خبيب في مكة (1)
الحلقة التاسعة والثلاثون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
ربيع الآخر 1443 هــ / نوفمبر 2021
- على مـاء الرَّجِيـع:
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من أصحابه في سرية بقيادة عاصم بن ثابت رضي الله عنه، فأسرهم المشركون، فقاتل بعضهم حتى قتلوا، واستسلم ثلاثة منهم تحت العهد والميثاق ألا يقتلوا، وكان منهم خُبيب، فأخذوه وباعوه لبعض المشركين بمكة ليقتلوه بأبيهم الذي قُتل يوم بدر، فأسر خُبيب رضي الله عنه، وكان ينتظر القتل، وفي أسره عبر أي عبر.
- وفاء في وجه الغدر:
جاء في «صحيح البخاري» أن خُبيبًا رضي الله عنه كان قد تهيأ للموت وهو في الأسر، فطلب من صاحبة البيت موسى حتى يستحد بها، ويزيل شعره من بدنه، وفي هذه الأثناء تسلل إليه طفل صغير من أطفالهم.
تقول صاحبة البيت: ما إن فقدت الطفل حتى شعرت باللوعة والخوف؛ أين ذهب ابني، فنظرت فإذا هو على فخذ خُبيب، فأصابني ما أصابني، وقلت: السكين في يده، والطفل في حجره، وهو رجل مأسور ينتظر الموت، فلا بد أنه سوف يأخذ بثأره فورًا، ويقتل هذا الطفل بنفسه.
لقد عرف خُبيب ما في نفسها وابتسم وقال لها: أتخشين أن أقتله؟ والله ما كنت لأفعل ذلك.
- شرف الخصومة:
إن أثر هذا الدين في التربية الراقية التي يغرسها في أبنائه ليست من خلال الادعاءات العريضة والشعارات الجوفاء، بل من خلال الممارسة العملية الصغيرة والكبيرة؛ فإن هذا الصحابي الأسير ما أقبل على أي عمل، مع أن العاطفة البشرية قد تحمله على أن يعمل عملًا ما، لكن هذا الدين رباه تربية خاصة بحيث إنه لم يفكر أن ينتقم ويقتل هذا الطفل البريء.
هذا المعنى العظيم يجب أن يجدد اليوم في واقع المسلمين، ويؤكِّد للعالَم أجمع أن هذه القيم العظمى هي قيم الإسلام، وأن المسلمين حتى خلال الحرب كانت وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم إليهم أن لا يقتلوا وليدًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأةً، ولا أصحاب الصوامع... إلى آخر ما هو معروف في وصايا النبي صلى الله عليه وسلم ووصايا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي