال الدين من نشر الإنجيل، فزادوا بذلك من تعصب السكان إلى أن انفجر فأحرق القرى وقتل السكان.
وتشير تصريحات لافيجري أثناء هذه الثورة وما بعدها إلى مساندته المطلقة للعسكريين الذين أخمدوا هذه الثورة، وإلى دور المبشرين الذين لعبوا دوراً في هزيمة المقاومين، ومن أبرز هؤلاء قسيس مدينة باليسترو «الأخضرية حالياً» الذي مات شهيداً من أجل فرنسا، وقد أقام لافيجري قداساً عظيماً في كاتدرائية مدينة الجزائر «كتشاوة حالياً» .
وما يفند ادعاء ـ ما يعرف بالقبائل المسيحية ـ ودهشة هذا الرجل هو تعجبه قائلاً: إن الذين ثاروا ضدنا، ليسوا عرباً وإنما هم سكان قبائل جرجرة وغيرها، ذوي الجذور المسيحية، ثم يناشد السلطة بوضع حد لتعصبهم الديني، والقضاء على الإخوان والمرابطين ؛ الذين استقروا في هذه المنطقة.
لقد عملت ثورة المقراني وغيرها على التأثير على أعمال لافيجري الهشة وإفلاسها، الأمر الذي دعاه إلى طلب الصدقات من المسيحيين المحسنين في كل من أمريكا وبلجيكا وفرنسا، وبتبرعات هؤلاء استطاع لافيجري أن يستعيد قوته لاستئناف الأعمال التبشيرية.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي: